هناك ما يسمى في علم السياسة ( سر الوجود ) أو ( العنصر الاساسي أو الهدف الاساسي في السياسة الخارجية للدولة )
مثلا : العنصر الاساسي للسياسة الخارجية الامريكية هو سيادة العالم أي أن يكون العالم تحت قيادة الولايات المتحدة أو مثلاً الصين العنصر الأساسي او الهدف الاساسي في السياسة الخارجية أن تسيطر على العالم من خلال السيطرة على الاقتصاد العالمي .
ومثلا: السعودية العنصر الاساسي في السياسة الخارجية أن تكون هي دولة المحور للخليج والراعية او ام للدول الاسلامية ومن ثم مثال اخر قطر : فان العنصر الاساسي لسياستها الخارجية أن تكون الراعي والحاضن لكل الحركات الاسلامية في العالم وتريد لعب دور مؤثر بين الدول المحيطة بها من خلال علاقاتها بالدول الكبرى .
وكل ما تقدم هو للوصول الى العنصر الاساسي في السياسة الخارجية لسلطنة عمان ، فأن سر وجود او الهدف الاساسي لسلطنة عمان هو ( أن تكون على مسافة واحدة من كل دول العالم ، وأن تكون صديقة للجميع ، وأن لا تعادي أحد ، ولا تكون في حلف مع أحد ضد احلاف أخرى ، وبالتالي تصلح أن تكون ( قناة خلفية للتواصل مع الجميع ) ).
فهي صديقة للولايات المتحدة وصديقة لبريطانيا منذ استقلالها عام 1970م لكن هي نفس الوقت قريبة جداً من ايران الى حد انها خالفت رغبة الولايات المتحدة في فرض عقوبات على ايران وقررت مواصلة علاقتها بإيران بدون انقطاع واستمرت علاقتها بالاتجاهين، وبينما العراق خضع للعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة دون نقاش رغم المصالح الهائلة المرتبطة بينه وبين ايران .
فهي علاقتها جيدة مع السعودية مع وجود خلاف بسيط وفي نفس الوقت تتمتع بعلاقة جيدة مع الحوثين حتى قيل انها تغض النظر عن مرور السلاح لهم وهذا ما يزعج السعودية ، فهي على علاقة بكل الدول العربية ومن ضمنها فلسطين وعلى علاقة جيدة مع اسرائيل .
فهي تعتبر نفسها سويسرا العرب
فأنها ترى انها ليس طرف في جميع هذه الصراعات وتكون على مسافة واحدة من الجميع سواء كانوا عرب او عجم او إسرائيليين او أوربيين فهي تريد الحفاض على علاقتها بالجميع وبهذا تحافظ على امنها بالاحتفاظ بعلاقتها مع كل الجهات ، وايضاً الجهات الاخرى قبلت بهذا الدور لأنها تستفيد منه احياناً ، الغريب لم ينتقد احد السلطان في لقائه مه نتنياهو.
فلا توجد ادانه من ايران مثلا للسلطان قابوس بل اكتفت بإدانة الرئيس الاسرائيلي واتهمت بأنه يحاول دق اسفين بين الدول الاسلامية ، أما فلسطين هاجمت الرئيس الاسرائيلي لكن لم يتكلم احد عن سلطنة عمان بكلمة .
سوف نوضح لماذا اختيار سلطنة عمان ولماذا بالوقت الحالي تمت هذه الزيارة ؟ وهل هي من اجل التنسيق بين اسرائيل وفلسطين ام لأهداف اخرى؟
اعتقد أن هناك هدفين في هذه الزيارة المعلن هو التنسيق لاتفاق جديد بين اسرائيل وفلسطين والثاني هو لعب دور جديد سوف نعرج عليه .
الامر الاول : سبقت زيارة نتنياهو زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس وقال وزير الشؤون الخارجية لسلطنة عمان يوسف بن علوي انا سمعنا من الفلسطينيين ونقلنا الى الإسرائيليين فهو يبين دور الوسيط الذي لا يعنيه الامر وهذا الهدف المعلن للزيارة .
أما الامر الثاني : سلطنة عمان كانت تعني بأهمية خاصة من الامريكان والبريطانيين حتى عهد الرئيس اوباما فهي من استضافت اهم مفاوضات سرية بين ايران والدول الاوربية الذي نتج عنه اتفاق مهم للعالم وللمنطقة الذي نقض من ترامب بعد ذلك .
ثم تراجع دور سلطنة عمان لان ترامب لم يكن راغب في اي مفاوضات أو قنوات سرية سواء مع ايران او غيرها ، فهو يعتقد أن هذه المرحلة يجب ان تكون مرحلة الضغط المباشر .
لكن ما حدث الان تغيرت الظروف واسرائيل وامريكا تدرك ان العقوبات لن تكون ابدية ، وبالأخص ان امريكا لا تريد الحرب مع ايران بل تريد تحجيمها وعدم اعتراض مصالح الولايات المتحدة في المنطقة وايقاف التمدد الايراني الذي ينافسها، كما ان اسرائيل ايضاً لا تفكر مجرد تفكير الحرب مع ايران لكن تريد احتوائها او اكتفاء شرها .
ومن ناحية ايران فأن هناك ضغوط شديدة لتيار في ايران بأن تفتح قنوات تفاوض لحل الكثير من الإشكاليات العالقة .
فان اسرائيل تسعى الى مد قناة خلفية مع ايران لأنها المصدر الوحيد للقلق في المنطقة فأن العرب تم التطبيع معهم ولا تعتقد اسرائيل انهم يشكلون أي خطر في الوقت الحالي ، وان هذا الوقت مناسب جداً للحصول على مكاسب اكبر من طهران وسوف نرى التخفيف في العقوبات الايرانية متقبلاً .
ومن ناحية اخرى يرى البعض ان عمان منذ استقلالها عن بريطانيا اتخذت سياسة اقرب الانغلاق والعزلة الى تقليص دورها حتى اصبحت تأثيرها محدود بل أقرب الى السلبي فيرى البعض فماذا تمتلك عمان الان حتى تؤثر في ما حولها ؟
لقد اصبحت باحة خلفية للحوار بين المختلفين ، لكن دون تأثير وكان مراقبين يتمنون ان تكون عمان مؤثرة كسابق عهدها ( سيدة بحار العرب )
ما هو الافضل لعمان أن تكون سويسرا العرب ام سيدة بحار العرب ؟