18 ديسمبر، 2024 6:53 م

الى الشاعر الكبير الراحل (عبد الوهاب البياتي)

• لقاء في “ليماسول”

في باحة فندق تعتليه لافتة عريضة
تتوزع أشجار الزان
رواق المؤدّى
والندى
يلوذُ بوريقات الآس
يتوزع ثناياها
يحال محض قطرات
تتغنج ، تتلوى، تتسع
في عينيّ غبش، ورؤى
وخيوط من نور،
تنسج خيالات اغترابي
خلف أكمة الممر، يعولُ القلب
مثل ، مواء خفي،
مثل نعيب
يؤبن رحيلا جديدا
لعينٍ لم تعد حمأة
تهوم ، خجلى، للرباب المضطرب ثقلا، بأفق ينازعُ الغسق
في الزجاج المضبب
ألمح ظلي المنكسر
ينوء بي، يغافلني ، يتلاعب بي ، يستكين، ينتقض
يتناغم وهدأتي المفقودة
يدنيني فأقصيه
يقصيني وأدنيه
يحاول التملص مني
تارة، وتارة يلتصق بي
لم اعرف ان للدفء في هاذي الربوع
وجود مبجل
في الحنايا، ان لم تفسح له اقتحاما، يتسلل
كأنه يقامر بي، على طاولة الغربة
يقتلني البرد، بذؤابات متمردة تتأرجح على معاطف النساء
وقبعات تنسابُ منها كشلال
وسيقان تمر مسرعة
تبرق بين الثياب
جوعي يميزها رغم الضباب
والزجاج المظلل الكابي
ينفرج عنه فجأة
ورأيته ( قامة من الشعر)
بلونه التمري، وسحنته المحببة
بالذي يأتي ولا يأتي
….
تشظى الزجاج الكابي
في خطاه، تناثر
منائر
وقباب
وباص من خشب في أروقة بغدان
كان يرتسم في كلماته :
“” مُدنٌ بلا فجرٍ تنامْ
ناديتُ باسمكَ في شوارعِها ، فجاوبني الظلام
وسألتُ عنكَ الريحَ وهي تَئِنّ في قلبِ السكون
ورأيتُ وجهَكَ في المرايا والعيون
وفي زجاجِ نوافذِ الفجرِ البعيدْ
وفي بطاقاتِ البريدْ
مُدُنٌ بلا فجرٍ يُغطّيها الجليد
هجرتْ كنائسَهَا عصافيرُ الربيعْ
فَلِمَنْ تُغَنِّي ؟ والمقاهي أوصدتْ أبوابَهَا
وَلِمَنْ تُصَلِّي ؟ أيها القلبُ الصَّدِيع
والليلُ ماتْ
والمركبات
عادتْ بلا خيلٍ يُغَطِّيهَا الصَّقِيع
ونحنُ مِنْ مَنْفَى إلى مَنْفَى ومن بابٍ لبابْ
نَذْوِي كَمَا تَذْوِي الزَّنَابِقُ في التُّرَاب””
………………………………….
* ليماسول : مدينة قبرصية ومن أجمل مدن الجزيرة الواقعة في البحر الأبيض المتوسط بالجانب اليوناني
** الكلمات المحصورة بين “” “” للبياتي