نحن امام حدثين مهمين اليوم:
– الصدر يلتقي بالعبادي ويعلن رفضه للاعتداء الذي حصل في احتفالية حزب الدعوة في البصرة
– الحكيم يتوجه مساء اليوم لمنزل سليم الجبوري ليلتقي بالسنة لبحث التسوية.
الملاحظة الاولى بموضوع لقاء العبادي بالصدر، هي انها اشارة الى بدء التيار الصدر بالالتفات في المرحلة الحالية الى التحالفات المقبلة للتحضير للانتخايات، وربما ترك او تأجيل المواقف المثيرة التي انتجت حرب ربما يراها البعض معلنة بين جناح المالكي والتيار الصدري، والتي تكللت بعزم جناح المالكي توجيه ضربة للتيار من خلال استجواب الشخصية المهمة والمقربة من الصدر ، وهي محافظ بغداد علي التميمي.ان تطرق الصدر لموضوع التسوية خلال اللقاء، وتجديده لموقف التيار بانه “لا تسوية مع القتلة وعلى حساب دماء الشعب”، يعني اهتماما جديدا منه بهذا الموضوع، اذ ان موقفه هذا لا يعني رفضه للتسوية انما امكانية دخوله فيها مع وجود شروط معينة لقبولها.لكن من هي الاطراف التي يعتبرها الصدر (قتلة) للشعب العراقي؟ ربما هي ليست نفس الاطراف التي يتخوف منها ائتلاف المالكي من دخولها للتسوية، مثل الهاشمي والعيساوي والعلواني واثيل النجيفي، ربما يضاف اليها المالكي نفسه الذي حمله واتباعه مرارا وتكرارا مسؤولية اقتحام داعش للموصل وارتكاب مظالم بحق الشعب، كما عبر الصدر واتباعه في مناسبات سابقة.
وان صح هذا الرأي فان الصدر قد جدد رفضه للصلح مع المالكي، فضلا عن العبادي (وحسب تأثيره على المالكي)، لا يصلح ان يتقمص دور الوسيط بين المالكي وبين الصدر، بل ان بُعد الصدر عن المالكي يعد بالنتيجة قرب الصدر منه، وهذا الامر ربما يؤكد ان الطرف الحليف للصدر في الانتخابات المقبلة من حزب الدعوة هو جناح العبادي وليس جناح المالكي.
ووفق هذا المشهد ، فان صورة التحالف الوطني في الانتخابات المقبلة سوف لن تتغير جذريا ، اذ سيكون دولة القانون صاحب الاغلبية فيه والمنتشي بقوى (الحشد الشعبي)، طرف قوي فيه، في حين ان الطرف الاخر سيكون تحالف مقابل هذا التحالف يضم العبادي والصدر والمجلس الاعلى برئاسة الحكيم.
بالتأكيد ان التيار الصدري يملك قاعدة جماهيرية كبيرة تدين بولاء منقطع النظير للصدر، وكذلك المجلس الاعلى الذي يملك قاعدة ايضا تدين بالولاء للحكيم، لكن هذه القواعد الجماهيرية لن تنقص من التأييد الجماهيري الكبير الذي يملكه المالكي الذي دعم بالتأييد الكبير للحشد الشعبي الذي اصبح المالكي الوجه السياسي له الجدير بتمثيله في المحافل السياسية.
الا انه فيما يبدو ان النقطة التي يعول عليها كلا من العبادي والحكيم في هذه المعادلة هي موضوع التسوية السياسية، فاضافة الصدر اليها تعد نقطة قوة جديدة لهذا التحالف، والتي اتت بالتزامن مع توجه الحكيم (الذكي) الى الدول العربية لاقناعهم (واظن انه نجح بهذا)، فضلا عن توجهه اليوم الى ممثلي السنة في منزل الجبوري لاقناعهم فيها.
اذا استطاع الحكيم (الذي يعتبره السنة الطرف المعتدل)، اقناعهم بالتسوية فالتأكيد انه سيؤسس ارضية مناسبة ليكونوا طرفا حليفا له وللعبادي والصدر بعد الانتخابات المقبلة.
لكن هذه الصورة لن تكون مثالية بالكامل ، لان السنة اساسا منقسمين على انفسهم ويعانون من عدم وجود او الاتفاق على مرجعية سياسية ودينية تمثلهم، ما يعني ان التيار السني الذي ما زال ينتقد سياسة المالكي القديمة لن يعاني من التوجه لتحالف العبادي – الصدر – الحكيم، لكن هناك سنة يفضلون التوجه الى المالكي الذي يعتبروه قويا سياسيا جديرا بان يحقق لهم امكنة مرموقة بالحكومة المقبلة التي ستنتجها الانتخابات، مثل سليم الجبوري وصالح المطلك والكربولي. هذا فضلا (وكما متوقع) ان تظهر قيادات سنية جديدة رفيعة في المحافظات الغربية من التي ساندت الحشد الشعبي الذي يمثله المالكي.
وهذا الامر ما يترجم اصرار جناح المالكي على ضرورة تشكيل اغلبية سياسية ، حيث سيعول عليها من خلال التحالف مع قوى سنية اخرى لتشكيلها، على اعتبار انه سيكون غير قادر على تشكيلها بمفرده.