القماط ماتُشدّ به لفائف الطفل عند الولادة ، واللفائف والقماط يشكلان معاً ثنائياً غريباً ومتناقضاً في النتائج ، ففي وقت يفترض بالقماط ان يحافظ على استقامة عظام الطفل وشدّ ظهره وهو مازال طرياً ، فإنه يقيده ويمنعه بالتالي من تحريك جسمه الغضّ بحرية ما قد يعيق نموه الطبيعي ، خاصة اذا استمرالربط بأكثر مما ينبغي ، لذا تسارع الأمّ الى فكّ القماط وتحرير الطفل ليعود الى ممارسة حركته بحرية ، اما اللفائف ، فهي تمتص البلل الناتج عن إفرازات الطفل ، لكنها اذا استمرت من دون تغيير ، تسببت بأذى لجلد الطفل ذاته من حكاك واحمرار وتقرح تجعل الطفل دائم الصراخ من تلك اللفائف الى حين تغييرها ، وبالتالي اما تنظيفها وتجفيفها لاعادة استعمالها ثانية ، أو رميها لانتفاء الحاجة إليها .
بعض من يحيطون بالمالكي اليوم ، يشبهون بالكثير من الأوجه عمل اللفائف عند البعض والقماط عند الآخر ، فهم يلتفون حوله بشكل خانق ، يمنعونه من الحراك ويفسدون عليه حريته في القرار ونموه في السياسة ، لكن الرجل يستخدمهم في بعض الأحيان لتجفيف بلله الناتج مما يمكن ان يقع فيه من أخطاء قد تفرضها الحاجات الطبيعية لإفرازات العمل السياسي ،فيدافعون هنا ويرّدون هناك ، لكنهم في هذه الإثناء وبمفارقة ملفتة ،يجيرون ذلك لصالحهم فتتحول (الإفرازات ) إلى امتيازات ، والامتيازات الى نهم مرضي يجعلهم يزدادون عطشاً وضرواة إلى المزيد، من دون ان يلقوا بالاً الى مايمكن ان تحدثه تلك (اللفائف) من تقرحات وتشوهات في جسد العراق وهي تحيط به وتمسك بخناقه.
ولكي لانتوه المجرّدات،سأذكر بعض نماذج من تلك (اللفائف) ، المحيطة بالمالكي أو المقرّبة منه حدود الإلتصاق ، لم اكتف بالسماع ولا بالمتناقل ، بل من تجربة عايشتها بنفسي وشهدت وقائعها وملابساتها عياناً ،انطلاقاً من تجربة شخصية ، وهي تكشف مدى تعلق هؤلاء بامتصاص الإفرازات – خاصة المالية منها – فباتوا على استعداد لارتكاب أيما سلوك واتباع ايما وسيلة من اجل الحصول على المال.
واحد من هؤلاء(القياديين) قام بتزوير اسم وتوقيع احد الكتاب ، من اجل أن (يأكل ) عليه مبلغاً من المال كان مستحقاً بذمته للكاتب المذكور ، ولشدة غباء ذلك ( القيادي ) أرسل له خطأ ، القائمة المزورة ، لكن المحامي المكلف بالوساطة، قدم رجاءه الى الكاتب من اجل ان لايعرضها على القضاء ، مع الاستعداد لدفع كامل المستحقات التي حاول (القيادي ) إنكارها .
اما (قيادي ) آخر ، فق تسلّم منصباً رفيعاً في دولة عربية ، لم يكن يحلم بمثله كبار أصحاب الكفاءات العراقية الحقيقيين ، ماوفر له امتيازات مادية ومعنوية ضخمة ، لكن الجشع المتزايد دفعه الى ماتمجه النفس من سلوك ، منها انه راوغ طويلاً ولجأ الى الكذب المكشوف، كي ينكر على كاتب ومؤلف ، حقوق ما نشره ذلك ( القيادي ) من مؤلفات للكاتب في دار نشره الخاصّة (1) .
ذكر النماذج لايثير الانتباه ، إذ ان الإدمان على فعل الشيء ، يصبح مع الوقت مألوفاً ، وهؤلاء قد ادمنوا ارتكاب السيئات وانحدورا فيها الى درجة التفنن ، فباتت جزءاً رئيساً من تكوينهم النفسي والسلوكي ، لذا فتلك قصص قد لاتستحق ان تذكر أمام خطايا حقيقة ترتكبها ( اللفائف ) بحقّ العراق وشعبه ،لكن أمثلة من هذا النوع بأدلّتها وشواهدها الحيّة ، انما تكشف المزيد عن نوعية اللفائف التي تحكّ العراق وتملأ جسده بالقروح .
لكن ، كما تحتمّ سلامة الطفل ، تغيير اللفائف بعد اشتداد البلل فيها كي لا تستمر في إيذاء جسمه الغضّ ، لذا لابد للعراق ان يغير هؤلاء كي لا يبقون على حالهم يمتصون المزيد من بلل خيراته ويصيبونه من ثم بالقروح .
(1) تحفظنا على ذكر الأسماء في هذا المقال، مع الاستعداد لفعل ذلك في مناسبة أخرى إذا تطلب الموقف ، مصحوبة بالادلّة والتفاصيل.
– الموضوع القادم : طبول ل (عرس ) الديمقراطية