23 ديسمبر، 2024 8:05 ص

لـمــاذا يحــمــل البعض من قادة الفصـائل المسلــحة الــعــداء للـــعـــبــادي ؟

لـمــاذا يحــمــل البعض من قادة الفصـائل المسلــحة الــعــداء للـــعـــبــادي ؟

تعود الى الاضواء مجددا ، مخاوف اندلاع صراع بين الولايات المتحدة الامريكية ، وايران ، ويستغل البعض من قادة الحشد الفرصة ليوجه التهم لمواقف رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي و يتهمه بانه يقف وراء دخول القوات الامريكية للعراق متناسين الطلب الذي ارسلته حكومة المالكي للادارة الامريكية بعد سقوط الموصل ، و متناسين ايضا الاتفاقية الامنية الموقعة مع واشنطن والتي تجيز لهم التدخل.
ولكن ربما يسال احدهم عن الاسباب التي تجعل ” البعض” من قادة الفصائل ينتقدون العبادي ، وقد يجهل الكثيرين ان هناك عدة أسباب وراء عداء أولئك القادة … ولربما بعض الاسباب معروف و الاخرى مخفية ، وربما السبب الابرز غير المعلن هو ان ” ابو يسر” حاول ايقاف سرقة رواتب المقاتلين من قبل قادة الفصائل واستثمارهم للفوضى لجمع ثروة وفتح فضائيات وشراء عقارات في الخارج ، حيث اتخذ العبادي في حينها سلسلة اجراءات اهمها مشروع توطين الرواتب (توزيعها عبر فيزا كارت لكن المشروع توقف بعهد عبد المهدي ) كما انه اتخذ اجراءات اخرى ايام المعارك كانت تهدف الى حماية متطوعي الحشد سواء بعدم زجهم بالمعارك بصورة عشوائية ام عدم تحركهم دون غطاء جوي يؤمن لهم .. ناهيك عن سعي قادة بعض الفصائل الذين ركبوا الموجة وتحولو الى قادة سياسيين ومشروعهم الذي قايض جهاد المقاتلين ودمائهم بمشاريع سياسية رخيصة ستبقى وصمة عار في جبين اولئك القادة ، وما كان تحالف قادة الحشد مع خميس الخنجر الا مثالا لواحدة من تلك المشاريع التي استرخصت دماء الحشد وتضحياتهم …
ولربما بعد انتكاسة التحالف مع الخنجر ، وفضيحة منح وزارة التربية لعائلة داعشية ، وما تلاها جعل الكثيرين من جماهير الحشد تتألم وتتحسر وتتندم على ما قدموه من مواقف داعمة لقادة الفصائل وحتى ان الكثيرين من الذي فقدوا ابنائهم في معارك التحرير ظهورا عبر الفضائيات وصبوا جام غضبهم على العامري والخزعلي وغيرهم بعد تحالفهم مع الخنجر.
وقد يجهل الكثيرين حقيقة اخرى عن العداء للعبادي وهي ان تبلور فكرة الدولة عند غالبية المكون الشيعي ، بات يسبب صداعا وخوفا مستمرا من الجهات السياسية التي ركبت موجة الحشد من الذين وجدوا ضالتهم بالحشد لتمرير مخططاتهم و نوازعهم المتضمنة تكوين دولة داخل دولة ، و الابقاء على مظاهر الفوضى وانتشار السلاح .. فهم يردون البقاء فوق القانون وهذا ما يرفضه العبادي
ولان العبادي كان يعي تماما ماذا يخطط قادة الفصائل وكيف انهم يستغلون المقاتلين البسطاء الذين لبوا فتوى الجهاد الكفائي ، فقد وضع بعض أولئك القادة خطوطا حمراء على منح العبادي ولاية ثانية وهددوا بالنزول للشرع وحركوا مجاميعهم لحرق الدوائر في البصرة وكما شاهدناه عبر الفضائيات ثم عادوا و تحصنوا بطهران اولا ثم بنوري المالكي الذي يحمل كما هائلا من الضغينة للعبادي لانه فشل فيما نجح ابو يسر ادارة الدولة بنحو كبير ..
لذلك كان هناك صراعا في تشكيل الحكومة ..
بين الدولة والفوضى ..
صراعا بين بناء دولة مواطنة ، وبين بناء دولة مغانم ومكاسب وتوزيع الوزارات
وهذا ظهر وضحا تماما للعيان خلال هذه الفترة .
ولا ينكر احد بان رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، الذي على الرغم من انتمائه لتيار إسلامي سياسي شيعي، تأثر بمكوناته البغدادية التي جعلته أقرب إلى مفهوم الدولة الوطنية الجامعة القادرة على حماية خصوصيات مكوناتها، من دون الحاجة إلى اللجوء إلى الهويات الفرعية أو الخصوصيات المذهبية.
ان ما أنجز في عهد العبادي، ودعم زعيم التيار الصدري له، وما يملكه التيار باعتباره يمثل التغير الأفقي الأوسع الذي يمتلك خصائص شعبوية ، تعبر عن شرائح كبيرة من المجتمع الأهلي العراقي، وجمهور واسع من الفقراء، جعلت من اتجاه العبادي و الصدر والحكيم يشكل القوة الشعبية القادرة على حشد الجماهير، وتحريك الشارع والعمل على بناء دولة ولو بنحو يسير ، تلك القوة الثلاثية كانت تهدد وجود المشروع الطائفي والمليشاوي .. وكانت تترقب انضمام قوى سياسية اخرى فاعله …ولكن ربما وأد المشروع واسدل الستار عليه من خلال عباءة الولي الفقيه وتدخل بثقل كبير لدرجة انه ارسل نجل لاقناع الصدر بعدم التمسك بالكتلة الاكبر وترشيح عبد المهدي وكان لهم ما ارادوا …
الوطن اليوم يستشعر بالخطر ومشروع بناء دولة قائمة على الهوية الوطنية وفكرة الحفاظ على الدولة في مواجهة المشروع الطائفي الفوضوي قد يكون انتهى ، فالكلمة الاولى لغاية الان لمنطق قوة السلاح وليس لشيء اخر وما تحقق في السنوات الماضية سيكون بمهب الريح ما لم يتدارك العقلاء ويعيدوا الوضع الى مساره الصحيح ..!!