18 ديسمبر، 2024 10:00 م

لغز الانتخابات العراقية

لغز الانتخابات العراقية

جمعة مباركة, هكذا تقافزت الرسائل عبر وسائل الاتصال صبيحة اليوم, مما جعل الآمال تكبر في النفس بيوم مختلف, خرجت مبكرا لزيارة شارع المتنبي, ووجدت صديقي الشاعر احمد عواد وبين يديه رواية نحيب الرافدين, لكن كان هو في عالم ثاني, غارق في أفكار بعيدة جدا عن جغرافيا شارع المتنبي؟! فصحت به: يا احمد أين وصلت؟ انتبه من غفلته وضحك, وسلم علي, فسألته ما الذي يشغله, فقال:

– الحقيقة ليس ما يشغلني سطور هذه الرواية, لكن بقيت ساعات قليلة عن الانتخابات, وأنا الى ألان حائر لا اعرف من الذي سأختاره في الانتخابات؟

فقلت له : الأمر ليس بهذا التعقيد, ابحث عن شخص تعرفه يكون نزيه وكفوء, واختاره, بدل الأصنام الكافرة التي جعلت حياتنا “نكد في نكد”, فتعجب من ردي كثيرا, وقد عرفت هذا من تعابير وجه, وضع الكتاب جانبا وقال لي:

– لقد وجدت الكثير من الشرفاء, لكن هم داخل قوائم يقودها أصنام المرحلة السابقة, أي أن هذا الشريف سيكون تابع لقائد الكتلة أو القائمة, وهي أصنام جربنا فسقها وفجورها وفسادها وخيانتها, فيعني أننا بانتخابنا وجوه جديدة قد بدلنا أدوات قادة الكتل, ولم نغير أصل الموضوع, فالعلة كل العلة بقادة الكتل والقوائم, وهم فقط وليس احد غيرهم من ضيع أحلام العراق, وإذا فازت الوجوه الجديدة فسيتقاسمون الدولة مجددا, مستخدمين أدوات جديدة وجوه غير مجربة للضحك على الجماهير, تحت عنوان المجرب لا يجرب, واعتقد لتحقيق العدل والخلاص من كل المحن كان الأجدى أن يطبق (المجرب لا يجرب) على قادة الكتل, الذين فشلوا جميعا وليس بينهم ناجح, وكل الويلات التي جرت على العراق وشعبه كانت بسببهم, فليس من العدل والمنطق تطبيق هذه القاعدة على الأدوات القذرة, التي استخدمت طيلة 15 عام من قبل قادة الكتل.

الحقيقة كلام الشاعر احمد كلام دقيق جدا, فقضية الانتخابات مع بقاء القادة السياسيين, يعني دوام محنة العراق, لأنهم هم سبب كل ما جرى, والحقيقة من يريد تطبيق قاعدة (المجرب لا يجرب) يجب أن يقصي القوائم التي يقودها الرموز الحاليين للعملية السياسية الفاسدة, لكن السؤال الاهم ألان من ننتخب؟ لان حتى هذه القوائم الصغيرة متفقة مع القوائم الكبيرة على تحالفات مستقبلية, انه لغز كبير, ومهما فعلنا لن نغير, فاللعبة “مسبوكة” تماما مثل لعبة (الدومنة) عندما تربط من الاتجاهين, فلا سبيل للانعتاق من سطوة الأصنام حاليا ضمن اللعبة الديمقراطية الحالية.

الحل كان ممكن لو دعمت المرجعية والصالحون قائمة جديدة بقيادة جديدة, تدخل الانتخابات وتنافس كل القوائم فيختارها الشعب بديل كل القوائم الحالية, فتسقط الأصنام جميعها, ويحكم العراق قادة جدد تحت مظلة المرجعية الصالحة, لكن لا اعلم لماذا يطرح هذا الحل! الذي كان من الممكن أن يخلصنا جميعا من سطوت الفاسدين, تلك الطبقة السياسية العفنة المتحكمة بالعراق حاليا.