على العراقيين جميعا الإعتراف بعجزهم عن إجادة اللغة العربية لأن قواعدها تشكل كابوسا للناطقين بها وإن نسبة مجيديها لاتتعدى الواحد بالألف !
لقد عجزت المدارس العراقية في كافة مراحلها الابتدائية والمتوسطة والاعدادية وحتى الجامعة عن إيجاد طريقة مناسبة لإيصال النحو العربي الى الدارسين وهذا ماانعكس سلبا على كافة الطلبة وأصبح الطالب العراقي خريجا وهو لايستطيع كتابة جملة واحدة خالية من الأخطاء الإملائية والنحوية وان حال المتخصصين فيها لايختلف كثيرا عن غير المتخصصين فهم جميعا بالأخطاء شركاء ولسان حالهم يقول ” طبيب يداوي الناس وهو عليل ” !
معلم إختصاص لغة عربية لايستطيع كتابة عنوان الدرس بصورة صحيحة وكذلك المدرس والإستاذ الجامعي ؛ ولو كانوا عكس ذلك لما رأينا هذا الكم الهائل من الاخطاء التي تكشفها يوميا وسائل التواصل الإجتماعي ! التي باتت تعبر عن المستوى التعليمي لصاحب الصفحة ومدى إجادته للغته
أنا أحد الطلبة الحائز على شهادة الدبلوم ومن ثم البكالوريوس أعترف بأني تخرجت من جميع مراحلي الدراسية وأنا لاأجيد لغتي بصورة معقولة ولولا القراءة المستمرة في الكتب الخارجية والروايات العالمية وإصراري على تعلم اللغة لما أستطعت ان اكتب هذا المقال بهذه الصورة
إننا أمام مشكلة حقيقية تعصف بحاضر ومستقبل الأجيال العراقية ولااحد يريد أن يطرح هذه المشكلة من أجل المساهمة في وضع الحلول المناسبة لها لان المسؤولين مصابون أيضا بفقدان صواب اللغة وهذا مايظهر علنا في خطاباتهم الرسمية وغير الرسمية فحين تريد الحصول على كمية كبيرة من الاخطاء اللغوية فما عليك الا التفرج على احدى الفضائيات العراقية التي تبث لقاء مباشرا مع مسؤول عراقي عندها تحكم على لغة المسؤولين !
أما لغة الإعلاميين العراقيين فحدث ولاحرج فهم مبدعون في الاخطاء ومصرون عليها من دون العمل على تحسين لغتهم التي تعتبر اجادتها من أولويات عمل الاعلامي المهني وهذا ما جعل المشاهد العراقي يبتعد عن مشاهدة القنوات العراقية بسبب ضعف لغة مقدمي البرامج والمذيعين العاملين في قنواتنا وهذه حالة عامة لايحاسب عليها الاعلامي لان هذه القنوات تابعة لاحزاب سياسية لاتعمل بأسس المهنة بل تعمل على أساس الولاء والطاعة لقائد الحزب ومدير القناة والعلاقات العامة مع المؤثرين في القناة ؛ كذلك لم تسلم نقابة الصحفيين العراقيين من هذه المشكلة فنقيبنا هو النقيب الوحيد الذي لم يكتب مقالا يوميا وإن كتب في الفيس بوك أو تويتر فلم تسلم منشوراته من تلك الأخطاء ! ومع هذا كله لايعترف الاعلاميون بهذه الاخطاء ويتعبرون انفسهم منزهين منها ويهاجمون عامة الناس حين يخطأ أحدهم خطأ بسيطا !
كذلك لم تسلم اللغة العربية من المعممين ورجال المنابر الدينية فهم أيضا يرتكبون أخطاء كارثية على رغم دراستهم للعديد من كتب اللغة العربية فكيف يخطأ رجل القرآن في لغة القرآن ؟
حين عجز شعراء الفصحى عن تقديم قصائد عمودية مضبوطة نحويا وملتزمة بالقافية توجهوا الى الشعر الشعبي الخالي من تلك القواعد وحين عجزت بعض وسائل الاعلام العراقية عن اجادة اللغة العربية الفصحى راحت تبحث عن مخرج يساعدها في الهروب عن مأزق اللغة فوجدت ” العامية و الشعبية والمحكية ” لتبث بها تقاريرها وواحد من أهم البرامج السياسية العراقية واكثرها مشاهدة يبث بلغة شعبية لاتمت للغة العربية بصلة !
هذا المقال جاء بسبب إنتشار صورة لطالبة عراقية تحمل لافتة مليئة بالأخطاء الإملائية تداولها ناشطون على إنها حالة فريدة وغريبة وهذا تسطيح للمشكلة ومحاولة للهروب من الواقع المأساوي الذي تعيشه اللغة العربية خصوصا في المجتمع العراقي منذ انتكاسة التعليم على يد البعثيين الذين بفضلهم وصل راتب المعلم العراقي الى أقل من ثلاثة دولارات في الشهر وعدي صدام حسين يحصل على اعلى الشهادات العلمية من دون أن يحضر محاضرة واحدة ! ولم يعمل النظام العراقي بعد 2003 على تحسين مستوى التعليم بل ظل الوضع كما هو عليه
اليوم عندما اتكلم مع المواطنين بلغة عربية فصحى أصبح سخرية بينهم انهم لايريدون هذه اللغة بل يريدون الحديث بلغة ” اللغوة العربية ” المتداولة بينهم !
[email protected]