نسمع كثيراً ونقرأ في الكتب إن بعض الدول يتكلم أبناؤها بمئات اللغات وهذا شيء طبيعي .
ونسمع بدول أخرى فيها من الأقليات ما يجعل أبناؤها يتكلمون بعشرات اللغات وهذا أيضا شيء طبيعي .
ولا اعتقد بل أكاد أكون جازماً انه لا يوجد بلد في العالم يتكلم أبناؤه لغة واحدة ، وهناك من الأشخاص من يتكلمون عدة لغات في البلد الواحد .
وهذا يفسر لنا إن تعدد اللغات ناتج عن تعدد الحضارات وتعدد الأديان والطوائف والاتجاهات والأفكار وكذلك تعدد القيم الإنسانية .
وفي الجانب الآخر نجد هناك لغة واحد يفهمها كل العالم رغم اختلاف الأوطان والبلدان والقوميات والطوائف والأديان واللغات .
فلغة الموسيقى واحدة ، ولغة الحب واحدة ، ولغة الجمال واحدة ، ولغة الفن واحدة .
أذاً للجميع لغات .. إلا الإرهاب فان لغته تختلف عن كل اللغات الإنسانية واللغات الحية .
فهي لغة يتبرأ منها حتى الشيطان لأنه لا يعرف إلى من ينتمون ولا كيف يفكرون !.
أن هذا يعود بنا إلى يوم خلق الله أبونا أدم (عليه السلام ) وزوجه فجاء إليهما إبليس متظاهراً بالزهد والتقوى ليخدعهما ويضلهما قائلاً لهما ( أني لكما من الناصحين ) فلما أضلهما وخدعهما قال (أني بريء مما تفعلون ) .
فكل واحد من هؤلاء الإرهابيين يمثل إبليس في حالة الخداع والضلالة .
رغم أنهم لا ينتمون إلى دين أو طائفة أو مذهب أو أي شيء أخر ، أنهم ينتمون إلى الموت فقط لا غير، فهم قتلة من طراز خاص .
صحيح قد يكون القاتل كردياً أو مسيحياً أو شيعياً أو سنياً إلا أنهم في الحقيقة عراة عن كل هذه الانتماءات وإنهم لا ينتمون إلا إلى ملة واحدة فقط
تلك هي التي تكره الحياة ، وتحقد على البشر ، وتعشق الموت ، ولا تحب السعادة للناس بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية والقومية والمذهبية والسياسية .
فالأنفجارات والقتل والاغتيال لم تطل فئة دون أخرى ، بل شملت جميع مكونات الشعب العراقي .
ولكن الأدهى من ذلك نجدهم يبررون جرائمهم بحماقات لا تنطلي إلا على أصحاب العقول الخاوية مثلهم .
فهم يعلنون بعد كل عملية تفجير جبانة بأنهم استهدفوا وقتلوا المئات من المذهب الفلاني وكأن الرصاص والشظايا عالمات بما يحمله الإنسان من مذهب ، فأي سخف هذا الذي به يتمنطقون !.
إن من يقتل الناس بسبب انتماءاتهم الدينية أو المذهبية فهو إرهابي لا محالة ، لان القرآن الكريم يقول ( لا أكراه في الدين ) والرسول الكريم (صلى الله علية وسلم ) يقول ( الناس سواسية كأسنان المشط ) ومولانا وسيدنا أمير المؤمنين علي أبن أبي طالب ( سلام الله عليه ) يقول ( الناس صنفان . أما أخا لك في الدين أو نظيراً لك في الخلق ) .
وكذلك فان الذي يقتل البريء بجريرة المجرم ( المفترض ) فهو إرهابي ، لان القرآن الكريم يقول ( ولاتزر وازرة وزر أخرى ) ، والرسول الأعظم ( صلى الله عليه وسلم ) يقول ( المسلم للمسلم حرام ماله ودمه وعرضه ) .
وعلى هذا الأساس نجد إن الرسول الكريم (ص ) لم يقتل مشركاً أو يهودياً أو نصرانياً أو منافقاً في دولته في المدينة المنورة بسبب انتماءه ، بل كان يحاسب من يعتدي على الآخرين بالقول والفعل ، وهكذا ارتقى بمكارم الأخلاق ،فأين أولئك الأتقياء من هؤلاء الأشقياء ، ولكن لا حياة لمن تنادي .
والغريب العجيب في آمر هؤلاء ألقتله ، بل أسوء ما بهم إن رسالتهم القذرة التي ينعقون بها جهارا تحمل عناوين وأسماء مقدسة ، يوظفونها لإضفاء الشرعية على أعمالهم الجبانة والمخالفة للدين والعقل والمنطق .
وما علموا إن هذه العناوين كانت هي السبب في افتضاح النهج اللا أخلاقي واللا إسلامي الذي يؤمنون به ، بل كانت هذه العناوين والأسماء هي القشة التي قصمت ظهر الفكر الذي ساروا عليه وامنوا به .
فقد تعرت الأهداف ، وانفضحت النوايا ، وتوضحت المقاصد ، مثلما تعرت الأساليب التي يمارسون بها إعمالهم الدنيئة تلك .
ولكن يبدو إن الغرور قد أخذ مأخذاً من العقول الخاوية أصلاً ووصل إلى حد ظن هؤلاء الجهلة إنهم يخاطبون أقواماً أو أمما لا تفقه في الدين والدنيا شيئا.
، كما ليس من الإنصاف القول إنهم لا يعلمون ما يفعلون !، كلا .. فهم يعلمون ما يفعلون ، نعم يعلمون وبقصد ، إن ما يقومون به هو تشويه لسمعة الدين وتحريف لأهدافه وتقويض لمقاصده .
وبذلك يحملون الدين كل ما هو براء منه ، فيسمون أنفسهم تسمية الدين وعناوينه وصفاته .
وهو نوع من أنواع الغش والخداع والتعميه والتضليل والدعاية السوداء وغسل الأدمغة الذي يستهدف استغلال الدين لتنفيذ مآرب شيطانية سيئة .
وما علموا أن ما يفعلونه ما هو إلا بداية النهاية لقوم فسقوا وعاثوا فساداً في الأرض فمكن الله القوم الصالحين على القوم الفاسدين فردوهم إلى نحورهم خاسئين ،
فبأي لغة يتكلمون وبأي منطق يفكرون ؟ ألا لعنة الله عليهم وعلى أسيادهم أصحاب اللحى الكثة والسراويل القصيرة ، ومن والاهم من حكامهم وأمراءهم ومن شيوخ الرذيلة والفسق ، أن موعدهم جهنم خالدين فيها بإذن الله .
يوم لا ينفع ما غرروا به من غداء أو عشاء مع الرسول ، لان رسول الله سيكون أول من يتبرأ من هؤلاء القوم الفاسقين .
إن العقول التي نمت على مجانبة الحق وارتضت بالباطل سبيلا هي العقول التي تحتاجها جهنم وقوداً لها .
أما الضحايا الأبرياء فهم من الشهداء وبمنزلة الصديقين عند رب مقتدر كريم ،
فسلامٌ على ضحايا الإرهاب يوم ولدوا ويوم استشهدوا ويوم يبعثوا أحياء في مقعد صدقٍ عند مليك مقتدر.