21 ديسمبر، 2024 5:20 ص

لعن الله المضيرة … ووعاظها

لعن الله المضيرة … ووعاظها

الزهد من الدنيا وزبرجها، كلف الإمام علي (ع) مشاكل جمة ومتاعب كثيرة فكانت مواقفه الفعلية تطبيقاً لخطابه الذاتي الموحد الواضح بصدق تعامله مع الدنيا الي طلقها وهي تتوسل به لنيل رضاه فيخاطبها قائلاً لها)): إليكِ عني يا دنيا.. فحبلك على غاربك، قد انسللت من مخالبك، وأفلتّ من حبائلك، واجتنبت الذهاب في مداحظك، أين القرون الذين غررتهم بمداعبك! أين الأمم الذين فتنتهم بزخارفك، هاهم رهائن القبور، ومضامين اللحود ((كانت مائدة طعامه الزهيدة نوع واحد هو انعكاس لسلوكه وأفعاله التي كان يتصرف بها مع الأمة فيقول:{ ألا وانّ لكلّ مأموم إماماً يقتدي به ، ويستضيء بنور علمه ، ألا وإن إمامكم قد اكتفى من دُنياه بطمريه، ومن طُعمه بقُرصيه، ألا وإنكم لا تقَدِرون على ذلك ، ولكن أعينوني بورع واجتهاد ، [وعِفّة وسَداد ؛] والله مـا كنـزت من دنياكـم تبراً، ولا ادّخرت من غنائمها وفراً،ولا أعددت لبالي ثوبي طمراً ، ولا حُزت من أرضها شبراً ، ولا أخذت منه إلا كقوت أتانٍ دبرةٍ } عند علي لا تجد سوى حياة تقشف وزهد معبئة بالثوابت والمواقف المشرفة والمشرقة ,في مقابل ذلك كان من يلهث وراء أكلة المضيرة فأنها لدى من يسرقون قوت الناس وينهبون أموالهم بأسم الدين والالتفاف عليه بعناوين عديدة ,فكانت دالة وعلامة بارزة للباحثين عن قيمتهم بما يخرج من بطنهم ,أن بحثت عنها فلن تجدها الا بموائد الطغاة والفاسدين الذين يدعون الإلوهية على مجتمعاتهم ولكن بغطاء مبرر لهم والخروج عن طاعتهم سيكلف الناس أرواحهم, فكان الاتفاق يقضي بأن من يريدها عليه أن يعظ الرعية بالامتثال لأوامر .
المضيرة : وهي من الأكلات التي اشتهرت على موائد الملوك والأمراء دون العامة وذلك لتكلفتها العالية كذلك صعوبة الحصول على مكوناتها, وهي قديمة قدم التاريخ لكن بدأ صيتها في الذيوع مع قيام الدولة الأموية . المكونات المضيرة :على احد الاقوال هي عبارة عن قطع اللحم المطبوخ بلبن الإبل مع أمعاء البط المحشوة بالمخ قد قلي بدهن الفستق وذر عليه بالطبرزد ومعها قطع من كبد الحوت وصدور اليمام المخلية ويخلط هذا كله بكسرات من خبز الباجيت قد عجن
وخمر بليل وسوي على أحجار الكونجليميرت الملساء وقت الظهيرة تحت أشعة الشمس , ثم يوضع هذا كله في ألبان النعاج والماعز ويضاف إليها تركيبة ذات نسب محددة من الذعتر وورق الغار والكاري مع خليط من التوابل الهندية والشرق آسيوية ذات الرائحة الجذابة الفاتحة للشهية ,ثم تقدم المضيرة وتوضع على المائدة وهي تترجرج في قصعة كبيرة, بمرور الأيام تسربت أسرار هذه الأكلة الشهيرة إلى خارج قصور الأمراء والملوك وصنعها البسطاء وعامة الشعب في بيوتهم ولكن بمكونات أخرى بسيطة ومختلفة بعض الشئ ,وانتشرت وذاع صيتها في بلاد العرب ولكن بأسماء مختلفة , فمثلا عرفت في المغرب باسم ( الثريد ) وفي السعودية والعراق باسم ( الكبسة ) وفي مصر باسم (( الفتة ((هذه الأكلة التي اشتهرت في قصور الملوك والأمراء قديما وتوارثها عنهم الرؤساء والحكام وعرفت باسم (( المضيرة )) استهوت الكثير من التجار والصناع وأصحاب الحرف والعلماء والفقهاء ورجال الدين وغيرهم , وذاع صيتها وانتشرت أكثر بين الشيوخ والفقهاء ورجال الدين حتى كانت لقب أحدهم بها (( شيخ المضيرة )) وكما قلنا فقد اشتهرت هذه الأكلة مع قيام الدولة الأموية في عهد معاوية ابن أبي سفيان الذي كان يأمر بوضعها كطبق رئيسي لكل ضيوفه ومواليه وحتى معارضيه وأن تقدم في قصعة كبيرة وعميقة حيث توضع في وسط المائدة بعيدة قليلا عن ايدي الضيوف حتى يجتهدوا في الوصول إليها ويغوصوا فيها بسواعدهم ليستخرجوا من أعماقها مالذ وطاب . الأعراض الجانبية : نحن لا ننصح أحد بعمل المضيرة أو أكلها حتى لو دُعي إليها أو أهدت إليه ,فقد وجد أنها تصيب آكلها وطاعمها بالنفاق والرياء وفساد الذمة وتهتك الضمير وضياع المروءة والنخوة فيتملق رؤسائه وقادته ويداهنهم حتى ولو كان في ذلك هلاكه , كذلك يغض البصر عن عيوبهم ومساوئهم فيبدل سيئاتهم حسنات ويختلق لهم الفضائل والمناقب وربما رفعهم فوق مقام القديسين والرهبان وصالح المؤمنين ومشى بذلك بين الناس وحدثهم به ,هذا إذا أكلها أصابته هذه المساوئ ,فما بالك من لا يأكلها هي متواجد خصالها السيئة في بنائه الذاتي؟,اليوم يوجد سيارات فارهة وقصور فخمة ومناصب تعطى لغرض الولاء ,ولصناعة شخصية مغايرة عن
الحقيقة ولمن لا وجود له في الساحة وإعطائه بريق وهيبة وهو أجوف في داخله لا يمتلك أي مقومات تؤهله لمكانه الجالس فيه وأياً كان موقعه .