17 نوفمبر، 2024 6:47 م
Search
Close this search box.

لعنة السياسة في العراق !!

لعنة السياسة في العراق !!

شهدت جميع دول العالم بما فيها اوربا وابان ثورات شعوبها على انظمة الحكم بمراحل عنف سياسي حادة ومنها احكام الاعدام الجماعية بعد الثورة الفرنسية للفترة الممتدة من 1793- 1794 .. غير ان هذه الدول سرعان ما ادركت خطورة هذا النهج الخطير على المجتمع فتخلت عنه لتبدأ بناء انظمتها الديمقراطية الليبرالية مؤكدة اهمية احترام حقوق الانسان وحرياته .. وهو درس بليغ لم تستوعبه التيارات السياسية في الوطن العربي وخاصة في العراق الذي بقي اسير مفاهيم صراعات سياسية تخللتها مشاهد انتقام وتصفيات جسدية للخصوم في جميع مراحل العمل السياسي منذ قيام ثورة الرابع عشر من تموز 1958 الى يومنا هذا .. واذا كانت مرحلة قيام جبهة الاتحاد الوطني في العراق عام 1956 قد عجلت قيام الثورة ضد النظام الملكي ، فان اقدام مجموعة مسلحة اقتحمت قصر الزهور على جريمة قتل العائلة المالكة بالطريقة الوحشية المعروفة وحرق وقتل عدد من السياسيين ،وكما يبدو، قد كان بداية عنف سياسي لم ينته الى الان .. فسرعان ما دبت الخلافات بين حلفاء الامس وصلت حد الصراعات الدموية وغياب مفاهيم الحوار السياسي الهادف ما اشاع ثقافة عدم احترام الرأي الاخر في المجتمع وكثير منا ما زال يذكر بالم وحسرة مشاهد جثث الابرياء ومناظر القتلى من اصحاب الرأي في 1959 وما اعقبه من ردة فعل في 1963 وما تلا ذلك من احداث تدلل على فشل جميع التيارات السياسية شيوعية او قومية بترسيخ قيم الحوار البناء بل ان مبدأ عدم الثقة بالطرف السياسي الاخر كان سمة هذه التيارات الذي وصل حد تخوين كل طرف للاخر واتهامه بالعمالة لهذه الدولة او تلك ! في تلك الصراعات الدموية كانت قواعد الاحزاب هم من يدفع الثمن غاليا بالاعتقال او القتل او التشريد ناهيك عن ما دفعه الوطن والمواطن من تضحيات ودماء وحرمان حتى صار العمل السياسي في العراق لعنة ما بعدها لعنة !!
صورة دموية طبعت مسيرة العمل السياسي في العراق الى الان برغم ما تحمله مباديء جميع الاحزاب والتيارات السياسية بجميع اجنحتها الوطنية والقومية والاسلامية من مفاهيم نبيلة وجميلة تستهوي من يطالعها لكنها جميعا سرعان ما تنقلب على مبادئها وتجد التبريرات لتسويغ ممارساتها في البطش والتنكيل بالطرف السياسي المخالف لها وهو ما جر وطننا الى ويلات وكوارث لاحد لها .. قد يغضب البعض ويثور لهذا الراي حيث ما زالت اغلب التيارات السياسية الوطنية تعيش عقد الماضي التي لانجد تفسير منطقي لها في حين ان منطق مصلحة الوطن تتطلب منها وقفة مراجعة شجاعة وصريحة يعترف فيه كل طرف باخطائه والاستفادة من تجارب الماضي القريب .ولا اظن اننا نغالي او نبتعد عن الموضوعية اذا قلنا ان احد ابرز اسباب انحسار التيارات الوطنية والقومية هو حالة اليأس التي اصابت المواطن منها وهو يعيش حالة تردي وانحدار وتخلف وفساد غير مسبوقة في وقت يتسابق العالم لتقديم مزيد من الخدمات للانسان على عكسنا تماماً .
لسنا بحاجة الى تذكير قيادات الاحزاب السياسية في العراق بنماذج من تاريخنا العربي الاسلامي فرسول الله محمد صل الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم دخل مكة ووجه الامام علي بن ابي طالب عليه السلام ليعلن ان اليوم يوم المرحمة برغم ما تعرض له هو وال بيته واصحابه من صنوف العذاب والاذى .. اما في التاريخ القريب فربما نيلسون ما نديلا قد ضرب اروع الامثلة في التسامح والتسامي على عذاباته .. اخيرا اما آن الاوان لفتح صفحة جديدة في العمل السياسي وتتعلم تياراتنا السياسية من دروس الماضي باتجاه ترسيخ قيم التسامح واحترام الراي الاخر ام تبقى لعنة السياسة تلاحق ابنائنا كما لاحقتنا ؟!

أحدث المقالات