18 ديسمبر، 2024 9:51 م

قبل أعوام مضت ، قالت لي : لماذا لايعلو الانسان هنا الا على حبل المشنقة ؟..قلت لها : هذا زمان التوجس والموت في الطرقات الحزينة ، والدم في الارصفة …قالت لي : ولماذا لايعلو رأس الانسان الآن الا على منابر ادعاء الوطنية ..قلت لها : جهود الآخرين كأبنائهم ، تحمل ملامحهم لتفضح الادعياء منهم …بعد سنوات :قالت لي : الحكم الديمقراطي لايلائم البشر لكماله ، ولو كان يوجد شعب مؤلف من الآلهة فقط ، لأختار هذا الحكم …قلت لها : من الأفضل لنا ان نكون متناقضين على أن نكون متعصبين او منقادين …بعدها ، بدا عليها الاسى وهي تقول : لابد أن تتذكر الشعوب جميعا انها تستطيع امتلاك الحرية لكنها لاتستطيع بعثها ..قلت لها : لقد وضع المجتمع في راس كل منا شرطيا وعلمنا ان نتجسس على أنفسنا ..وصار انتهاك القوانين وخرقها هو السبيل الى التحرر ومعرفة انفسنا ..قالت لي بحرقة : لم يعد هناك شيء غير قانوني نظرا الى انه لم يعد هناك أي قانون ..خشينا أن يقودنا حوارنا العبثي هذا الى الاختلاف وقد صممنا على السير سوية ، فاخترنا الصمت …!
اتساءل ..هل تراها ثقافة الخوف المزروعة فينا هي التي تمنعنا من مواجهة الآخر بأخطائه ابتداءا من الأهل ثم الاقرباء والجيران والمدرسين في المدرسة ورؤساء العمل والزملاء فيه ؟الم نحتاج الى ان يعلمنا أهلنا كيف نحترم ذواتنا وندافع عنها بالمنطق والحق ثم بالقانون ..لقد اعتدنا ان نرى أهلنا في الغالب يقبلون بالظلم ويبحثون للظالم عن أعذار أو يبتعدون عنه في أحسن الأحوال متكئين على امثال وتقاليد تهدر لنا حقوقنا وتخفي ضعفهم من امثال ( ابعد عن الشر وغنيله) ..والأمر الآخر الذي أعتقد بوجوده هو جهلنا لحقوقنا التي يضمنها لنا القانون …الهذا السبب نفضل الصمت على المواجهة ومحاولة اقناع المقابل ..ألا يمكن ان يفكر المقابل أيضا بنفس الامر وهكذا يمكننا ان نجد طريقا مشتركا لنسير فيه وخطابا وسطيا لنقتفي آثاره …
يقول وليم شكسبير “ان الخوف من الكارثة غالبا مايكون أشد ايلاما من العلم بوقوعها ” ونحن قد علمنا بما سيحدث ونما فينا خوف يتطاول مع الأمل ..هل يمكن تصور ذلك ..كان في داخل كل منا أمل بسقوط لعنة الظلم عنا ولم يقل عنه الخوف من دخول غريب الى أرضنا …الى ذواتنا ..عشنا تلك المعادلة الغريبة وتصورنا اننا انتصرنا عليها حين قاومنا الخوف وتواصلنا مع الحياة ، لكن مايحدث وماسيحدث على الدوام اننا سنظل نواجه الخوف بأشكال متعددة …فبعد الخوف من القتل والفقر وانتحار الاحلام ، صار علينا ان نخشى من فقدان الوطن لأعضائه ، عضوا ، عضوا ..صرنا نخشى ان يتحول الى أشلاء ..والمصيبة اننا سنعجز عن اقناع الاخرين بلملمة اشلائه ونفخ الحياة في روحه ..سنعجز ..وسنختار الصمت أيضا …لالنسير سوية كما قررت وزميلتي سابقا ، بل لنتجنب تنفيذ حكم الاعدام لبعضنا البعض ..بأيدينا !!