بعد غياب طويل استمر عقود من الزمن ، عادت روسيا وريثة الاتحاد السوفياتي السابق، إلى المشهد السياسي الدولي بقوة وتأثير واضح.
تدخل روسيا في إقليمها المجاور ،أوكرانيا ، واستعادة جزيرة القرم وضمها مجددا إليها ، بعد إن كانت ضمن السيادة الأوكرانية ، عرضها لعقوبات دولية غربية كثيرة ، أتت على اقتصادها وأضعفته، وكل ذلك ضمن سياق لعبة الفائز والخاسر.
الرد الروسي كان اشد إيلاما” للتحالف الدولي ، بتدخلها في سوريا عسكريا”، بعد إن كان سياسيا” ضعيفا”قبل ذلك ،وأدى إلى إن تكون لاعبا” رئيسيا”في منطقة الشرق الأوسط تحديدا” ، وعالميا” بشكل عام ، بعد إن شكلت تحالفا” مع إيران وسوريا، لمواجهة التحالف الذي
تقوده الولايات المتحدة مع تركيا ودول الخليج العربي وباقي دول الغربية ، في سوريا.
الحرب الساخنة بين الولايات المتحدة وحلفائها من جهة ، وروسيا وحلفائها من جهة أخرى ،عادت هذه المرة بأدوات جديدة ، اشد سخونة من سابقتها الحرب الباردة ، التي استمرت أربعة عقود خلال القرن الماضي ، وانتهت بتفكك الاتحاد السوفياتي السابق وانتقال أرثه
الكبير من المقدرات العسكرية ، والاقتصادية ، والأمنية ، إلى روسيا .
أدوات الحرب القائمة الآن بين الولايات المتحدة وروسيا، تذكرنا بالألعاب الالكترونية ، التي يمارسها لاعبين اثنين في جهاز واحد وعلى شاشة واحدة ، يتبادلون الحديث والطعام والشراب وهما في غمرة اللعبة الحامية .الود يبقى قائما”بين اللاعبين وبمجاملات عريضة ،
وهذا ما لحظناه في لقاءات وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري ، ووزير خارجية روسيا لافروف.
من خلال ذلك يثبت اللاعبين الكبار إن العالم لعبة بين أيديهم ومزرعة لمصالحهم ، بينما نتقاتل نحن العرب والمسلمين ، وغيرنا من شعوب الأرض المغلوب على أمرها، نيابة عنهما وبدعاوى فارغة من المضمون ، تحركها الدوافع العنصرية والدينية والطائفية والسياسية ،
وتعلو بيننا هنا وهناك التصريحات الطنانة التي لاتفضي إلى شيء، بل إن الاسوء من ذلك عندما ينتهي اللاعبين الرئيسيين من لعبتهما ، ويملوا منها يركلوا أدواتها باحتقار.