23 ديسمبر، 2024 10:15 ص

لضمان نجاح ثورة تشرين لا بد من وجود الطرف الرابع

لضمان نجاح ثورة تشرين لا بد من وجود الطرف الرابع

منذ الأول من تشرين أول من عام ٢٠١٩ إنتفض شباب العراق بمظاهرات في العاصمة العراقية بغداد ضد السلطة الحاكمة الفاسدة بكل مفاصلها التي أودت بمستقبل العراق من خلال سيطرة أحزاب الإسلام السياسي المتخلف بشكل خاص لمدة ستة عشر سنة على مقاليد الحكم ، وإمتدت التظاهرات بعد ذلك الى مختلف المحافظات الجنوبية من العراق منادية بشعارات وطنية وبطرق سلمية لا يختلف عليها إثنان إلا العملاء والمأجورين . ونتيجة غباء السلطة بكل رموزها الوظيفية والدينية في التعامل مع إنتفاضة الجماهير ضد فشل السلطة في توفير أبسط إحتياجات المجتمع وإنتشار الفساد والإستحواذ على موارد البلد من قبل مجموعات وعصابات ومليشيات مسلحة وتحت غطاء قانوني مضحك بإعتبارها كيانات سياسية فازت بإنتخابات يُطلق عليها ” إنتخابات ديموقراطية ” فقد جوبهت تلك الإحتجاجات السلمية بكل وسائل القمع الحقيرة من قبل أجهزة الدولة بأجهزتها الأمنية والمليشياوية مما أدى الى قتل أكثر من ( ٤٠٠ ) متظاهر سلمي وجرح وإعاقة أكثر من ( ١٧٠٠٠ ) شخص . وبالرغم من معرفة الجهات التي ساهمت بقتل المتظاهرين السلميين العُزَّل إلا إن السلطات العراقية جٓيّرت عمليات القتل الى طرف ثالث مجهول وغير معلوم . وأستمرت هذه الحالة في قتل المتظاهرين بشكل واضح وعلني وكان آخرها قيام مجموعة من الحشد الشعبي وبأوامر من قياداتهم وعلى رأسهم قاسم سليماني بإستهداف المتظاهرين بالأسلحة النارية مباشرةً على رؤوس المتظاهرين مما أسقط عشرات القتلى والجرحى وذلك بهدف إنهاء الثورة الشعبية إضافة الى المحاولات الدنيئة التي تمارسها السلطة وأجهزتها ومليشياتها القمعية لإفشال وإفراغ الحراك الشعبي من أهدافه وفحواه . وليس ما قامت به العصابات والمليشيات وبدعم وتواطئ حكومي من مجزرة دموية للمتظاهرين السلميين في منطقة السِنَك والخلاني إلا دليل واضح على إصرار السلطة على إنهاء الحراك والثورة الشعبية بأي ثمن مهما بلغ عدد الضحايا بين المتظاهرين لأنها مسألة بقاء أو موت بالنسبة للسلطة ورموزها جميعاً . وسوف تستمر محاولات السلطة بخلق الظروف والأجواء والأعذار لإجهاض هذه الثورة السلمية بأسرع وقت وإلا ستنهار المنظومة الحاكمة وسوف يخضع جميع رموز السلطة للعدالة والمحاسبة . وإذا إستمرت الأمور على هذه الشاكلة ، أي بقاء التظاهرات والإحتجاجات على سلميتها مقابل إصرار السلطة على قمع هذه الثورة بأسرع وقت وبأي ثمن ، فان النتيجة الواضحة والأكيدة هي سقوط مئات بل آلاف القتلى والجرحى في صفوف المتظاهرين السلميين العُزَّل بإستخدام أجهزة السلطة لكل وسائل القمع والإبادة الجماعية وتحت مختلف الذرائع الواهية . وَمِمَّا يؤسف له فإن قوات الجيش وبعض القوات الأمنية سوف تقف متفرجة وعاجزة عن حماية أرواح المتظاهرين السلميين وهو موقف خائب وجبان وخائن أيضاً سوف يحاسبهم التاريخ على موقفهم الذليل . وأمام هذه المعادلة الواضحة والمعقدة غير المتكافئة ، وهي سلمية المتظاهرين من ناحية ووحشية السلطة من ناحية ثانية ، فإن الأمر يتطلب وبسرعة وجدية خلق وإيجاد ” طرف رابع ” يأخذ على عاتقه شرف مسؤولية حماية أرواح المتظاهرين السلميين العُزَّل فقط الذين يُطالبون بوطن حر يُؤمِن للجميع بدون أي تمييز الحياة الكريمة والعدالة الإجتماعية والمستقبل الواعد والمضمون للأجيال القادمة ومحاسبة جميع الذين إشتركوا بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات القتل والإبادة والإغتيالات والإختطاف للمتظاهرين وغيرهم ومحاسبة جميع الفاسدين ممن سرقوا المال العام أو أساؤا التصرف به . حيث ان المشهد العراقي أفرز لحد الآن ثلاثة أطراف وهي : الطرف الأول وهو السلطة الحاكمة ، والطرف الثاني وهو جموع المتظاهرين والمحتجين ، والطرف الثالث وهو طرف مجهول حسب إدعاءات السلطة وأجهزتها القمعية ولكنه في الحقيقة معلوم لديها فهو جزء منها والذي مارس عمليات القتل والإغتيالات والقنص وإختطاف الشباب السلمي المتظاهر ، فهو طرف خلقته السلطة بتوجيهات ” الخال ” أو ” الحاج ” وتَعَتّمت عليه لتجعله شبح غير مرئي يستبيح كل عمليات القتل والغدر والإبادة دون أي رادع أو محاسبة فهو مجهول الهوية . النتيجةالمستخلصة هي إن المعادلة التي تُعَبِر عن المشهد الإجمالي للحراك الشعبي هي بالشكل التالي :
الطرف الأول (السلطة) + الطرف الثالث (طرف مجهول) = الطرف الثاني (المتظاهرون السلميين )
وهذه المعادلة غير متكافئة أبداً ، ويتطلب لخلق التوازن المنطقي للمعادلة أن نُضيف طرف رابع (مجهول أيضاً) الى يسار المعادلة لكي نخلق حالة من التكافؤ والمساواة في المشهد العراقي في الظرف الحالي . وهنا لا بد وأن تُبادر إحدى الجهات أو التنظيمات الوطنية المخلصة للوطن وللمتظاهرين أو الشخوص الوطنية أو بعض شيوخ العشائر من الوطنيين المؤمنين بأهداف الشباب الثائر أو بعض القيادات أو الشخوص الوطنية المخلصة للوطن فقط وداعمة لأهداف الثوار السلميين سواء من كانوا من قيادات وطنية في الجيش أو القوات الأمنية أو حتى من الحشد الشعبي الذي لا يخلوا من بعض العناصر الوطنية المتعاطفة مع الحراك الشعبي من إيجاد وخلق ” الطرف الرابع ” الذي يؤمن الحفاظ على أرواح المتظاهرين المعتصمين في ساحات التظاهرات في مختلف المحافظات والتصدي لوحشية السلطة إتجاه المتظاهرين السلميين . ويمثل الطرف الرابع مجموعة من الشباب المتطوعين الشجعان ممن ينذرون أنفسهم للموت في سبيل قضية وطن ويدافعون عن الذين يُرِيدُون وطن يتم تشكيلهم بكل سرية ليُمثل ” حشد وطني ” مسلح يأخذ على عاتقه حماية الشباب الثائر فقط في كل المحافظات الثائرة على أن يكون هذا الطرف الرابع بمعزل عن المتظاهرين السلميين وبدون أي علاقة بهم لا من قريب ولا من بعيد لكي تبقى الصفة السامية للمتظاهرين بأنها سلمية دائماً . أي إن الطرف الرابع يُخلق بشكل ذاتي من أفراد المجتمع ومن خارج منظومة التظاهرات السلمية لتشكيل مثل هذا الحشد الوطني المسلح لحماية المتظاهرين العُزَّل وذلك من خلال مواجهة العنف بالعنف والقتل بالقتل والقنص بالقنص والإغتيال بالإغتيال والإختطاف بالإختطاف والإبادة بالإبادة والغدر بالغدر والخبث بالخبث والمؤامرة بالمؤامرة والكذب بالكذب والتحايل بالتحايل وفي كل شيء . لذلك فإن خلق مثل هذا ” الطرف الرابع ” سيكتب له التاريخ أعظم موقف وطني لحماية ثورة شعبية سلمية قامت لمواجهة الظلم والتخلف والفساد ، مع العلم إن السلطة بكل أجهزتها القمعية جبانة وسوف تهرب عندما يواجهها ” الطرف الرابع ” بنفس أساليبها وأسلحتها وخبثها . المهم جداً أن يبقى هذا ” الطرف الرابع ” مجهولاً تماماً كما هو ” الطرف الثالث ” في المعادلة ولتحتار السلطة بهذا الطرف المضاف .
ملاحظة : مع كل الأسف ، لو كان مقتدى الصدر وأتباعه ” الكثيرون ” أشراف بالمعنى الوطني لقاموا بدور ” الطرف الرابع ” وساهموا في نجاح ثورة تشرين إلا إنهم ، وزعيمهم المحدود التعلم والثقافة ، في الواقع جزء رئيسي من المنظومة السياسية الفاسدة منذ نشأتها وهم في الحقيقة يمارسون بغبائهم الآن ركوب موجة التظاهرات بهدف القضاء على الحراك الشعبي . إلى متى يبقى أتباعه بهذه الجهالة والتخلف . في الحقيقة إن أتباعه بسطاء وأبرياء ليست لديهم أي وسيلة للإطلاع على ما يحدث في العالم المتقدم والمتحضر وإلا فإن إطلاعهم على العالم المتقدم والمتحضر فإن معظمهم سيتركون هذا الإنصياع الأعمى لشخص متخلف وغير متحضر أساساً . وهناك من الشخوص الوطنية المخلصة التي بإمكانها تشكيل ” الطرف الرابع ” من معادلة المشهد العراقي .