في كتاب ( حوادث 12 قرن في بغداد ) للكاتب باقر محمد امين الورد وهو عمل توثيقي ضخم للحوادث التي مرت على مدينة بغداديذكر انه في العام 1653 م ( تزايدت حوادث السرقة ليلا” ونهارا” إذ صار اللصوص لا يخشون أحدا”واستولى الخوف والرعب على الناس فتحصنوا في بيوتهم ) (1) فيما كانت أسراب الجراد تفتك بالمحاصيل الزراعية ليصبح الجوع مصيبة أخرى حلت على رؤوسهم …. فصارت البيوت البغدادية المتلاصقة بعضها البعض تتقاسم كوابيس لها أجنحه تطير في سماء قاتمة فيسافر الخوف بهم الى أفاق شاسعة لم يروها من قبل !
تقودني الذاكرة الى رواية للكاتب الراحل عبد الرحمن منيف الذي لم يسلم قبره في دمشق من الهدم على يد أوغاد جهله مذعورين منه حتى وهو في قبره .. رصد في روايته تلك الطبيعة الإنسانية المتغيرة حين يداهمها خطر الطبيعة ( الجفاف) ليحمل الخوف مشروعة ويصبح جزءا من حياه المجتمع الذي تتسارع الإحداث فيه , وتعصف بعلاقاته الاجتماعية وتقاليده الراسخة فتتعطل روح المحبة والإيثار بين الناس وتصبح الانانية جزء من علاقات فرضتها ازمة طارئة والحياة اشد قسوة
لكن هل يستمر ذلك ؟
تدفق الحياة الذي لا يتوقف وطبيعة المجتمع ألخيره تتجاوز تلك الصعاب لتتحول ( في الذاكرة إلى بطوله غامضة ولا يصدق الناس أنهم تحملوا ذلك ) (2)
لو كانت الصعوبات اقتصرت على مصاعب الطبيعة وثورتها لهان الأمر !!
فنحن شعب جمهوريه الخوف المزمن المتوارث ماذا نقول ! ونحن الذين ابتلينا بشده الارتياب من حولنا ؟ هل يأتي يوم نتذكر فصول روايتنا الدامية بعد ان عبثت بوطننا مخلوقات انقرضت وعادت تلبسه لون الحداد وبتنا نرى ان الشمس مظلمة كما يقول الكاتب الفرنسي البير كامو فيصم الأخ اذنه عن صرخات استنجاد أخيه وصار البعض يتقلب برمشه عين ولا يعرفون الى من يهبون الروح لان الذي جرى حقا يفوق الوصف والاحتمال فصار الصمت والانتظار رحله عسيرة في ليل كثيف وثقيل علينا وزاد من شعور الخيبة جزع من غموض المصير لزمن أصبح بلا معنى فتحصنا في بيوتنا مرة أخرى وكانت المأساة شامله ( ماساه الذين تحطموا في الحرب حتى ولو كانوا قد نجوا من قذائفها )(3) أردنا تمجيد الحياة لكن الإحساس بالفاجعة اكبر
لكن رغم ما يحصل نحن نعيش بطوله أسطوريه حقا” مادمنا نصافح كل يوم يد الموت ونقاوم عناده
بعد 350 عاما جاء اللصوص مع الجراد …. فمتى نتذكر ان كل شي أصبح من الماضي المر ونصدق إننا تحملنا كل ذلك لكن بأسى
1- كتاب حوادث بغداد في 12 قرن للكاتب باقر امين الورد
2- النهايات للروائي الكبير عبد الرحمن منيف
3- لاجديد في الجبهة الغربيه للكاتب الالماني ريماك