بعد جولة معتادة في شارع المتنبي ، أو شارع المكتبات والثقافة العراقية كما يحلو للبعض تسويقه إعلاميا وهو ليس كذلك فهناك ما هو أفضل منه ، وبعد تناول كبة السراي وشرب البلانكو وعصير البرتقال – السفري – غير آبه بالميكروبات والفايروسات والطفيليات والهوام والحشرات قمت بتصفح كتب وتقليب أخرى وشراء ثالثة – اربعة بـ 1000- اذ ان معظم العراقيين باتوا لإ يقرأون وإذا قرأوا لا يفهمون ، واذا فهموا لا يعملون بمقتضى ذلكم الفهم ، واذا عملوا لا يخلصون ، واذا أخلصوا فهم لا يتقنون ، واذا اتقنوا فهم لا يوجهون ، واذا وجهوا فأن الموجهين لا يسمعون ، بل يتجادلون فيما بينهم ويتخاصمون ، يتحايلون ولا ينتفعون ، ينفعلون ولا يتفاعلون ، اقول بعد جولة كئيبة لا ينفع معها شاي الحصة وحامض اللامن دوزي – تباع في المقاهي على انها شاي سيلاني مهيل وحامض نومي بصرة ، بس عليمن على خريج جامعة (مقهى بون) على وزن السوربون – مررت بمبنى مدمر سبق لي المرور به مرارا من دون التمعن جيدا بلوحة مكتوبة على جانبه كنت قد لمحتها عرضا قبل أشهر مع بعض الأصدقاء خلال جولات سابقة وما أكثرها ، اليوم عزمت على قراءة القطعة عن كثب واذا بها تؤكد ان المبنى المدمر قد تم تأهيله بتكلفة كذا وكذا !!! هاي اذا تم تأهيله هشكل لعد تم تدميره شلووووووون ؟!!!اللافت ان اللوحة المكتوبة لم تشر الى طبيعة المبنى التراثي الذي يقع مقابل مبنى القشلة وبعد التحري و السؤال على طريقة – شارلوك هولمز – تبين أن معظم من حوله لا يعرفونه بإستثناء أحد كبار السن ممن أجاب على سؤالي بعد ان نفخ صدره كديك هراتي ، قائلا – هذه محكمة المهداوي – !!قلت المحكمة العسكرية الخاصة او محكمة الشعب التي تأسست عام 1958 بأمر من الزعيم عبد الكريم قاسم برئاسة المهداوي ؟قال نعم ، هي بعينها وشهدت كما تقول الويكيبيديا محاكمة رجال العهد الملكي، ورجال ثورة الشواف عام 1959م، ومحاكمة الرئيس الأسبق عبد السلام عارف ، و محاكمة آخرين . قلت ولكن محكمة الشعب تقع على حد علمي في منطقة الباب المعظم قرب وزارة الدفاع القديمة ” شجابها الى جديد حسن باشا قبالة مبنى القشلة ؟!!الأخ ما كذب خبر ، عافني ومشى وهو يهز بيديه ، مرددا العبارة البغدادية الشهيرة ” اكله شيش يكلي كباب.. بهي بيييي !! والأغرب من ذلك كله أن موظفين في دائرة الآثار والتراث المجاورة للمبنى المذكور أعادوا على مسامعي ما قاله – المثقف المزعوم – فيما لم اتبين حقيقة المبنى باستثناء – خرابة – يقال ان البلدية أعادت إعمارها مع أن أحد المارة زعم انه بيت ، جميل المدفعي ، الذي شغل منصب رئاسة الوزراء خمس مرات في العهد الملكي بين 1934- 1953، وبعد مغادرته ألحق بديوان الرقابة المالية ، على حد وصفه .لاشك ان الجهل المطبق جماهيريا بالتوازي مع الإهمال المتعمد حكوميا لأبنية بغداد التراثية ومعالمها وشناشيلها إنما يؤشر الى – مؤامرة قد تكون دولية وقد تكون محلية وإقليمية – لمحو هوية بغداد التي كانت حاضرة العالم الإسلامي والعربي ذات يوم والتي قال فيها ، اليزماني : ” فقد طفت في شرق البلاد وغربها، فلم أر فيها مثل بغداد منزلاً “، وقال فيها الشافعي: ” ما دخلتُ بلدا قط إلا عددته سفراً إلا بغداد، فأني حين دخلتها عددتها وطناً” واضيف ان الإهمال ليس قاصرا على بغداد وان كان لها قصب السبق في ذلك وانما طال آثار وتراث وفولكلور العراق كله ، وإلا قلي بربك ماذا بإمكانك أن تسمي العثور على 208 قطع اثارية تعود الى العهد البابلي بالقرب من مقام النبي ابراهيم، ضمت مسكوكات ذهبية وفضية وجماجم ورقما طينية وصحون فخارية، بعد ان جرفتها سيول الامطار من تل الزقورة جنوبي الحلة، أعقبها العثور على 57 قطعة آثارية جرفتها الامطار ايضا من تل الزقورة ضمت مسكوكات واساور زجاجية واوان فخارية اغلبها سليمة ؟! كيف يتم العثور على آثارضاربة في القدم ولاتقدر بثمن بفعل عوامل الطبيعة او بفعل عمليات سرقة منظمة في وقت لم تتمكن فيه الدوائر والمؤسسات المعنية بالآثار من العثور عليها بعمليات تنقيب مدروسة و ممنهجة مع انها قريبة من مستوى سطح الأرض ؟الأمر الأخر الذي صدمني ان احد كبار الضباط عقد مؤتمرا صحفيا في احدى المحافظات الجنوبية استعرض خلاله ما قال انها عملية نوعية لضبط مسروقات آثارية وإلقاء القبض على اللصوص والمهربين ليكتشف الصحفيون ان المعروضات عبارة عن قطع فنية آسيوية” تماثيل بوذا ، أفيال هندية ، قطع فنية صنعت حديثا ” من تلك التي تباع على الأرصفة للسياح الأجانب في تايلند وسيرلانكا وبورما وسنغافورة والهند والصين وليست آثارا عراقية بالمرة !! ، هل يعقل ان مسؤولا أمنيا رفيعا لا يفرق بين الآثار وبين القطع الفولكلورية الحقيقية منها والمقلدة التي تباع – عشرة بربع – في جنوب شرق آسيا ؟! ولايميز بين العراقية منها والأسيوية ؟! بل ويعقد مؤتمرا صحفيا لإستعراض بطولاته في مطاردة مهربي الآثاروضبط مسروقاتهم – كلنه دمج بس موهلثخن – الآن فقط أدركت جليا لماذا لم يتوصل احد الى معرفة اسم المبنى الخرب الذي يتوسط بغداد الحبيبة والذي يقع على بعد أمتار من مبنى تابع للهيئة العامة للآثار والتراث” لا اقول عجيب أمور غريب قضية وانما مخيف ومرعب ومفزع ومجلجل ومزلزل يااااااااعطية . اودعناكم اغاتي