27 ديسمبر، 2024 4:13 م

لصوص الدين .. لن تسرقوا الله

لصوص الدين .. لن تسرقوا الله

نعرف أن الله هو الذي يدافع عن المؤمنين (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا )، فهو صاحب القدرة المطلقة وهو ذو القوة المتين ، لكننا نعرف أيضاً ونتيقن أن مفاهيم الناس لله قد تعددت، وبالتالي فان لكل مجموعة مفهوماً معيناً عن الله ، وعليه فإننا ندافع عن مفهومنا لله وليس عن الله ، ونرى أن هذا من حقنا ومن حق المرء أن يدافع عن أفكاره ومفاهيمه ويبين صحة ما يعتقد ويرى، وخطأ المفهوم المقابل والفكرة الأخرى خصوصاً إذا ما كانت المفاهيم والأفكار الأخرى تؤدي إلى تكفير الناس واستباحة دمائهم وأموالهم وأعراضهم.

وإذا كان البعض يرى أن الله قد خلقه ليذبح البشر ويكون قصابهم وهم ذبائحه في مفهوم سادي دموي لله، فإننا نرى أن الله الذي انزل كتبه على الرسل وأرسلهم والأنبياء جميعاً إلى هذه الأرض، فإنما فعل ذلك بهم رحمة لهم وحباً فيهم وليس انتقاماً منهم، ولو أراد الانتقام لفعل بدون الحاجة إلى إرسال الأنبياء الذين وصل عددهم إلى مئة وأربعة وعشرون ألف نبي غير الأوصياء والمصلحين.

وهذا كتابه يدلل بوضوح على سبب الرسالة (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)، وابتدأ اسمه بالرحمن الرحيم ولم يبتدئ بالجبار المنتقم رغم كونه جباراً عزيزاً ذو انتقام.

وعليه فهناك من صَور الله على انه ذلك الرب الذي خلق العباد لينتقم منهم حتى كَرِه الناس ذلك الرب المُحب لسفك الدماء، بينما ربنا يحب المؤمنين ، بل أكثر من ذلك فهو يحب عودة وتوبة الخاطئين، فالقرآن الكريم يذكر لنا انه يحب التوابين، والروايات تذكر لنا انه أشد فرحاً بعودة الإنسان إلى الطريق السوي طريق المحبة والرحمة، فقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) (إنّ اللّه عزّ وجلّ يفرح بتوبة عبده المؤمن إذا تاب، كما يفرح أحدكم بضالّته إذا وجدها).

ونرى أن إلهنا يرزق الجميع من أطاعه ومن عصاه، وكان بإمكانه أن يمتنع عن الإحسان إلى العصاة.

وعلى هذا فإن لصوص الدين ممن جعل الله سبحانه وتعالى صورة يُشكلها كيفما شاء لن يتمكنوا من سرقة الله لأن الله كما يدافع عن المؤمنين فهو يدافع عن نفسه بأن بين صفاته للبشر لكي لا يُسرق من الأدعياء واللصوص.

وعليه فإنه يمكن لنا أن ندافع عن الله أمام هؤلاء اللصوص ممن شخصن الله وجعله جسماً كالبشر يسير ويلبس ويرتدي النعل.

ومع كثرة اللصوص نستغرب من المؤمنين بالله وبرحمته لماذا هذا الصمت المطبق، فلا نقاش فكري لفضح اللصوص، ولا تصدي روحي لبيان معاندة هؤلاء للحق والإنسانية، ولماذا هذا السكوت عن مجابهة المنهج التكفيري التيمي المجسم الذي يرفض الآخر ولا يعرف سوى لغة القتل والتكفير؟

وهذه دعوة مفتوحة لكل من يؤمن بالله حق الإيمان بلا تجسيد ولا تعدد صور ويؤمن بان الله هو ارحم الراحمين أن يدعو إلى المباهلة أولئك المجسمة الذين يعتقدون بتعدد صور الإله ويذبحون الأطفال والنساء والأبرياء باسم هذا الرب خصوصاً بعد الطرح الفكري الناضج والمعتدل المطروح حالياً في الساحة الذي يبن بطلان عقائد هؤلاء المنحرفين أهل الإرهاب والتكفير من أتباع منهج ابن تيمية.