جاء في تاريخ بغداد خلال الصراع بين الأمين والمأمون والذي إستمر 14 شهرا من الكر والفر , ظهور طبقة واسعة سميت أو تسمت بالعيارين واللصوص والشطار , ورغم غرابة المسميات إلا أن لها قيم وأخلاق وفلسفة , جعلتها تحوز على القاعدة الشعبية ,وتنتصر للحق وتقاتل بآخر أنفاسها من أجل مصالح الناس البسطاء .
وكان لهم سلم هرمي وقيادات وزي خاص , مع أنهم في أكثر حروبهم ينزل ألى الميدان عراة , لا يحملون غير الحجارة والمخلاة والعصي وغير ذلك , لكن لهم رهبة في قلوب الطرف المقابل .
قال أحد قياداتهم عثمان الخياط , والذي إعتبره المسعودي والطبري وغيرهم من المؤرخين زعيمهم الفكري إضافة لزعامته الميدانية :
– ما سرقت جارا وإن كان عدوا , ولا كريما , ولا كافأت غادرا .
وكان يوصي أصحابه :
– اضمنوا لي ثلاث اضمن لكم السلامة , لا تسرقوا الجيران واتقوا الحرم , ولا تكونوا أكثر من شريك مناصف .
ويقال أنه خرج ذات ليلة مع مجموعة من اللصوص ولم يحصلوا شيئا , وهم يتذاكرون حالهم مر بهم شاب ذو هيبة فلما قرب منهم سلم عليهم , فتقدم بعضهم يريدون تسليبه فقال لهم زعيمهم :
– دعوه فإنه سلم ليسلم .
ثم قال :
– ليذهب ثلاثة منكم معه إلى أن يصل داره .
فلما اوصلوه , شكرهم واخرج لهم مالا كثيرا , ولما عادوا لزعيمهم بالمال قال :
– هذا أقبح من الأول , تأخذون مالا على قضاء الذمام والوفاء بالعهد ! ردوا عليه ماله .
وحين سؤل كيف توفق بين السطو وهذا الإحساس قال :
– اقول كما قال ابو نؤاس :
واسرق مال الله من كل فاجر
وذي بطنة للطيبات أكول
وقال عنهم ماسينون :
البطولة خارج القانون . وسمىاهم الفروسية المتمردة
لأنهم تمردوا على واقع إجتماعي وسياسي لم ينصف الفقراء بل زادهم فقرا , حتى أن كلمة عيار كانت تعني اللص الشريف
ترى كم شريف روما لدينا اليوم , استحل المحرمات بفتاوى دينية . الدين منها براء !؟.