17 نوفمبر، 2024 7:13 م
Search
Close this search box.

لسوريا لا للأسد – 3

لسوريا لا للأسد – 3

أختم هذا الحديث عن سوريا بملاحظات تتعلق بأطراف عراقية وسورية لها مواقف ملتبسة , فهي تبطن غير ما تعلن , وتجمّل ذيليتها لهذه الجهة أو تلك بتبرير مبتذل عن حقوق الشعوب وحريتها , وما الى ذلك من كلام حق يراد به باطل.
أولا – إن الذين زعموا عداءهم ومقاومتهم لاحتلال العراق عام 2003 , إنما يكشفون نفاقهم وانتهازيتهم عندما يؤيدوا ما حدث في ليبيا ويهللوا للمؤامرة الأطلسية – الأعرابية التي تحاك ضد سوريا , فليس معقولا أن يكون حلف الأطلسي شيطاناً على أرض العراق ثم ينقلب ملاكاً محرراً في ليبيا وسوريا ؛ و بمعايير الكرامة الوطنية فإن هناك فارقاً كبيراً بين بلد يسقط فيه النظام بثورة الشعب وبقراره وحده , وبين بلد تُسقط نظامه وتدمّره قوات احتلال أجنبي بتواطؤ عملاء من أبنائه . 
ثانيا – كان موقف أطراف السلطة العراقية بالنسبة لسوريا لافتاً ويؤكد التساؤلات عن حقيقة استقلال القرار السياسي العراقي , فالاسلام السياسي الشيعي اتخذ موقفاً مؤيداً لسوريا , ليس من باب العداء للغرب , ولا انتصاراً لشعب مسلم , وإنما تبعيةً لايران التي تصطف الى جانب سوريا دفاعاً عن مصالحها القومية , وبالمقابل اتخذ الاسلام السياسي السنّي ومعه القائمة العراقية موقفاً معادياً لسوريا , وذلك تبعيةً للتحالف الأميركي المستجد مع الاخوان المسلمين .                 
ثالثا – إن استعراضاً سريعاً للشخصيات السورية المتواطئة مع حلف الأطلسي ضد بلدها , يكشف حجمها السياسي وقيمتها الأخلاقية والوطنية , فبعض هذه الشخصيات احترقت أوراقه تماماً لدى الشعب السوري , و يصطدم مستقبله السياسي بماضيه الأسود الحافل بالفساد والقتل و بالخيانة الوطنية ( عبد الحليم خدام – رفعت الأسد ) ؛ وبعضها صنيعة قديمة للاستعمار البريطاني , وتاريخه المعاصر حافل بالقتل الطائفي على الهوية , وبالقتل الجماعي لمواطنيه بالسيارات المفخخة ( الاخوان المسلمون ) , وبعضها كالحرباء غيّر انتماءاته من اليسار القومي العربي الى اليمين الأميركي المحافظ , وراح يجاهر باستعداده للتفاوض مع اسرائيل ( برهان غليون ) , وبعضها عبارة عن مجاميع مرتزقة اشتراها المال الخليجي وأغرتها أوهام اللجوء الى دول الغرب ( الجيش السوري الحر ) ؛ وواحد منها ( رضوان زيادة ) مطلوب منذ سنوات بتهمة التخابرمع السفارة الاسرائيلية في واشنطن . وبلا شك فإن هذه النماذج لا تمثل شعب سوريا , فليس من بينها وجهاً واحداً نظيفاً يخلو من وصمة سياسية أو أخلاقية.
رابعا – لم يقدّم الإعلام المعادي لسوريا – برغم امكانياته الفنية والمادية الضخمة – معلومات موثوقة تسند دعاوى المعارضة السورية ومصداقيتها , فالشرائط التلفزيونية التي تبثها القنوات الخليجية فاضحة بتلفيقاتها وذلك بشهادة إعلاميين مرموقين من وزن الصحفي روبرت فيسك , ومصادر معلوماتها جميعها مجهولة , فهي إما نقلا عمّن تدعوهم بناشطين لا يعرف أحد هويتهم , أو عن جهة غامضة تسمّي نفسها بهيئة تنسيق الثورة , أو صادرة عن رجل يتعاون مع الأجهزة الأمنية البريطانية فيما يدعى بالمرصد السوري لحقوق الانسان , تتسم تقاريره بطابع فكاهي لحجم الكذب المفضوح فيها .
خامسا – إن هذه المعارضة صنيعة حلف الأطلسي – وتركيا واحدة من دوله – تصطف عن وعي الى جانب اسرائيل , وقد دفع السيد برهان غليون عربون الولاء للغرب ولاسرائيل بإعلانه أن سوريا الجديدة – التي يظن أنه سيحكمها – ستقطع علاقاتها  بالمقاومة الفلسطينية وبحزب الله ,  وستحل مشاكلها مع اسرائيل عبر التفاوض .
………………………………
………………………………
إن معارضة بمثل هذه الرموز , لا تتعلق قضيتها بفساد تريد أن تحاربه , ولا بتعددية سياسية تطالب بها , ولا بديمقراطية تحارب من أجلها , ولا بوطن تنافح عن مصالحه , ولا بإصلاحات تريد تطبيقها , ولا بشعب مقهور تريد أن تأخذ بيده نحو حياة أفضل , فهي بتاريخها وبممارساتها وبفكرها وبارتباطاتها الخارجية غير مؤهلة لشيء من هذا ؛ هذه تشكيلات صنعها حلف الأطلسي وعملاؤه من العرب ويقومون بتمويلها وتسليحها حتى تخدم قضيتهم وتنفذ مخططاتهم بإشعال حرب أهلية وطائفية تنهك سوريا وتفتتها , ثم تفتح الباب على مصراعيه لإقامة نظام تابع للغرب ولشركاته متعددة الجنسية , ومستعد للانحناء أمام اسرائيل ومنحها ورقة على بياض تملي فيها مطالبها وشروطها .

أحدث المقالات