9 أبريل، 2024 5:48 م
Search
Close this search box.

لسنا متخلفين ياوريثة “الدملماجة”

Facebook
Twitter
LinkedIn

كان الباشا نوري السعيد، اكثر شخصية سياسية شغلت منصب رئيس الوزراء في العهد الملكي، يفضّل الاستماع لما يتناقله المواطنون من هتافات ضد حكومته وطريقته في ادارة الدولة ويقابلها بابتسامته “المعهودة” حتى وصلت في العديد من الحالات بان يخرج لاصحاب الهتافات ويطالبهم بتكرارها أمامه ليشاركهم انتقادهم لشخصه بطريقة لا تخلو من “الفكاهة”.

وفي إحدى المرات كان الباشا باجتماع في منزل عبد الهادي الجلبي والد زعيم المؤتمر الوطني الراحل احمد الجلبي، ويرافقه صالح جبر، وفِي هذه الأثناء تجمع بعض الأطفال خارج المنزل، وهم يرددون “نوري سعيد القندرة وصالح جبر قيطانها”، وهي الأهزوجة التي ذاع صيتها في تلك الفترة، وحينما انتهى الاجتماع خرج الباشا ليتغير هتاف الاطفال الى “نوري سعيد باقة ورد وصالح جبر ريحانها” وكانت بتوصية من عبد الهادي الجلبي الذي ارسل احد ابنائه ليقنع الاطفال بتغيير الهتاف مقابل مبلغ من المال، هنا ابتسم الباشا وطالبهم بالعودة الى اهزوجتهم الاولى وهو يردد معهم، “نوري سعيد القندرة وصالح جبر قيطانها”، لكن في ايام عمليتنا السياسية و”جهابذتها” تغيرت الأحوال واصبح من يطلق على نفسه صفة السياسي المناضل “يشتم” عُبَّاد الله ويحملهم مسؤولية تدهور مناطقهم وضياع “هيبة” الدولة ويتنكر لفضل أصابعهم البنفسجية التي أوصلته لمقعده البرلماني لتكون النتيجة ورد الجميل عن طريق وصفهم “بالمتخلفين”، وإصرارها على عدم الاعتذار حينما خرجت النائبة هيفاء الامين على احدى الفضائيات لتخبرنا بابتسامة المنتصر بانها قدمت شكوى ضد الصحفي الذي رد على إساءتها خلال ندوة السفارة العراقية في بيروت.

نعم يا سادة ما فعلته القيادية في الحزب الشيوعي والنائب عن تحالف سائرون هيفاء الامين كانت نتيجة طبيعية لحجم الخراب السياسي الذي نعانيه بسبب وصول اصحاب “البطون الجائعة التي شبعت” الى السلطة من جميع الاحزاب سواء الاسلام السياسي او الشيوعيين اصحاب الفكر المدني المتحرر واحترام حرية الرأي كما يدعون، لكن بالعودة الى الفرص التي اتيحت لهذا الحزب ستدرك عزيزي القارئ مدى “اكذوبة” حرية التعايش التي يرفعه الحزب الشيوعي ورجالاته وكما يقال “التجربة خير برهان”، فحينما وصل الشيوعيون الى السلطة بالاستفادة من “خلاف” الزعيم عبد الكريم قاسم مع القوميين وأحزابهم ظهرت حجم “السطوة” والدموية في سلوكيات العديد من “الرفاق” التي خلدتها شعارات “ماكو مؤامرة تصير والحبال موجودة” ومجزرة “الدملماجة” التي ارتكبها الحزب الشيوعي في مدينة الموصل ضد انصار العقيد عبد الوهاب الشواف بعد فشل محاولته الانقلابية في شهر آذار من العام 1959، لتكون النتيجة غضبا شعبيا اجبر حكومة الزعيم على تشكيل مجلس عرفي عسكري انتهى باصدار احكام باعدام المشاركين بالمجزرة وكان على رأسهم قيادة اللجنة المحلية للحزب الشيوعي في الموصل، لكن في العام 1961، تعرض الزعيم عبد الكريم قاسم لضغوط سياسية كبيرة أجبرته على إصدار عفو عن مرتكبي المجزرة وبعض المحكومين في محاولة اغتياله ليطلق عليه في حينها “يوم السلامة الوطني”.

تلك الاحداث ليست سوى “قطرة في بحر” من سجل الحزب الشيوعي الذي ترك الزعيم عبد الكريم قاسم يواجه مصيره بمفرده بعد ان كان عددهم بالآلاف امام بضعة بعثيين لا يتجاوزون “خلالات العبد” ليعودوا مرة اخرى للبحث عن مغانم السلطة مع “جلاد رفاقهم” من خلال تشكيل الجبهة التقدمية مع حزب البعث حتى اصبحت صحيفتهم “طريق الشعب” تحمل اسم صدام حسين الى جانب مدير تحريرها في حينها، لكن صدام وكعادته استغل الفرصة فجعل تلك الجبهة فخا “لاصطياد” الرفاق، لتكتب للحزب فرصة ثالثة بعد العام 2003، من خلال الدخول في تحالف مع احزاب الاسلام السياسي من اجل الوصول للبرلمان “ليكشر عن انايبه” مرة اخرى عبر تصريحات هيفاء الامين ومواقفها تجاه ابناء مدينتها ذي قار والعراقيين بشكل عام حينما اصرت على تسميتهم بالمتخلفين وقارنت بين “المجتمع المتحضر في لبنان” ومستوى التخلف في بلادنا، متناسية بان لبنان تعيش ازمة طائفية وسياسية منذ عشرات السنين في حين لم يعرف مجتمعنا معنى “الطائفية” والتفريق بين المكونات الا ببركتها وزملائها من ساسة التغيير، فهل نحن المتخلفون ياسيادة النائبة؟.

الخلاصة.. ان الامر المؤسف في جميع ماحصل كمية المدافعين عن تصريحات السيدة النائبة وتغنيهم بنزاهة الحزب الشيوعي “متجاهلين” بان اول وزيرة للزراعة بعد 2003، سوسن علي ماجد التي تعتبر من قيادات الحزب تواجه حكما غيابيا بالسجن سبع سنوات لإدانتها بسرقة 90 مليار دينار ، قبل ان تعود “هاربة” لبلدها الذي تحمل جنسيته، كما كشفت تلك الحادثة الكثير من الوجوه التي مارست “الخديعة” بحق عُبَّاد الله حينما كانت تنتقد وتهاجم قيادات الاحزاب الاسلامية “الفاسدة” بعنوان الوطنية، لكنها مع اول “حماقة” ارتكبتها رفيقة “الفكر والانتماء” تحولوا الى مدافعين وخناجر في خاصرة المواطن.. أخيرا.. السؤال الذي لابد منه، لماذا صمت العقلاء في سائرون على “رعونة” وريثة الدملماجة؟.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب