23 ديسمبر، 2024 3:52 ص

لحظات قبل الانفجار….

لحظات قبل الانفجار….

كل شي هاديء فالاقتصاد هاديء في اتعس حالته فلا حياة اقتصادية تتحرك لا اقتصاد وطني ….ولا تبادل تجاري… فقط استنزاف لحصّالات المواطن العراقي ومذخراته وتصديرها الى دول الأخرى المستفادة من الاقتصاد المتردي للعراق……
كل شيء هاديء فالصناعة في العراق هادئة في أدناها لا صناعة ثقيلة ولا خفيفة ولا ترويجية فالمعامل في اغلبها مقفلة ان لم تكن ذات منتج رديء ومحارب من قبل المنتج الأجنبي هذا أيضا يخلف جيوش من العاطلين عن العمل الهادئين ليس عمال فقط او اداريين او محاسبين او سواق او …..أو……ولكن يبني جيوش من العوائل الممزقة ماليا والعاطلة عن العمل الهادئة والتي تكون خالية من الأهداف والامال في الحياة مما يعطي فرصة لان تكون ارض خصبة لتبني أفكار لهدم الوطن والانتقام منه بدل من اعماره وهي اقرب الى فكر الانتحار الميؤوس من العيش…كل شيء هاديء التعليم في العراق في كل مستوياته الأولية والعليا هي هادئة فالدراسات الاولية هادئة هدوء الصباحات الخالية من التفجيرات فأولادنا يفترشون  أرض الصفوف بسبب نقص في كراسي الطلاب لا زالوا تلامذتنا يذهبون الى مدارس الطين ولا زالوا المحظوظين منهم يذهبون الى مدارس آيلة للسقوط والبعض يذهب بعد الظهر ليتعلم في دوام ثالث ألم أقل لكم أن كل شيء هاديء والتعليم الجامعي هو الاخر هادئ فالطلاب يقبلون في الجامعات الحكومية بالالاف ويتخرجون كالقنابل الموقوتة بالالاف ليس هذا فقط بل الجامعات الاهلية هي الأخرى باتت منتج جيد للعاطلين عن العمل وبمستويات إنتاجية ادنى من تلك الحكومية في بعض الأحيان هذه الجيوش الجرارة من الشباب العاطل عن العمل والمتأمل في فرص العمل والاستقرار الحياتي والأسري كله يدفعنا الى القول أن الوضع كله هاديء وهو فعلا هاديء لغاية الان …..
كل شيء هادئ بهدوء يسبق أي عاصفة أو أعصار فالفلاح في العراق هاديء يأكل المستورد من المحاصيل بعد ان كان يأكل من زراعته ومن يده فالارض متصحرة والماء انقطع عنها والاسمدة يتعذب للحصول عليها والقروض الزراعية  مشكلة له  وطرق التسويق في كل يوم مقطوعة ودون استقرار ونحن نعلم جيدا اغلب محاصيله غير قابلة للمزاح فيما يخص الزمن وتلفها في حالة تأخر تسويقها  أولاده هم أيضا هجروه بعد ان سهل الطريق لهم للالتحاق بالقوات الأمنية لمغريات الوظيفة والراتب والضمان التقاعدي الذي يفتقده لو بقى على حاله في ارضه ….ألم أقل أن كل شيء هاديء في العراق…..
الثقافة في العراق ….هادئة ولنقل مغيبة او اقرب الى الوفاة في زمن يجب ان تكون هي من تصنع الحياة لا مسارح سوى مسرح متهالك وهو المسرح الوطني ولا يوجد دار عرض سينمائي في عاصمة كانت في الامس عاصمة للحضارة لا يوجد صالة سينما أو مسرح في عاصمة تدعى بغداد …..تخيلوا بغداد لا صالة سينما محترمة فيها اين عروض الفرق المسرحية بكل أنواعها …لا دور نشر مدعمة من الدولة لا تشجيع على الفن ولا على المسرح لدرجة يعزل مدير عام السينما والمسرح بسبب عرض مسرحي ويوقف مهرجان بابل بسبب رجل دين متخلف لا يؤمن بالحياة يؤمن بالموت قبل الحياة ولك أن تتخيل الفن والثقافة التي وصل اليها حال من كانت الثقافة هي أحدى مميزات شعبه في عشرينات القرن الماضي لغاية سبعيناته كان العراقي الرائد في الثقافة والابداع الثقافي والفني فمن منا لا يعرف السياب والملائكة والجواهري أو الرصافي أو…..أو…..ألم يمر من هنا جواد سليم وفائق حسن ومحمد غني حكمت…ألم يقف العرب عند قراءات الوردي……عجب اليوم نقبل الايادي لنفتع قاعة ومنتدى أو نحي أرث سبقنا به غيرنا….ألم أقل لكم أن كل شيء هاديء…..
السياحة والاستثمار والامن كلها تعيش الهدوء وبهدوء ما مر به بلد قبل بلدنا…..هدوء الشوارع ولا يعكر هذا الهدوء سوى التفجيرات …..هدوء الناس لدالة غير طبيعية لانفجار غير عادي ويظن ساسة اليوم وبعد اكثر من عشرة أعوام أن هذا الهدوء هو هدوء طبيعي وبأن هذا الشعب كان يحتضر قبل  2003 وبقدومهم بعد عام 2003 قد قضوا على هذا الشعب وان هذا الصمت هو صمت أموات وما يشهده العراق بين الحينة والأخرى سوى نزعات ميت او محتضر ودليلهم على أن مطالبات هذا الشعب لا ترتقي الى حجم المشكلة التي وقع في ورطتها هذا الشعب فلا يعقل خروج مظاهرات ضد الفساد وهي بنفس الوقت لا تطالب الحكومة بالزوال كيف لا اعلم حقيقةً هذا التصرف يخرجون ضد الفساد الحكومي ويطلبون القضاء على فساد الحكومة وبنفس الوقت يخشون من او يجاملون من أسس للفساد والفساد استشرى في البلد بسببه واقصد هنا الحكومة …..شعب يقتل يومياً ويطالب فقط بالخدمات ولا يطالب برد كرامته واعتباره والقتل الجائر فيه…..هدوء هذا الشعب يجب أن يدرس ليس من قبل معاهد الدراسات الاجتماعية والبحثية وأنما من قبل الساسة التي أمنوا على أنفسهم من غضب هذا الشعب وهدوءه الذي تشير كل الدلائل على أن أنفجاره قريب ليس الإرهاب في العراق هو المشكلة ولو كان الإرهاب هو الوحيد لرأينا ان العراق يحتوي على ازمة واحدة يمكن تشخيصها منذ العام الأول لتشكيل أي حكومة ومثل أي دولة في العالم تعرضت الى الإرهاب ولكن ما تفسير الحكومة للفساد في مواضيع مهمة كفساد أجهزة كشف المتفجرات وفساد وزارة التجارة وفساد وزارة الكهرباء وعقود النفط  وفساد المؤسسة التشريعية ونواب الشعب والاستهتار بالمال العام وفساد حتى السلطة القضائية في بعض الأمور كل هذا هل الإرهاب هو المسؤول نتمنى ان تجيبنا حكومتنا الموقرة ومؤسستنا التشريعية ولكن أنا على يقين سيكون الجواب بعد الانفجار…….