18 ديسمبر، 2024 8:59 م

لجوء الكاتب العربي” للمصطلح الأجنبي قصور في اللغة أم في الكاتب..!؟

لجوء الكاتب العربي” للمصطلح الأجنبي قصور في اللغة أم في الكاتب..!؟

أن الصراع الذي يشهده العالم اليوم في حقيقة الامر ما هو الا صراع ثقافات وحضارات وافكار, وقد يتخذ اشكالاً وصوراً  مختلفة فتارة يكون عسكرياً تصادمياً واخر سياسياً دبلوماسياً  وحتى اقتصادياً تقشفياً لا وبل واجتماعياً وبيئياً و…. , وتكون  الوسيلة لتحقيق هذه  الاهداف هي اللغة التي تقوم بأرسال هذه الرسائل الى الجمهور المستهدف.

ان اللغة” مرآة العقل وهي انعكاس لإنجازات اصحابها الحضارية وانها لا تنمو من فراغ وانما تنمو نتيجة نمو اصحابها وتزداد ثروتها اللغوية بازدياد خبرات اهلها وتجاربهم.

تعتبر العربية من اللغات العالمية فهي السادسة علمياً حسب التصنيف الاممي. وقد وصفها غير العرب كالمستشرق” بارثلمي هربلو” بانها أعظم اللغات آداباً وأسماها بلاغة وفصاحة وهي لغة الضاد, وقال عنها الألماني فريتاغ ” اللغة العربية أغنى لغات العالم ,

واجاد بوصفها الفرنسي أرنست رينان “اللغة العربية بدأت فجأة على غاية الكمال، وهذا أغرب ما وقع في تاريخ البشر، فليس لها طفولة ولا شيخوخة .”

 لقد دافع الكثير من الكتاب العرب  كأحمد شوقي ، والشيخ ناصيف اليازجي، والمعلّم بطرس البستاني، وأمين الريحاني،   وسعد زغلول  وأحمد فارس الشدياق واخرون  على اللغة العربية وحذروا من خطورة الابتعاد عنها وهجرتها, فهي لغة دقيقة وغير قاصرة على التوصيف  وانها عذبة  المعانى  ودقيقة في التفاصيل وسهلة الفهم عند المتلقي واخرى فهي لغة اخر كتاب منزل من السماء .؟

 فمنذ زمن بعيد  ايقن الكُتاب العرب ان لغتهم سوف يصيبها شيء من الضمور والترهل نتيجة ابتعاد الكاتب العربي عنها وتغريبها .وهذا ما باتت معالمة واضحة اليوم عندما دعا البعض ممن  يدعون التنوير والثقافة  بان يهجروا لغتهم الى لغات اخرى .

من المعروف ان لغتنا تعرضت لأقسى الظروف والتحديات , فقد حاول الظلاميون على مدى العصور الى طمس الهوية اللغوية العربية عبر الازمنة  الغابرة من هولاكو وما سبقة و تلاه  فقد تعرضت  البلدان العربية الى غزوات الانكليز والفرنسين والاتراك العثمانين وحالوا بشتى الصور القضاء على هذه اللغة بالترغيب والترهيب  لكنها  جميعا بائت بالفشل , لانها فعلا محفوظة كونها لغة اهل السماء ولغة كتاب اخر الانبياء المعجزة الربانية. واصبحت اليوم لغة467 مليونًا في 60 دولة،

ان المدافعون عن العربية يرون “أن لغتهم  مرتبطة أكثر من اللغات الأخرى بالكيان العربي نفسه، بالذات العربية نفسها، بحالة الارتباط النفسي للفرد العربي والعقلية العربية التي تشكلها، وهذا أمر خطير أيضاً، إذا اختلت اللغة العربية الأصيلة سيختل معها التركيب النفسي والبعد الحضاري والفكري والعقلي والثقافي للفرد العربي، “

لقد اثبت  التاريخ  نجاح لغتنا العربية في استيعاب كل جديد، وإنها لم تقف عاجزة في يوم من الأيام بخاصة أبان عصر الترجمة النشط خلال حكم العباسيين، كذلك في العصر الحديث رأينا الحملة الأنكلو أميركية على العراق. كيف ان العرب قد عجزوا ولم تعجز العربية التي استوعبت على الفور هذا التدفق المتلاحق من المصطلحات والتعبيرات والالفاظ لدرجة جعلت اللغويين يتوقفون أمام قدرة العربية في حرب الكلمات التي دارت بين العسكريين على المستوى الاعلامي.

لقد حاول الغرب ابعاد العرب عن لغتهم وطمسها بشتى الصور من خلال حملات التبشير وقد فعل المستشرقون فعلتهم في اللغة من خلال الدعوة إلى إغراق العربية في سيل من الألفاظ الأجنبية  التي لازال جزء منها باقي الى اليوم. ووصل الى التشكيك بان لغتهم لا تحاكي العصر وهي لغة مبتذلة وهي اقرب للمحلية منها الى العالمية .حتى اصبحت هنالك فجوة بين المثقف ولغته العربية وقد اعتبر استخدام اللغات الاجنبية جزء من الثقافة فالمثقف هو من يتكلم الاجنبية وهذا محض افتراء فالمثقف هو من يتقن لغته قبل ان يذهب لتقليد لغة الاخرون ؟ وهذا ياتي مطابقا لما ذهب الية  طه حسين ” إن المثقفين العرب الذين لم يتقنوا لغتهم ليسوا ناقصي الثقافة فحسب، بل في رجولتهم نقص كبير ومهين أيضاً.” واعتقد بنقص الرجولة “لان تربية العربية تميل جداً إلى الوعظ والقسوة لا نها ستخرجهم رجالاً,

من المؤكد ان اللغة العربية هي غير قاصرة فهي لغة التحدي والاعجاز والبلاغة التي جاءت بها السماء  وهي قادرة ان  تستوعب جميع المصطلحات ,انني وحسب رأى  القاصر اجد القصور في  الكاتب  الذي لم يتقن لغته ولم يكلف نفسة عناء البحث فيها فرمها وراء ظهرة وصار يبحث عن مصطلحاً غربيا حتى يقال عنه انه مثقف وهذا رأى خاطئ حسب فهمي لان المثقف هو علية ان يتقن لغته قبل ان يستجدي اللغات الاخرى حتى تسعفه في ايصال فكرتة اذا ما علمنا ان جمهوره المستهدف عربيا .

. ولا باس مثلا من استخدام مصطلح علمي جديد ولكن يجب ان يترجم عربيا وبلغة مفهومة حتى تفي بالغرض؟ ونحن في الحقيقة أصبحنا متلقين ما ينتجه الآخر لا مبدعين أو مشاركين في صناعة الأدوات والآليات الإعلامية وما علينا الا القبول صاغرين .هذا امر يثير السخرية؟

فعلى سبيل المثال لا الحصر هنالك الكثير من المصطلحات يرددها البعض وهي تحمل اهانة كبيرة للعربي عندما يصفون العرب بدول العالم الثالث اي انهم صنفونا بدرجة ادنى وهم بدرجة اعلى, وحتى مصطلح الاسلام السياسي فهل هنالك الاسلام اخر غير اسلامنا مثلا.

ان عصر السرعة والتطور التكنلوجي الحديث بمثابة جرس انذار  للغتنا التي باتت اكثر خطورة من اي وقت مضى  , فالغزو الثقافي على الابواب ولا تستطيع اي قوة منعة ويجب مسايرته لا استعدائه. فعلى سبيل المثال فأنا كلما جلست مع اطفالي على مائدة الطعام حتى تنهال علية سيل من الاسئلة عن اسماء الاطعمة او الاواني بالإنكليزية فتارة اتهرب واخرى اخبرهم . لانهم صاروا يستمعون لكل شيء قربهم بالإنكليزية واصبحت الحاجة ملحة اكثر من اي وقت “للدفاع عن العربية  ” وبلورة المشروع الوطني للدفاع عن اللغة العربية الذي دعا الية المثقفون العرب.

فالعربية قادرة ان تنافس اللغات الاخرى لانها لغة حضارة وتاريخ موغل بالقدم  ,عندما يتمسك بها العربي ويدافع عنها ويبتكر وسائل الدفاع عنها, فانها سوف تبقى وهي ستبقى لان السماء هي من حفظتها فارتباطنا بالعربية يعني ارتباطنا بكتاب الله المعجزة ….