عودتنا حكومتنا الديمقراطية المنتخبة إنها إذا أرادت تسويف وتمييع أي قضية شكلت لجنة لهذا الأمر بطريقة حماسية يعلن عنها في وسائل الإعلام أو البرلمان أو مؤتمر صحفي يتم الإعداد له بطريقة “جذابة” وحضارية وبعدها لم تعد تسمع أي شيء عن هذه اللجنة حتى يتم تشكيل لجنة لمراجعة عمل اللجنة السابقة وهكذا تبقى بحلقة مفرغة ليست لها بداية أو نهاية وهو المطلوب.
وإعلان التحالف الوطني تشكيل لجان للإصلاحات أمر عادي ومستحسن في كل الأوقات لو توفرت النية الصادقة للإصلاحات من قبل الحكومة، ورب قائل يقول ان هذه اللجان تمثل قمة التحضر في إدارة ملف الدولة بين القائمة الأم وبين مركز القيادة، وتمثل أيضاً عنواناً متفرداً في التواضع وإشراك الآخرين من قبل رئيس الحكومة المتهم بالتفرد والتسلط.
وقد يكون من المناسب التذكير ان الخلافات التي تشهدها الساحة السياسية بين الفرقاء السياسيين والتي ابتدأت بعد تشكيل الحكومة الحالية بين العراقية ودولة القانون ابتداءً، ثم انضمام التحالف الكردستاني للعراقية تبعهم على ذلك التيار الصدري هي ليست خلافات من اجل خدمة الوطن والمواطن أو خلافات التسابق لتحسين الواقع الخدمي أو الاقتصادي او الأمني حتى يتم العمل على وضع الإصلاحات وتشكيل اللجان انما هي خلافات شخصية وحزبية سببها عدم التزام المالكي بتنفيذ الاتفاقات الجانبية التي على ضوئها تم تمرير صفقة تشكيل الحكومة في اربيل وكذلك تمدد الآخرين باتجاه الحكومة في مطالب حزبية وشخصية خارقة للدستور.
وعليه فان إعلان التحالف الوطني تشكيل لجان الإصلاحات ومنح رئاستها للسيد الجعفري يأتي من باب توريط الجعفري من جهة وتسويف الملفات ذات العلاقة من جهة أخرى، لأن الوقائع أثبتت أن المالكي لن يلتزم بمثل هذه الإصلاحات وهذا ما أفصح عنه خصوم المالكي حينما أعلنوا عدم اكتراثهم بمثل هذه اللجان، لأن تجربتهم السابقة مع رئيس الوزراء تقول انه لن يلتزم بالمواثيق والمعاهدات والإيمان الغليظة التي قطعها على نفسه إبان تشكيل حكومة الشراكة الوطنية في أربيل، فهل يلتزم بمقررات لجان هو أمر بتشكيلها، أضف إلى ذلك ان حلقة قيود ثلاثي أربيل بدأت تنفرج بعد انفراط عقد التيار الصدري المتوقع وتردد العراقية وهذا عامل أضيف إلى قوة المالكي في صراعه مع الخصوم وفي عودته إلى طبيعته التي تتناغم مع نقض العهود والمواثيق.
إن لجنة الإصلاحات مضيعة للوقت حالها حال اللجان الأخرى وحال موضوع سحب الثقة والاستجواب ومهلة الستة أشهر وفرصة المائة يوم، لأن النتيجة واحدة وهي استمرار المالكي بنزقه وتفرده وتسلطه وخرقه للدستور، واستمرار معانات الشعب العراقي في جميع الجوانب، وعليه فأن الشيء المؤكد أن لجان إصلاحات الجعفري لن تعالج ما أفسده تفرد المالكي.