انطلقت في الساعات الاولى من صباح يوم 26 ايار 2015، عملية (لبيك يا حسين)، لتحرير الانبار، بتخطيط و قيادة قوَّات الحشد الشعبي جنباً الى جنب، مع بقية القوّات المسلحة العراقيّة، كما أَعلن ذلك الناطق باسم قوّات الحشد الشعبي، النائب احمد الأسدي، بعد ظهر اليوم اعلاه. في غضون ساعات قليلة، حققت عمليات (لبيّْك يا حسين)، انتصارات ملموسة على ساحة العمليات.
في مساء يوم انطلاق عملية (لبيّْك يا حسين)، نشر موقع (CNN بالعربية) خبراً بان وزارة الدفاع الامريكية، عقدت مؤتمراً صحفياً، أعلن فيه المتحدث باسم البنتاغون العقيد (ستيف وارين): (إن تسمية العملية بـ(لبيك يا حسين) أمر (غير مفيد) مضيفاً: (لم نكن نتوقع فقدان القوات الأمنية العراقية، للسيطرة المبدئية على الوضع الأمني. ما يحدث الآن هو أن المليشيات المدعومة من إيران، لديها هذه السيطرة) (موقع سي أن أن بالعربية.).
بعد حوالي 24 ساعة من بدء عمليات (لبيّْك يا حسين)، نشرت وسائل الاعلام اجابة سماحة السيد مقتدى الصدر، على رسالة استفسار، مقدَّمة من قبل مجموعة من طلبة الحوزة العلمية في النجف الأشرف (المكتب الخاص لسماحة حجة الاسلام و المسلمين السيد مقتدى الصدر (اعزه الله).
إِنَّ من يقرأ الاستفسار، و ينعم النظر في كلماته، يكتشف ان الاستفسار ليس بريئاً، كما أن سياق الاستفسار و توقيته، يوحي بأَنَّ الجهة المستفسرة، قصدت (بعمّد أو بدون عَمّد)، إِحداث شرخ في الصف الشيعي، في وقت من أحرج الأوقات في تاريخ العراق. و أَنا لا استبعد أَنَّ جهة مخابراتية اجنبية، تقف وراء هذا الاستفسار (إذا كان
الأمر مبيّتاً و ليس بريئاً)، حيث التطابق كبير بين هدف المستفسرين، و هدف (وزارة الدفاع الامريكية، الذي جاء على لسان الناطق باسم البنتاغون، العقيد (ستيف وارين).
بعد اجراء عملية التحليل الاعلامي لنصّ الاستفسار، المقدم لسماحة السيد مقتدى الصدر، نجد أَنَّ الاستفسار حمل المحاور التالية:
1. الفقرة الأولى من الاستفسار تذّْكر: (و لا يخفى على سماحتكم، مدى تأثير هذه التسميات على سمعة المذهب الحقّ).
أَقول:
و هل ما يقوم به مجاهدوا الحشد الشعبي و ابناء القوات المسلحة العراقية، الذين يحملون أَرواحهم على الأَكُفِّ، من اجل تحرير ارض العراق من عصابات داعش، فيه خدّْش لسمعة المذّْهب الحقّ؟.
أَمّْ أَنَّ الجهاد الكفائي عمل إِسلامي و وطني و إِنساني، خالص لوجه الله تعالى؟. حتى أَنَّ الكثير من المجاهدين، تركوا عوائلهم بدون مؤونة، و منهم من لمّْ يستلم من الحكومة راتبه منذ عدّة أشهر، فهل هذا يُشين بسمعة المذّْهب الحقّ؟.
2. الفقرة الثانية من الاستفسار تذّْكر: (و توظيف عناوينه العقائدية المقدسة في مثل هذه الأمور ).
أَقول:
وهل الأَمّْر الذي وظِّفَتّْ له العناوين العقائدية المقدسة، (لبيّْك يا حسين)، أَمْر تافه لا يستحق استنهاض الهممّْ، و استلهام دروس التَّضحية و الفداء، من قضية الامام الحسين(ع)؟.
3. الفقرة الثالثة من الاستفسار تذّْكر: (مضافاً الى خطورة و حساسية ذلك على مجمل الوضع في العراق.).
أَقول:
هل من عراقي وطني شريف، لا يتبرَّك باسم ريحانة رسول الله (ص) الامام الحسين(ع)؟. أَلمّْ نشاهد المسيحيين و الصابئة العراقيين، يقصدون زيارة مرقد الامام الحسين (ع) مشياً على الأقدام؟.
4. الفقرة الرابعة من الاستفسار تذّْكر: (و تأثيره على التوجه الوطني في محاربة داعش الارهابي).
أَلمّْ تقُمّْ عصابات داعش بحمل الشهيد (مصطفى ناصر هاني الصبيحاوي)، و الطواف به في مدينة الفلوجه، كما فعل الأَمويُّون بسبايا عاشوراء؟.
و عندما سئل والد الشهيد عن مشاعره، أجاب اني أحزن على تصرف هؤلاء لانهم سيتعرضون لعقاب الله تعالى. اليس هذا تأَسياً بمنهج الامام الحسين(ع)؟.
ومن المضحكات المبكيات، عندما سئل (اركان الطرموز/ عضو مجلس محافظة الانبار، في برنامج (بصراحة/ الذي تبثه فضائية دجلة يوم 27 أيار 2015)، هل رأَيّْتَ الفديو و الصور، التي أَظهرت كيف أَنَّ داعش، تستعرض بالشهيد (مصطفى ناصر) وسط الفلوجة؟.
أَجاب الطرموز (كلا … لمّْ اشاهد ذلك). لمّْ يُخفِ (عدنان الطائي/استغرابه من ذلك)، فكرر السؤال باستغراب، لكنَّ الطرموز أَكد عدم علمه بالموضوع.
أَقول:
وهل شعار (لبيّْك يا حسين)، يقدح بالتَّوجه الوطني للعراقيين؟. فمن المعروف أَنَّ في الملاحم الوطنيَّة، تَستحضِرُ الأُمَّة تضحيات رموزها، لتُقوّي من عزيمتها، فكيف الحال و قدّْ استعار المجاهدون، شجاعة أَرفع رمز إِسلامي، في مقارعة دواعش آل أُميّة و آل زياد؟.
ربَّ سائل يسأل لماذا أَجابَ سماحة السيد مقتدى (دام عزه)، على تلك الرسالة؟.
أَقول: إِنَّ سماحته يتقلد مسؤوليَّة شرعيَّة، فهو مُلزم بالاجابة، على ما يقدم له من اسئلة. كما أَنَّ سماحته يقف بمسافة واحدة من الجميع، دون تمييز بين هذا و ذاك.
في يوم 27 أيار 2015، بثَّت العديد من الفضائيات، خبراً مفاده: أَنَّ السيّد القائد العام للقوات المسلحة العراقيَّة، أَمَرَ بتبديل اسم عمليات تحرير الانبار من (لبيّْك يا حسين) الى (لبيّْك يا عراق). لقد كشف السيّد العبادي في هذا القرار، مدى ركوعه و خضوعه للارادة الامريكيَّة، فبمجرد اعتراض (البنتاغون)، على تسمية (لبيّْك يا حسين)، بادر سيادته بتغيير الشعار، حفاظاً على مشاعر الأصدقاء الأمريكان.
و أَقول جازماً للسيّد العبادي المحترم:
ثقّ بالله، لو أَنَّ محافظات الوسط و الجنوب، تعرضت لاحتلال مّا، و طلب سكانها مساعدة داعش و اعوانها، لقَدِموا و هم يرفعون شعار (لبيّْك يا يزيد). إِنَّ السياسة الانهزامية المتخاذلة، التي تركع و تسبّح بحمد الأَمريكان، هي التي دمرت العراق عموماً، و شيّْعة العراق خصوصاً. وحسبنا الله و نعم الوكيل.