17 نوفمبر، 2024 3:41 م
Search
Close this search box.

لبنان على كف عفريت فارسي

لبنان على كف عفريت فارسي

مع فشل صاحب التكليف مصطفى اديب من التأليف، فقد ألحقه بنوع من التزييفـ، في اعتذاره للرئيس عون عن تشكيلة الوزارة الجديدة، فهو لم يضع أصبعه على الجرح اللبناني النازف، واعتذاره بهذه الطريقة غير اللائقة زاد من وجع اللبنانيين، فهو لم يسمِ الأشياء بمسمياتها الحقيقية، فأسباب فشل تكليفه يفترض ان يوضحها للشعب اللبناني، لأن هذا الشعب الذي ظلمه الثنائي الشيعي نصر الله ـ بري بتعاون مع الرئيس الدمية عون يفترض بمن يحترمه اي الشعب ان يتحدث بصراحة عمن أفشل تكليفه، وان ترك الأمور على عوانها والتمويه على الأطراف المعرقلة، جعل المراقبين السياسيين يضربون اخماسا في اسدادس عمن أفشل محاولة الرئيس الفرنسي، لذا يمكن ان نلخص أخطاء أديب في التالي.
ـ كان يفترض ان يقدم أديب تشكيلته الوزارية الى الرئيس عون ويترك الكرة في ملعب الرئيس عون وحليفيه الثنائي الشيعي، ويكون في موقف رجل المرحلة.
ـ ان عدم تعيين الطرف الذي افشل تشكيلته معروف من الناحية الشعبية والدولية، ولكن عدم الاشارة الى السبب جعل بعض المناصرين للثنائي الشيعي يزعمون ان الرئيس المكلف لم يوضح الطرف الذي أفشل المحاولة، وهذا يعني ان أديب برأ من أعاق تكليفه، أوأبعد عنه الضوء على أقل تقدير، وهذا ما لا يجوز لمن يحترم شعبه ويحرص على انقاذه.
ـ بالتغطية على الأطراف المعرقلة لتكليفه جعل مصطفى اديب جميع الأطراف السياسية اللبنانية تقف في نفس طابور المسؤولية، فجميعهم الآن في خانة الإتهام، وهذا فيه ظلم كبير للأطراف التي كانت تؤيد تشكيلته والمبادرة الفرنسية على حد سواء. فالحزب الاشتراكي، حزب القوات اللبنانية وحزب المستقبل احزاب سهلت الأمر لأديب وتركت له حرية اختيار وزرائه من المستقلين.
ـ ان اعتبار بعض المحللين السياسيين ان مصطفى أديب رجل دبلوماسي، وقد حاول ان لا يزيد الموقف تأزما، لذلك عزف عن تسمية الأطراف التي أفشلت تكليفه، نقول ان العكس يمكن ان يكون صحيحا، فقد جعل لبنان في فراغ دستوري، اي نقله من ازمة الى أزمة أخرى، لبنان ليس بجاجة الى مناورات وتغطيات عمن يريد ان يعمق من هاوية فشله.
ـ كان على مصطفى أديب ان يصارح شعبه بأن من يقف وراء افشال تكليفه هو الطرف الأيراني، والوسيلة هي حزب الله، الذي يحكم لبنان، وليس بري الثعلب الذي يتحالف مع الأقوى، فهو مجرد ذيل لحزب الله.
ـ ان الغرض من إفشال مصطفى اديب وفقا للمشروع الإيراني هو انتظار ما تسفر عنه الإنتخابات الامريكية القادمة، فايران عينها على الرئيس المرشح بايدن، وجعلت من لبنان ورقة بيدها، لذلك سيبقى الرئيس عون يماطل في الإستشارة والتكليف حتى الإنتخابات الامريكية، هذه هي الحقيقة التي يفترض ان يفهمهما الشعب اللبناني، لبنان جير بالكامل لصالح ايران.
ـ ان الفشل الحقيقي ليس في مبادرة الرئيس الفرنسي، الفشل الحقيقي هو فشل الأطراف السياسية اللبنانية التي فضلت مصلحة ايران على مصلحة الشعب اللبناني، بالطبع سيحاول الرئيس الفرنسي تجديد مبادرته او تحديثها من أجل معركته الرئاسية القادمة، وسيزعم كالعادة انه سوف لا يترك لبنان دون مساعدة، مع ان الرئيس الفرنسي الذي تحدث مع الرئيس روحاني ومحمد جواد ظريف عن الوضع اللبناني وطلب منهم موآزرة مبادرته، قد اجاب ظريف لاحقا عنها: ماذا يفعل الرئيس الفرنسي في لبنان؟ بمعنى ان لبنان تخصنا نحن وليس فرنسا. كان يفترض على الرئيس ماكرون ان يعرف بأن من يضع العصا في دولاب مبادرته هو الجانب الايراني الذي طالما وقف معه ومع ذراعه حزب الله، متحديا الولايات المتحدة.
ان محاولة الرئيس الفرنسي تلميع صورة حزب الله والمراهنة على المنظومة السياسية الحالية خلال تفاوضه مع الحزب خلال زيارتيه، كأنه يحاول إحياء الهياكل العظمية اللبنانية وهي رميم، لذا كان الفشل أوضح من الشمس في رابعة النهار، كان الرئيس الفرنسي في تفريقه ما بين الجانبين السياسي والعسكري لحزب الله، يظن انه يمكن ان يكسب حزب الله الى تأييد مبادرته، والذي حدث العكس تماما، كأنه يتعامل مع تفاحة نصفها فاسد والآخر غير فاسد وليس مع منظمة ارهابية وفق كل المقايسس الدولية، الا يعرف ماكرون ان لحزب الله وجود عسكري في سوريا والعراق واليمن وخلايا نائمة في كل دول العالم بما فيها في فرنسا؟
فات الرئيس الفرنسي ان وقوفه مع المحور الايراني، سيجعل الدول العربية سيما اقوى دولة عربية وهي السعودية بموقف المعارض لمبادرته، لقد خذل الرئيس الفرنسي العرب في موقفه هذا، وخذل الحليف الأقوى الولايات المتحدة والدول الأوربية التي تعتبر حزب الله حزبا ارهابيا، وربما سينعكس هذا الموقف سلبا في معركته الانتخابية القادمة! لقد راهن الرئيس الفرنسي على الحصان الخاسر.
من المؤسف ان ما أخفاه مصطفى أديب عن اللبنانيين كشفه الرئيس الفرنسي لهم لاحقا، فقد قال ماكرون في اول تصريح له بعد اعتذار أديب ” ان كلا من حزب الله وحركة أمل لم يلتزما بما تم الاتفاق عليه بشأن تشكل الحكومة، فقررا بشكل واضح انهما لا يرغب بالتغيير، فحزب الله لم يقدم أية تنازلات من أجل تسهيل تشكيل الحكومة في لبنان، وعلى حزب الله ان يبرهن انه يحترم الشعب اللبناني”. عجبا يا ماكرون اليس تفجير مرفأ بيروت دليل كافِ على حب حزب الله واحترامه للشعب اللبناني؟ حزب الله حزب ايراني يا ماكرون فكيف يحب الشعب اللبناني، الا تعرف معنى النزعة الفارسية؟
قال ماكرون ايضا” ان الشعب اللبناني رهينة طبقة فاسدة يسيطر عليها الفساد”، لكنك يا ماكرون تعاملت مع الفاسدين من هذه الطبقة بكل ود واحترام ولمعت صورتهم، هل تتعامل مع الفرنسيين الفاسدين بنفس الطريقة؟ ثم هل يمكن مكافحة الفساد في لبنان بالمفسدين أنفسهم؟ كيف ترجو اصلاع الفساد من قبل الفاسدين حسب تسميتك للطبقة السياسية الحاكمة؟ هذا يعني انه لابد من تغيير المبادرة لأنها ما عادت تصلح لمعالجة الأوضاع المتردية في لبنان.
قال ماكرون” ان القادة السياسيين في لبنان خانوا التزاماتهم بالمساعدة على تشكل الحكومة، فبعض الأطراف اللبنانية اختارت التفكير في مصالح احزابهم قبل مصلحة البلاد”. نقول اخفقت يا ماكرون في هذا التشخيص، ليست مصلحة احزابهم بل اختاروا مصلحة ايران، وهذا ديدنهم على طول الخط، واعلم ان من يخون مرة سيخون مرة أخرى، عسى ان تكون الخيانة الأولى حاضرة في عقلك عند تقديم مبادرة جديدة.
ـسبق للرئيس الفرنسي أن هدد بفرض عقوبات على المسؤولين الحزبيين الذين عطلوا تشكيل الحكومة اللبنانية، ولكنه استطرد” هذا الأمر ليس مطروحا الآن”، ربما سيطرح موضوع العقوبات على الرئيس الفرنسي القادم! اما قوله بأن على الرئيس الدمية ميشيل عون ” أن يستعيد المبادرة خلال الساعات المقبلة”، نقول للرئيس الفرنسي هل تعتبر عون رئيسا فعلا؟ هذا الرجل رهين المحبسبن ـ نصر الله ـ بري، تحركه ايران عبر ذراعها المسلح حسن نصر الله، فان كنت تعلم فتلك بربي مصيبة، وان كنت تجهل فتلك كارثة.
اما قول ماكرون بأن ” المبادرة الفرنسية لا تزال هي الخيار المطروح”، فنقول له وان الثنائي الشيعي لا يزال هو صاحب الخيار المطروح ايضا. وان العقوبات الأمريكية هي الحل الوحيد لإستئصال سرطان الثتائي الشيعي من لبنان وما عداه فلا.
وننصح الرئيس ماكرون ان لا يتفاوض مع الذيول، عليه ان يتفاوض مباشرة مع الولي الفقيه في ايران. ففي زيارة محمد جواد ظريف الى موسكو ولقائه مع لافروف اشار بأنه ضد المبادرة الفرنسية، فهل ظن ماكرون ان حسن نصر ـ الجندي في ولاية الفقيه ـ سيخالف سيده ظريف؟
الغريب في الأمر انه على الرغم من الإهانة التي وجهها النظام الايراني الى الرئيس ماكرون” ماذا يفعل في لبنان؟، لكن الرئيس الفرنسي تجاهل الدور الايراني بالمطلق، كأن لبنان يديره عون والثنائي الشيعي فعلا. بل انه في جواب على سؤال لصحفية قال انه لا يستطيع ان يفعل شيئا تجاه الأزمة الامريكية الايرانية، أي من هذا الجانب فقط تحدث عن ايران، متجاهلا دورها في الأزمة اللبنانية. طالما ان القرار اللبناني مرهونا بالخارج، فلا حلٌ من داخل لبنان.
ان البوابة اللبنانية لها مفتاحين، الأول بيد الولي الفقيه، والثاني بيد الشعب اللبناني المخطوف من قبل حزب الله، فما الذي ينتظره الشعب اللبناني بعد حادثة المرفأ وفشل حكومة أديب؟ والله الذي لا اله الا هو ما لم تثوروا اليوم قبل غد، فأنكم ترسخون الفساد، وتبقون على الطبقة الفاسدة مع تدوير النفايات السياسية، وتذبحون الوطن من الوريد الى الوريد. بلا ثورة سيذهب لبنان الى جهنم كما قال وكيل حسن نصر الله. ولات ساعة ندم يا لبنانيين.
علي الكاش

 

أحدث المقالات