ما إن يَحِينَ وقتَ الغُروب يوم العاشِر من المُحَرّم ..تتحوّل هذه الليلة الى ليلةِ كئيبة مُوشِحَة “بالوحشة” كما يُطلَق عليها في التّسمياتِ المَحليّة الشَّعبية انها لَيْلة يتيمة غابت فيها شمسُ☀ الإمامة نَحْراً وإنكَسَفَ القمَرُ قُربَ النَّهر، وبقايا رماد مَهْد طفلِ وبقربه امرأة محنية الظهر
الليلة التي يخيم فيها دخان الخيم ورائحة الدم واطفال مُشَردين في البيداء خوف حوافر الخيل وزعقات الرجال
تبقى ماثلة هذه الصور في الاذهان.
فكان عزاء القرية يختلف هذه الليلة سكون وهدوء وشموع منتشرة هنا وهنا فكانت النسوة تضع الشموع في زاويا البيت لتبدد الظلمة ويرددن (الليلة يزينب وحشة عليچ )
وبيوت القرية التي تضم في كل بيت منها “تنور من طين” لا يُسجَر في مثل هذه الليلة اطلاقا ولا يخبز الخبز فيه وتغلق فوهته بطبق كبير …
امي ونسوة القرية يشعرن بالرعب قرب التنور وقت الغروب وعندما تغيب الشمس
للمخيلة الذهنية طقوسها وشعائرها الخاصة انها حالة وجدانية تستذكر افتجاع العائلة وحرق خيامها وكما يتصورن (تحطيم تنور العلويات) وتذهب بهن المخيلة الى ان وَلَدا مُسلم هربا في زحمة المصيبة وبين حوافر الخيل واختبئا في التنور للصباح
فلا يسجرن التنور خوف ايذاء طفلي مسلم بن عقيل
البعض منهن ذهبن ابعد من ذلك الى “ان رأس الحسين وضع في التنور ايضا… فبقينا لا تنور يُسجَر في تلك الليلة… وتهدمت دارنا بجرافات البعث الكافر وبقي التنور لا احد يقترب منه وكل دار مهجورة لا نقترب ونحن اطفال من اللعب قرب التنور او نفكر بتهديمه…
انه الوجع الممتد من كربلاء الى القرية عبر الاف سنين