لا يعجبه العجب ولا صيام رجب نص يطلق على الشخص الذي لا يرى فيما يفعله غيره إلا الخطأ، فان عملت ما هو صواب برأيك فأنت لا رضى عنك، بل يأخذك النقد من رأسك حتى أخمص قدميك، وإن عملت ما يعتقده صواباً فأنت محط انتقاده بكل الأحوال، إما لأنك لم تعمله كما يريد هو، أو لأنك عملته حسب رأيه سمعة لا أكثر، وقد يصمك بأنك فعلته بصورة غير صحيحة، أو في أفضل الامور فعلت ما فعلت خارج المسموح به زمانا ومكانا، المهم أنك في كل شئ تجانب الصواب في كل حال، ولا تستحق شيئا من أعمالك فيه الثناء مهما كانت درجة الاتقان فيه.
حزب الانتقاد الوطني..
لا يسلم من انتقادهم حجر ولا شجر، واذا لم يجدوا شيئاً يتكلمون فيه، يديرون موجتهم نحو السماء حتى ما يسلم الرب منهم.
تراهم في كل مجلس طوال الاعناق تتطاير الكلمات من افواههم وما تجاوز الاذان، ويتصورون او يعتقدون انهم الفهامة والعلامة وما خلق الله على كل البسيطة غيرهم في الفهم والمعرفة.
هم الاقتصاديون والاجتماعيون والرياضيون والزراعيون والاداريون والصناعيون، والتجاريون وكل المهن والحرف ما علمنا منها وما لم نعلم.
ينتقدون السياسي وما وصلوا فهمه، ويشهرون بالعالم حسدا من عند انفسهم، ويصمون ابن المدينة بالخيانة، ويتحينون الفرص ليقولوا لمن يعثر: (الله اذله) وينصبون انفسهم للماضي والحاضر والمستقبل.
نينوى الرهان..
اذا اراد اي شخص ان يزيد من رصيده الشعبي قي الموصل، ويصبح وطنيا بامتياز، ويشار له بالبنان، ويبصم له بالعشرة، فما عليه سوى انتقاد عضو مجلس نواب او محافظة او مدير دائرة او رئيس قسم، او مسؤول شعبة، او موظفاً لا يقدم ولا يؤخر.
أما اذا اراد الحضور والحضوة والمكانة المرموقة فيشرع بالسباب والشتيمة بكل اللغات واللهجات، واذا اراد الخير كله، فينتقد رئيس الوزراء، ويطيح بالنواب (الحائط الناصي)، ويؤلف في حقهم اكاذيب وتبليات لا يصدقها العقل البشري.
أنا انتقد انا كامل..
وهنا تصل مرحلة النقص أوجها، ويحاك التاريخ الاسود القاتم له، لانه لم يرفع سماعة الهاتف مرة، او لم يجب على رسالة قصيرة، او كان متصلا بالانترنت وما رد جوابا، او انه يتجاهلني، متكبر، مغرور، اعماه المنصب، كأن الله ما خلق غيره، والى آخر الكلام.
عقد النقص هذي تحيله وحشا كاسرا لا يري الناس من قلمه الا ما يرى هو، لكنه في التالي يهديهم الى سبيل الرشاد الذي يعرفه وقد يكون المهلك ايضاً.
الدفاع يعني الانصاف احياناً..
لا انصب نفسي مدافعا عن مخطئ، في المقابل لا احب ان يظلم المتكلم عليه، في السياسيين والنواب وغيرهم من الاخطاء لكننا نضخمها احياناً، ونعمل شرخا كبيراً، وهوة واسعة، حتى لكأنهم يؤثرون البعد والابتعاد احياناً، حتى لا يسمعوا كلمة جارحة تقطع شعرة الوصل المتبقية.
يخطئون وهم بشر، لكنهم يثوبون الى رشدهم، فهم ليسوا سواء، وسياسة التعميم والجمع لا خير مرجو فيها أبداً.
اعرف أحدهم..
لا واحدهم بل العشرات منهم، وبعضهم يعتاش على الاتهامات، ويأكل بالشبهة، ويشرب بالظن، ويقضي حياته بالغيبة والنميمة.
حيث ما وجدت المعارضة فلسان سليط، وكلمات نابية، وعبارات جارحة يفكر فيها ليل نهار عله يصيب احدهم بمقتل، وليته اخرج ما فيه قبل ان يقتله.
أرحموا جهلكم..
ليس كل اسلامي متهم، ولا كل مدني شريف، ولا ما عداهم بين المنزلتين، فنحن لا ندخل الناس الجنة و النار، فبعض الاسلاميين يضع يده على الجرح وآخر ظالم لنفسه ومقتصد، ومدني اليوم ليس كامل الاوصاف والمواصفات فمنهم هذا وذاك.
فلا نعمم، ولا نلقي التهم جزافا، لمجرد الاختلاف الذي من المفترض انه لا يفسد للود قضية.
ختاما..
النقد الهدام المبني على الرأي المجرد، المأخوذ من قيل وقال لا يأت بخير، ويسهم في عواقب وخيمة نعيش بعضها الان وسنعيش اضعافها مستقبلاً.
انتقد نعم.. ضمن اللياقة، لا اتهم، ولا اتبلى، أشخص واقول هذا رأي شخصي، وربما غيري يعتقد عكس ما قلت.
نتحاور ونتناصح ونبني ونعمر..
حفظ الله نينوى والعراق.