23 ديسمبر، 2024 9:53 م

لا يستيقظ الفساد الا بعد ان تنام الضمائر

لا يستيقظ الفساد الا بعد ان تنام الضمائر

قال معاوية لابن الكوَّاء: صف لي الزمان؟ فقال: أنت الزمان! إن تَصلح يَصلح، وإن تَفسد يَفسد”. (بهجة المجالس/73).
السلطة القضائية وعكازتيها هيئة النزاهة والمفوضية العليا للإنتخابات يتحملون الجزء الأكبر من الفساد الحكومي المتفشي والمتفاقم في العراق الديمقراطي المزعوم. بلا أدنى شك ان السلطتين التشريعية والتنفيذية فاسدتان من الرأس الى القدم ، ولكن لو كانت السلطة القضائية نزيهة وغير مسيسة لتمكنت من وضع حد لظاهرة تفاقم الفساد المالي بشكل عام، وان عجزت لسبب ما، عندئذا يمكنها ان تكاشف الجمهور بالحقيقة الكاملة بلا رتوش، وتترك الكرة في ملعبه، وتنأى عن الشبهات فتبرأ ذمتها أمام الله وأمام الشعب.
كما يُبلى المرء بالمرض، فأن الأمم تُبلى كذلك بالفساد، والفساد أنواع ودرجات لكن أخطرها هو الفساد الحكومي لأن هذا أشبه بالسرطان بفتك بخلايا الأمة ويدمرها عن بكرة أبيها. ولا نغالي بالقول بـأنه منذ أن سَلمت الإدارة الامريكية الأحزاب الإسلامية المتهالكة دفة الحكم في العراق، شهد البلد من الفساد ما لم يمرٌ به في حقب التأريخ القديم والمعاصر، هذا طبعا بإعتراف الفاسدسن أنفسهم علاوة على المنظمات الدولية المعنية بالفساد، فالعراق ـ بجهد الشيطانين الأكبر والأصغر واقزامها من الإسلاميين في العملية السياسية ـ يرفض التنازل عن عرش الفساد العالمي، ولا يفرط في مرتبته المتقدمة في الفساد الحكومي.
إن ملفات فساد الأحزاب الإسلامية الحاكمة تكاد أن لا تُعد ولا تُحصى، وعلى الرغم من محاولة إطفاء الحكومة شيئا من جذوة غضب الجماهير القليلة التي أنتفضت ضد الفساد الحكومي في مناسبات محدودة لا تتوائم مع حجم مارد الفساد الذي دمر الدولة، لكن هذه المحاولات الإصلاحية ذات طابع ترقيعي، ولا ترقى أن تكون أكثر من قطرة في بحر. لأن الجهات التي تدعى محاربة الفساد والمتمثلة بهيئة ولجنة النزاهة والقضاء كل منهم أفسد من الآخر، لذا فأن حيتان الفساد الكبيرة ما تزال تسبح في تيار الحكومة بكل قوة ونشاط وتحدي سافر لإرادة الجماهير القلية الواعية، في حين الأسماك الصغيرة هي التي تقع في شباك القضاء المسيس. أما ما يعلن عن ملفات فساد بعض الوزراء وكبار المسؤولين فإن القضاء لا يتخذ ضدهم إجراءا إلا بعد أن يتأكد من خروجهم من العراق بأمان وسلامة محملين بسلالهم المليونية، وهناك المئات من الأدلة. لذا أحمق من يظن أن الحكومة جادة في محاربة الفساد، لأن الحكومة الفاسدة لا يمكن ان تحارب نفسها، ونفس الشيء ينطبق على البرلمان العراقي.
هيئة النزاهة ولجنة النزاهة البرلمانية لا تحملا من النزاهة إلا إسمها الذي تلوث بكنيف الأحزاب الإسلامية الحاكمة، فهيئة النزاهة لا تعلن اسماء الفاسدين إلا عندما يكون قد خرجوا أموالهم الى بلدهم الثاني ـ الذي يحملون جنسيته ـ يعني كما يقول المثل العراقي” بعد انتهاء الزفة جاءت الرعنة تهلهل”.
على سبيل المثال، اصدرت محكمة جنايات الرصافة حكماً غيابياً بالسجن (15)عاما على الأمين العام السابق لوزارة الدفاع (زياد القطان) بتهمة الاضرار بالمصلحة العامة. وذكرت هيئة النزاهة في بيان صحفي” ان وقائع الدعوى المحالة الى المحكمة تشير الى ان المدان الحق الضرر بالمصلحة المعهودة اليه بصفته أمينا عاماً لوزارة الدفاع من خلال العقد المبرم مابين الوزارة وشركة سكنز”، موضحة أن مقدار الضرر المتحقق بالمال العام جراء العقد المتضمن تجهيز الوزارة بالاسلحة الخفيفة بلغ (31.340) مليون دولار امريكي.