20 ديسمبر، 2024 11:57 ص

اقوى ” لايابه إحنه ” يمكن ان تقال ، تقال جراء ماحصل قبل وباثناء وبعد استفتاء الاسكوتلنديين على انفصال اقليمهم عن التاج البريطاني.و “لايابه احنه ” او” لايابه جماعتنه ” عبارات جاهزة يطقلها العراقي تعبيراً عن دهشته ممايرى وحيرته بما لايرى وأسفه على مايحصل في بلاده جراء السياسات والانظمة التي حكمته واداء المسؤولين واقربائهم وابنائهم في بلده ، او تعامل الناس وازدواجية الشخصية العراقية المعتادة . كلما راى شارعا نظيفا او مدينة حديثة او عمارة شاهقة او مدرسة متقدمة او انجازا علميا اوتكنلوجيا او جسرا متحركا اومسؤولا متواضعا يعتذر اذا اخطأ ويحاسَب اذا قصّر، او ابن مسؤول يتصرف مثل البشر او حكومة تتشكل بعد الانتخابات بدون مشاكل ، “يعني” من نظام المرور الى غزو الفضاء كلما راى شيئا قال: ” لا يابه احنه ” وسرد سوء مانحن عليه . وظلت “لايابه احنه” و”لايابه عدنه” و”لايابه جماعتنه ” ماركات عراقية وعبارات مرادفة لـ “استغفر الله العظيم” او “لله في خلقة شؤون” . حيث لم يهنأ العراقي بسفرة او مطار او مطعم
او قطار او عيش في بلدان متقدمة طالما يقف على مقصلة المقارنة .
في ذلك اليوم 18/9/ 2014 حبس مواطنو وسكان المملكة المتحدة ودول العالم اجمع انفاسهم بانتظار نتائج استفتاء الاسكوتلنديين على انفصال اسكوتلندا عن التاج البريطاني الذي نُصّبَ على اربعة اقاليم،اسكوتلندا وانكلترا وويلز وايرلندا الشمالية .حيث انبرى جيل معاصر يحرّكه خيالٌ بالاسود والابيض عمره 300 سنة منذ غزو واحتلال اسكتلندا من قبل الملك إدوارد ملك إنجلترا عام 1276، وانضمامها الى المملكة عام 1707 حتى يومنا هذا. هذا الجيل يريد ان يثأر لاجداد أجداده الذين اخفقوا في ترسيخ اسكتلندا دولة مستقله . لكنه ثأرٌ مختلفٌ عن وسائل اجدادهم بجزّ الاعناق وعربدة الخيول ولمعان السيوفِ” لانها لَمَعتْ كبارِقِ ثَغرِكِ المُتَبَسّمِ!” والانفصال بالقوة او الانضمام بالسياط ، بل بالحكمة والديمقراطية والحوار واحترام اراء الناس جميعها . جدل لم ينقطع بين الاسكتلنديين الرافضين والاسكتلنديين الموافقين على فصل الخمسة ملايين “اسكتلندي” عن خمسة وستين مليون مواطن بريطاني ، مبررات شتى من الطرفين داخل الاقليم :
* نعم للانفصال لنشعر باستقلالنا.
* لا للانفصال كي لانكون دولة صغيرة في عالم التحالفات الكبيرة.
* نعم للانفصال كي نضمن خدمات ورعاية اكثر وثروة وطنية.
* لا للانفصال فنحن قلة لكننا جزء من شعب كبير نشاركه ضرائبه وثرواته .
* نعم للانفصال لمزيد من السيادة والمشاركة في القرار السياسي
* لا للانفصال لاننا اصلا مُمَثلون بشكل جيد في البرلمان ولدينا قدر كبير من التحكم في شؤون الحكم اليومية داخل حدود اقليمنا .
منطق ضد منطق وتفاصيل اكثر غنية شاملة ممتع ومفيد الاستماع اليها وكأنك تطلع على محاضرات يومية ثرية من الحديث في التاريخ الى الهوية وفهم الدولة الى الاقتصاد الى التنميتين العمرانية والبشرية الى المستقبل .
وحين أشارت نتائج الاستفتاء النهائية إلى أن 55,3% من سكان اسكتلندا رفضوا الانفصال بينما صوت 44,7% لصالحه، هدأ نبض العالم . وبدأت رسائل الاقرار بالنتائج وتحية الجميع ، وبدا المنتصرون والحكومة المركزية بطمأنة الذين لم يفلحوا بالانفصال واحترام خيارهم واعلاء شانه ، والتعهد بمنحهم استقلالا اقتصاديا نسبيا وامتيازات اخرى . وتبادل التحايا كل من أليكس سالموند الوزير الاول في اسكتلندا المحبط مع زعيم رفض الانفصال الاسكتلندي ايضا ألاستير دارلنغ ، هدأ كل شيء وعادت الحياة الى حركة التجارة والاقتصاد والبورصات في العالم بسلام بمنتهى السلام .
الاهم من ذلك كله ، ماهي الاجراءات الاستباقية التي كان الطرفان يعدانها فيما لو حدث الانفصال ؟ . بالطبع ليس مؤتمرات للشتائم والتهم والتصفيات والتهديد والتحالفات الخارجية المشبوهة ، بل كان شيئا مثيرا فعلا : لقد شكلوا لجانا مشتركة من الخبراء يمثلون الحكومتين حكومة الاقليم المحلية الحالية والحكومة البريطانية تبحث منذ زمن سَبَقَ الاستفتاء بكثير كل صغيرة وكبيرة وتنجز القوانين والبروتوكولات وضبط العلاقات بين بلدين مستقلين على صعيد العملة والديون والموقف الدولي والانضمام الى الاتحاد الاوربي والتجارة والتسليح وحركة الملاحة والاقمار الصناعية والتحالفات وضمان الامن والحدود والاصلاحات والمساعدات وجوازات السفر وشروط الاقامة والقوة النووية ، لاسيما وان غلاسكو عاصمة اقليم اسكوتلندا تضم الرادع النووي البريطاني . ” لاتكولي ولا أكولك ! ” بحثوا ورتبوا كل شيء بحيث لو حصل وفاز الموافقون في الاستفتاء سيجد المجتمع الدولي دولتين محترفتين جارتين منظّمتين مستعدتين لمواجهة اية تحديات داخلية وكونية . وفي حال لم يتم الانفصال توضع هذه الملفات الضخمة الشاملة الدقيقة المدققة على الرفوف. ” لا يابه ……” . 

أحدث المقالات

أحدث المقالات