22 نوفمبر، 2024 7:56 م
Search
Close this search box.

لا وجه للمقارنة بين عالَمين مختلفين!

لا وجه للمقارنة بين عالَمين مختلفين!

انظر ماذا يجري في العالم الإسلامي والعالم العربي بشكل خاص، أحداث سياسية متلاحقة وأزمات لا أول لها ولا آخر، والفوضى هي السائدة فيه، جميع أنواع المساوئ والآثام وكبائر الذنوب التي نهى عنها الله ورسله والحكماء والفلاسفة والمصلحون عبر التاريخ تتغلغل فيه؛ من جهل وفساد وبلطجة وقلة ذمة وضمير والهرج، وهو يعني القتل كما جاء في الحديث الشريف: “إن بين يدي الساعة الهرج، قالوا وما الهرج؟ قال القتل، إنه ليس بقتلكم المشركين ولكن قتل بعضكم بعضا”.

ومع أنه يظهر التقوى والصلاح، ويحرص على أداء فرائضه الدينية من صلاة وصوم وحج على أكمل وجه، لكنه مع ذلك لا يتوانى لحظة عن ارتكاب أفظع الجرائم وأقساها بحق الآخرين، ولو كان الحق إلى جانبهم، كما فعل النظام العراقي مع الشعب الكردي في عمليات قتل جماعية سماها “الأنفال” على اسم سورة في القرآن الكريم عام 1988 (لإظهار العملية على أنها عملية جهادية ضد الكفار!!)، حيث قام بدفن أكثر من 180 ألف بريء في الأرض وهم أحياء دون أن يرف له جفن. وكما يفعل اليوم النظام الأسدي الطائفي المجرم بحق الشعب السوري المظلوم، لا شيء يوقف هذا العالم المتناقض المعقد من عدوانيته وهمجيته، مع أنه يدّعي الإسلام ومحبة الله!! والله بريء من أفعاله وتصرفاته، والعجيب أنه رغم قيامه بعمليات قمع منظمة ضد شعوبه المسلمة وغمط حقوقه، نراه يرفع صوته مستنكرا ومحتجا على ما يجري من انتهاكات صارخة في “ميانمار” بحق شعب “الروهينغا” المسلم! مطالبا المنظمات الأممية باتخاذ أقصى العقوبات الرادعة ضد سلطاتها، أو نراه يندد بشدة بالرسوم الكاريكاتيرية الساخرة التي ينشرها رسامون غربيون للرسول صلى الله عليه وسلم بين فترة وأخرى، ويدعو إلى التظاهر وتحشيد القوى ضدهم.

هذا هو الوضع البائس للعالم العربي الإسلامي الذي أضاع طريقه، وفقد اتجاهه وبوصلته، ولم يعد يعرف إلى أين يسير وبماذا ينتهي به المطاف، فمنذ أن ابتلي بحكم العسكر والانقلابات البوليسية، والحكام المتسلطين على رقابه، لم يعد قادرا على التمييز بين الصواب والخطأ، وبين الإيمان والكفر، تشوش لديه الفكر ولم يعد قادرا على الرؤية الطبيعية للأمور. وبينما هو في هذه الحالة الهلامية غير المتوازنة مهزوم ومدحور ومحطم داخليا، يدور في ساقية العبط والفوضى مثل الثور المعصوبة عيناه، نرى العالم “الغربي” في الجهة المقابلة يقف أمامه متفرجا ويواصل مسيره نحو التقدم والتطور، ففيما هذا الغرب “الكافر” يبني ويتقدم بهدوء وثبات في عمق المعرفة ليضيف شيئا جديدا لمجتمعاته ورفاهية شعوبه، حتى حول بلاده إلى جنة حقيقية تليق بكرامة الإنسان ومكانته كسيد المخلوقات في الأرض، ويتمتع بالحياة ويعيش في الحاضر، فإن الشرق “الإسلامي العربي” يعيش في أحداث الماضي السحيق ويرفض الخروج منها.

عالم الغرب مشغول بأبحاثه واكتشافاته، والشرق مشغول بتفاهاته وحماقاته ومغامراته العسكرية، ونزاعاته الطائفية والقومية التي لا تنتهي، والنتيجة أن الهوة بين العالمين تتسع أكثر فأكثر، والاختلاف الحضاري يكبر ويتضخم، والخاسر الأول والأخير في النهاية هو العالم العربي الإسلامي دائما! * كاتب عراقي

أحدث المقالات