6 أبريل، 2024 8:45 م
Search
Close this search box.

لا نريد تحول شعار {الشرطة في خدمة الشعب} الى {الرصاص في خدمة الشعب}

Facebook
Twitter
LinkedIn

كان هذا العنوان يستوقفني كثيرا وأردت الكتابة فيه منذ فترة، وفي يوم تأسيس شرطة العراق في التاسع من كانون الثاني من كل عام، حاولت الكتابة لكن الظرف في حينها حال دون ذلك، وأقول:
 لعل من أبرز النواحي التي تساعد قوات الشرطة في التميز والنجاح هو المزاج العراقي لكل العراقيين سواء والذي يترتب عليه شعور متنام يوماً بعد يوم بأن أمنه وسلامته وطمأنينته في نفسه وماله وعرضه ودينه تكمن في وجود شرطة قوية موحدة متماسكة جديرة بالدعم بكافة الموارد لأنها تجسد له معنى الأمن إذ أن الأمن شعور وليس نظرية.
حروف كلمة شرطي الانجليزية (police) فكل حرف من هذه الكلمة يشير لمعنى جليل ويحمل مضمونا راقيا:
الـ (P) من (polite) وتعني مهذب.
 وحرف الـ (o) من (obedient) وتعني مطيع
وحرف الـ (L) من (logical) وتعني منطقي
 والـ (C) من (civilized) وتعني متحضر
 والـ (E) من (Educated) وتعني متعلم
 والشرح الكامل لكلمة policeman هو رجل مهذب ومطيع ومنطقي ومتحضر ومتعلم
(Protection of Life in Civil Establishment) وتفسيرها {حماية الأرواح في المجتمعات المدنية}
الشرطة الحقيقية هي وضع الشعب أيديهم مع أيدي رجـال الأمن والشرطة ويكونوا كأسرة واحدة أب مع أبن، أخ مع أخيه، وفي زيارتي لدبي وجدت هناك برنامج رائع اسمه (كلنا شرطة) يجسد معنى الشرطة الحقيقية، ويلاحظ حاليا على نطاق واسع، ان الاهتمام منصب بصورة او بأخرى على المبادئ الاجرائية المطلوبة من رجل الشرطة وما تقتضي الاجراءات القانونية من خطوات فنية في الكشف عن الجرائم، وفي تكوين قنوات قانونية واجتماعية واخلاقية وحصانات اضافية في الحد من الانحراف والجريمة، وفي مقابل ذلك نجد ان صورة مراكز الشرطة، مازالت بحاجة الى المزيد من الاهتمام والتطوير برغم انها تمثل القلب في المؤسسات الشرطوية العراقية وهي على مساس يومي مع المواطنين ويلجا اليها الناس عن تعرضهم الى أي مشكلة امنية ومن هنا اعطائها الاهمية المطلوبة لنجعل من هذه المراكز قوة جذب أمنى وصورة مشرقة للواقع الامني الداخلي.
والسؤال الذي يطرق البال: هل ان المطلوب تنشيط مراكز الشرطة على حساب المؤسسات الاخرى وما هي الصورة المشرقة التي يقتضيها وجود مراكز الشرطة؟
في عام 2006 تقريبا تراست لجنة شكلت من قبل نقابة المحامين العراقيين الى الموصل لتقصي الحقائق عن عدة معتقلين(لدى لواء الذئب في وقتها) اتهموا بقتل أناس تبين انهم احياء ولان الموضوع كانت تعلوه صبغة دينية لان بعض المتهمين من رجال الدين، كان عملنا يحتاج الى تدقيق وتمحيص وتروي، وكان رئيس غرفة محامي الموصل في حينها الأستاذ (عز الدين الدولة) وزير الزراعة السابق، ولدى وصولنا الى الموصل كان التجمع الجماهيري كبير في استقبالنا مما صعب مهمتنا، المهم ليس ذلك موضوعنا، زرنا قائد شرطة الموصل في وقتها، ولدى دخولنا لقيادة الشرطة وجدت قطع منتشرة في كافة ارجاء قيادة الشرطة مضمونها( أيها الشرطي ارمي لتقتل واقتصر بالعتاد) واستغربت من هذه المقولة، وكيف يتم تهيئة رجل الشرطة بهذه الأنماط من التفكير الذي يستند الى القتل، وكان هناك نقاش طويل مع قائد الشرطة على هذه الملصقات واخبرته انتم نسفت شعار طالما اعتدنا عليه(الشرطة في خدمة الشعب) ووضعتم مكانه(الرصاص في خدمة الشعب) وانتم جعلتم من جهاز الشرطة جهاز مخيف يرهب المواطن لا سيما وهو يشاهد سيارات الشرطة تجوب الشوارع وعلى سطحها عناصر من الشرطة يحملون البنادق وهي موجهة صوب الشارع أي باتجاه المواطن، ويطلقون الرصاص أحيانا بصورة عشوائية باتجاهات متعددة وتصيب أناس أبرياء ان هم تعرضوا لعبوة ناسفة او اطلاق نار وغيرها، ومركز الشرطة اصبح مركز امني محاط بالحواجز والسواتر والحراسات التي تتعامل غالبا مع أي شخص يقترب من المركز بسوء نية، واصبح مركز الشرطة يخيف المواطن ويجعله  يقدم خطوة ويؤخر عشر خطوات عندما يفكر بالذهاب الى مركز الشرطة، اننا لا نستطيع ان نغادر ان هجمة الإرهاب شرسة جدا، لكن من غير الممكن ان يؤدي ذلك نسف واسقاط شعار الشرطة في خدمة الشعب.
 وفي نهاية لقائنا، امر قائد الشرطة في الموصل برفع كافة الملصقات ووضع بدلها شعار (الشرطة في خدمة الشعب) وحصل نفس الامر عندما زرت قائد شرطة واسط بصحبة رئيس اتحاد الحقوقيين العراقيين الأستاذ (علي الشمري) في سنة 2010 تقريبا، حيث وجدت لوحة صغيرة مكتوبة بالإنكليزي تشير الى استخدام القوة قد وضعها قائد شرطة واسط على مكتبه وعلى جدران غرفته.
 لذا فهناك موجبات وضرورات بان نجعل مراكز الشرطة قوة استقطاب في ايجاد مكونات اجتماعية لإشاعة الاطمئنان والحماية الامنية وتقديم خدمة الدفاع عن الحق الوطني للفرد بصيانة وجوده وممتلكاته وان تراعي دوماً التعددية بكافة أشكالها بل وحمايتها من خلال إرساء قواعد العدل والمساواة في التعامل مع كافة فئات المجتمع العراقي كما قال تعالى (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) وذلك من خلال:
أولا: ان يكون عمل جهاز الشرطة تحت عنوان، التفاني والجودة المستمرة في مجال ما يقدمه من خدمات (الجوازات، السجل المدني، الدفاع المدني، النجدة مرور، كمارك، حدود، الخدمات الاجتماعية والطبية والحياة البرية وغيرها من خدمات) والحد من كل الظواهر التي تجعل البلد مرتعا للانحراف او الإرهاب او الظواهر الشاذة.
  ثانيا: ان الصورة الاعتبارية المطلوبة لمركز الشرطة هو ان يظهر بالمظهر القانوني الاعتباري في كل شيء من خلال مراعاة ما يلي:
       ألف-الاهتمام بالواجهة والنظافة الى اختيار الموقع الذي يجعله في مرأى حركة الناس اليومية وليس بعيدا وعند نقاط التقاء اكثر من شارع.
باء-ان يكون معلما جديرا بالانتباه والاحترام من قبل الناس ولهذا لا يجوز اصلا ان تكون واجهة المركز كئيبة او غير نظيفة او تشوبها أي شائبة من حيث البناء لان المظهر ضروري في هذا الحال.
جيم-مثلما يكون مظهر الشرطي ذا تأثير قوي في فرض هيبته القانونية الى جانب المنطق والنباهة التي يتصرف بها فان الموقع الذي يتواجد فيه الشرطي له تأثيره الفاعل في تكوين قوة الجذب الاجتماعي والنفسي.
وكان يقال دائما ان أكثر ما يخشاه المجرم والارهابي هو وجود مركز الشرطة حاضر في موقعه وفي رجاله وفي الياته وهو الامر الذي يصنع عقدة الخوف لدى مرتكب الجريمة وعقدة الخوف تؤدي الى تفكك قوة الجريمة وبالتالي تبعد صاحب الجريمة عن التحكم الدقيق بتصرفاته وهذا أحد اهم عناصر خرق وحدة موقف المجرم ومرتكب الإرهاب او الانحراف.
ثالثا: توفير واجهة معلوماتية وقانونية لكل الذين يقصدون مراكز الشرطة في طلب نجدة او شكوى للاستفسار او لقضية اخرى
رابعا: من الوجائب التي تقوم جهد مركز الشرطة هي بوجود منتسب فيه على قدر من الوعي والقدرة على الحوار وتفهم مطالب المراجعين، ان هذه النقطة مع الاسف مهملة نسبيا لأسباب كثيرة في مقدمتها الفساد الإداري والمالي الذي يضرب البلد، وعدم القدرة علي توفير استعلامات على قدر من الوعي والمسؤولية الاجتماعية والاعلامية يعزز دور الشرطة في الضبط الاجتماعي فربما جاء احد المراجعين ولديه شكوى او معلومة على قدر من الاهمية ولأسباب عدم قدرة الشرطي الذي يصغي اليه على النقاط مطلب هذا المراجع قد يضيع على الشرطة موقف يخدمها في صيانة الامن وتحقيق الاطمئنان والحد من الانحراف.
خامسا: إقامة مواقف تنطبق عليها المعايير ذات الشأن، حيث ان المواقف الموجودة حاليا تشكو من عدم اهليتها وعدم مطابقتها للشروط المطلوبة وبطريقة مقززة، يرافق ذلك عدم الاهتمام بموقع النظارة او الانتظار في اجراء التحقيقات فليس صحيحا تواجد المهتم او المطلوب للشهادة والتحقيق في مكان غير لائق ويطلب منه الادلاء بما لديه بل العكس هو الصحيح، اذ ان توفير لائق للمراجعين والشهود والمطلوبين في قضايا قد تكون خالية من العنصر الجزائي انتظارا للتحقيق قد يكون الخطوة الاولى التي تدفع المراجع الى التعاون مع مركز الشرطة وليس العكس.
ان الاهتمام بهذه النقاط والتركيز عليها لا تنقص من الاعتبارات الاخرى ولكنها ضرورية تجعل من مركز الشرطة واجهة وقوة استقطاب اجتماعي ومن المهم نفسيا واجتماعيا ان يتعاون مركز الشرطة في تنظيم زيارات ميدانية له من قبل سكان المنطقة الذي يوجد فيه، وعقد اللقاءات بالضباط والمنتسبين لان من شان ذلك ان يكسر حاجز التردد والخشية بين الطرفين بل هو يدفع الكثير من الناس الى استسهال عملية التعاون مع الشرطة بمراجعة مركز الشرطة وتقديم التعاون معه وهذه يمكن ان تقوم بها المنظمات الجماهيرية والمهنية، او تشكيل لجان وتسميتها مثلا (لجان أصدقاء الشرطة).
كيف يكون مركز الشرطة واجهة اجتماعية للاطمئنان والامن؟
عندما تقوم الشرطة بمراعاة مبدأ العدالة والنزاهة والمساواة بين كافة جمهور الشعب العراقي عند إجراءات طلب الحضور، والتحقيقات والتحريات الأولية، فتح الدعوى الجنائية، التحقيق، التحري وفي تمثيل الاتهام أمام المحاكم والوفاء بواجباتها من خلال إطلاق سراح المفرج عنهم بسرعة وبدون مساومات والابتعاد عن ظاهرة المخبر السري الكيدي وإرجاع كافة الأمانات وحقوق المتهمين المحفوظة لديها، واسقاط الاتهام في مواجهة المتهمين من خلال رفع أسمائهم من سجل المطلوبين، تحقيقاً لمبدأ (يأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود).
ولا بد ان نشير الى خصوصية اداء رجل الشرطة في اطار فردية عمله ضمن الافق القانوني العام، فان قوة الاداء لا تكتمل لدى الشرطي ما لم يتصرف بروحية الفريق مع الاخرين اننا لا ننكر ان هناك نزعة لدى رجل الشرطة سواء كان ضابطا ام منتسبا لان يسعى الى اعطاء نفسه الدور المتميز في اداء الواجب القانوني فهذا من حقه المشروع لإبراز مواهبه يمكن ان تتحقق مل لم يأخذ بالحسبان رغبة الاخرين الذين يعملون معه في الاجراء القانوني المعين ولا يمكن لهذا النشاط ان يأخذ فرصته الكاملة من التحقيق المتميز مالم يرتبط العمل الاجتماعي بانضباط الجماعة القانونية ككتلة موحدة في ذلك .
وإذا كان تحقيق الامن واجب جميع اجهزة الدولة والشعب فان المسؤولية تكون أكبر هنا على جهاز الشرطة ضمن خصوصيته المهنية وليس على أي جهاز اخر وذلك بوصفة المسؤول المباشر عن تحقيق الامن على الصعيد الاجرائي سواء كان ذلك بالعمل الوقائي اليومي للحد من احتمالات الانحراف ام العمل العلاجي والوقائي.
وتذكيرا وتأكيدا، يمثل الشعور بالأمن والاطمئنان الاساس الموضوعي لأداء الناس للواجبات اليومية التي يطلعون بها على مختلف مشاربهم وقنوات عملهم وهناك نقطة تلتقي عندها جميع المدارس القانونية هي ان معدل الاستقرار الاجتماعي والنفسي وتراجع الجريمة والانحراف ينمو طرديا مع شعور الناس بالأمن أي الاطمئنان ذلك لان أي شعور بعدم الامن وعدم الاطمئنان لابد ان يدفع الفرد الى القلق والتشتت الفكري وضياع الكثير من صور الدقة.

لا نريد تحول شعار {الشرطة في خدمة الشعب} الى {الرصاص في خدمة الشعب}
كان هذا العنوان يستوقفني كثيرا وأردت الكتابة فيه منذ فترة، وفي يوم تأسيس شرطة العراق في التاسع من كانون الثاني من كل عام، حاولت الكتابة لكن الظرف في حينها حال دون ذلك، وأقول:
 لعل من أبرز النواحي التي تساعد قوات الشرطة في التميز والنجاح هو المزاج العراقي لكل العراقيين سواء والذي يترتب عليه شعور متنام يوماً بعد يوم بأن أمنه وسلامته وطمأنينته في نفسه وماله وعرضه ودينه تكمن في وجود شرطة قوية موحدة متماسكة جديرة بالدعم بكافة الموارد لأنها تجسد له معنى الأمن إذ أن الأمن شعور وليس نظرية.
حروف كلمة شرطي الانجليزية (police) فكل حرف من هذه الكلمة يشير لمعنى جليل ويحمل مضمونا راقيا:
الـ (P) من (polite) وتعني مهذب.
 وحرف الـ (o) من (obedient) وتعني مطيع
وحرف الـ (L) من (logical) وتعني منطقي
 والـ (C) من (civilized) وتعني متحضر
 والـ (E) من (Educated) وتعني متعلم
 والشرح الكامل لكلمة policeman هو رجل مهذب ومطيع ومنطقي ومتحضر ومتعلم
(Protection of Life in Civil Establishment) وتفسيرها {حماية الأرواح في المجتمعات المدنية}
الشرطة الحقيقية هي وضع الشعب أيديهم مع أيدي رجـال الأمن والشرطة ويكونوا كأسرة واحدة أب مع أبن، أخ مع أخيه، وفي زيارتي لدبي وجدت هناك برنامج رائع اسمه (كلنا شرطة) يجسد معنى الشرطة الحقيقية، ويلاحظ حاليا على نطاق واسع، ان الاهتمام منصب بصورة او بأخرى على المبادئ الاجرائية المطلوبة من رجل الشرطة وما تقتضي الاجراءات القانونية من خطوات فنية في الكشف عن الجرائم، وفي تكوين قنوات قانونية واجتماعية واخلاقية وحصانات اضافية في الحد من الانحراف والجريمة، وفي مقابل ذلك نجد ان صورة مراكز الشرطة، مازالت بحاجة الى المزيد من الاهتمام والتطوير برغم انها تمثل القلب في المؤسسات الشرطوية العراقية وهي على مساس يومي مع المواطنين ويلجا اليها الناس عن تعرضهم الى أي مشكلة امنية ومن هنا اعطائها الاهمية المطلوبة لنجعل من هذه المراكز قوة جذب أمنى وصورة مشرقة للواقع الامني الداخلي.
والسؤال الذي يطرق البال: هل ان المطلوب تنشيط مراكز الشرطة على حساب المؤسسات الاخرى وما هي الصورة المشرقة التي يقتضيها وجود مراكز الشرطة؟
في عام 2006 تقريبا تراست لجنة شكلت من قبل نقابة المحامين العراقيين الى الموصل لتقصي الحقائق عن عدة معتقلين(لدى لواء الذئب في وقتها) اتهموا بقتل أناس تبين انهم احياء ولان الموضوع كانت تعلوه صبغة دينية لان بعض المتهمين من رجال الدين، كان عملنا يحتاج الى تدقيق وتمحيص وتروي، وكان رئيس غرفة محامي الموصل في حينها الأستاذ (عز الدين الدولة) وزير الزراعة السابق، ولدى وصولنا الى الموصل كان التجمع الجماهيري كبير في استقبالنا مما صعب مهمتنا، المهم ليس ذلك موضوعنا، زرنا قائد شرطة الموصل في وقتها، ولدى دخولنا لقيادة الشرطة وجدت قطع منتشرة في كافة ارجاء قيادة الشرطة مضمونها( أيها الشرطي ارمي لتقتل واقتصر بالعتاد) واستغربت من هذه المقولة، وكيف يتم تهيئة رجل الشرطة بهذه الأنماط من التفكير الذي يستند الى القتل، وكان هناك نقاش طويل مع قائد الشرطة على هذه الملصقات واخبرته انتم نسفت شعار طالما اعتدنا عليه(الشرطة في خدمة الشعب) ووضعتم مكانه(الرصاص في خدمة الشعب) وانتم جعلتم من جهاز الشرطة جهاز مخيف يرهب المواطن لا سيما وهو يشاهد سيارات الشرطة تجوب الشوارع وعلى سطحها عناصر من الشرطة يحملون البنادق وهي موجهة صوب الشارع أي باتجاه المواطن، ويطلقون الرصاص أحيانا بصورة عشوائية باتجاهات متعددة وتصيب أناس أبرياء ان هم تعرضوا لعبوة ناسفة او اطلاق نار وغيرها، ومركز الشرطة اصبح مركز امني محاط بالحواجز والسواتر والحراسات التي تتعامل غالبا مع أي شخص يقترب من المركز بسوء نية، واصبح مركز الشرطة يخيف المواطن ويجعله  يقدم خطوة ويؤخر عشر خطوات عندما يفكر بالذهاب الى مركز الشرطة، اننا لا نستطيع ان نغادر ان هجمة الإرهاب شرسة جدا، لكن من غير الممكن ان يؤدي ذلك نسف واسقاط شعار الشرطة في خدمة الشعب.
 وفي نهاية لقائنا، امر قائد الشرطة في الموصل برفع كافة الملصقات ووضع بدلها شعار (الشرطة في خدمة الشعب) وحصل نفس الامر عندما زرت قائد شرطة واسط بصحبة رئيس اتحاد الحقوقيين العراقيين الأستاذ (علي الشمري) في سنة 2010 تقريبا، حيث وجدت لوحة صغيرة مكتوبة بالإنكليزي تشير الى استخدام القوة قد وضعها قائد شرطة واسط على مكتبه وعلى جدران غرفته.
 لذا فهناك موجبات وضرورات بان نجعل مراكز الشرطة قوة استقطاب في ايجاد مكونات اجتماعية لإشاعة الاطمئنان والحماية الامنية وتقديم خدمة الدفاع عن الحق الوطني للفرد بصيانة وجوده وممتلكاته وان تراعي دوماً التعددية بكافة أشكالها بل وحمايتها من خلال إرساء قواعد العدل والمساواة في التعامل مع كافة فئات المجتمع العراقي كما قال تعالى (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) وذلك من خلال:
أولا: ان يكون عمل جهاز الشرطة تحت عنوان، التفاني والجودة المستمرة في مجال ما يقدمه من خدمات (الجوازات، السجل المدني، الدفاع المدني، النجدة مرور، كمارك، حدود، الخدمات الاجتماعية والطبية والحياة البرية وغيرها من خدمات) والحد من كل الظواهر التي تجعل البلد مرتعا للانحراف او الإرهاب او الظواهر الشاذة.
  ثانيا: ان الصورة الاعتبارية المطلوبة لمركز الشرطة هو ان يظهر بالمظهر القانوني الاعتباري في كل شيء من خلال مراعاة ما يلي:
       ألف-الاهتمام بالواجهة والنظافة الى اختيار الموقع الذي يجعله في مرأى حركة الناس اليومية وليس بعيدا وعند نقاط التقاء اكثر من شارع.
باء-ان يكون معلما جديرا بالانتباه والاحترام من قبل الناس ولهذا لا يجوز اصلا ان تكون واجهة المركز كئيبة او غير نظيفة او تشوبها أي شائبة من حيث البناء لان المظهر ضروري في هذا الحال.
جيم-مثلما يكون مظهر الشرطي ذا تأثير قوي في فرض هيبته القانونية الى جانب المنطق والنباهة التي يتصرف بها فان الموقع الذي يتواجد فيه الشرطي له تأثيره الفاعل في تكوين قوة الجذب الاجتماعي والنفسي.
وكان يقال دائما ان أكثر ما يخشاه المجرم والارهابي هو وجود مركز الشرطة حاضر في موقعه وفي رجاله وفي الياته وهو الامر الذي يصنع عقدة الخوف لدى مرتكب الجريمة وعقدة الخوف تؤدي الى تفكك قوة الجريمة وبالتالي تبعد صاحب الجريمة عن التحكم الدقيق بتصرفاته وهذا أحد اهم عناصر خرق وحدة موقف المجرم ومرتكب الإرهاب او الانحراف.
ثالثا: توفير واجهة معلوماتية وقانونية لكل الذين يقصدون مراكز الشرطة في طلب نجدة او شكوى للاستفسار او لقضية اخرى
رابعا: من الوجائب التي تقوم جهد مركز الشرطة هي بوجود منتسب فيه على قدر من الوعي والقدرة على الحوار وتفهم مطالب المراجعين، ان هذه النقطة مع الاسف مهملة نسبيا لأسباب كثيرة في مقدمتها الفساد الإداري والمالي الذي يضرب البلد، وعدم القدرة علي توفير استعلامات على قدر من الوعي والمسؤولية الاجتماعية والاعلامية يعزز دور الشرطة في الضبط الاجتماعي فربما جاء احد المراجعين ولديه شكوى او معلومة على قدر من الاهمية ولأسباب عدم قدرة الشرطي الذي يصغي اليه على النقاط مطلب هذا المراجع قد يضيع على الشرطة موقف يخدمها في صيانة الامن وتحقيق الاطمئنان والحد من الانحراف.
خامسا: إقامة مواقف تنطبق عليها المعايير ذات الشأن، حيث ان المواقف الموجودة حاليا تشكو من عدم اهليتها وعدم مطابقتها للشروط المطلوبة وبطريقة مقززة، يرافق ذلك عدم الاهتمام بموقع النظارة او الانتظار في اجراء التحقيقات فليس صحيحا تواجد المهتم او المطلوب للشهادة والتحقيق في مكان غير لائق ويطلب منه الادلاء بما لديه بل العكس هو الصحيح، اذ ان توفير لائق للمراجعين والشهود والمطلوبين في قضايا قد تكون خالية من العنصر الجزائي انتظارا للتحقيق قد يكون الخطوة الاولى التي تدفع المراجع الى التعاون مع مركز الشرطة وليس العكس.
ان الاهتمام بهذه النقاط والتركيز عليها لا تنقص من الاعتبارات الاخرى ولكنها ضرورية تجعل من مركز الشرطة واجهة وقوة استقطاب اجتماعي ومن المهم نفسيا واجتماعيا ان يتعاون مركز الشرطة في تنظيم زيارات ميدانية له من قبل سكان المنطقة الذي يوجد فيه، وعقد اللقاءات بالضباط والمنتسبين لان من شان ذلك ان يكسر حاجز التردد والخشية بين الطرفين بل هو يدفع الكثير من الناس الى استسهال عملية التعاون مع الشرطة بمراجعة مركز الشرطة وتقديم التعاون معه وهذه يمكن ان تقوم بها المنظمات الجماهيرية والمهنية، او تشكيل لجان وتسميتها مثلا (لجان أصدقاء الشرطة).
كيف يكون مركز الشرطة واجهة اجتماعية للاطمئنان والامن؟
عندما تقوم الشرطة بمراعاة مبدأ العدالة والنزاهة والمساواة بين كافة جمهور الشعب العراقي عند إجراءات طلب الحضور، والتحقيقات والتحريات الأولية، فتح الدعوى الجنائية، التحقيق، التحري وفي تمثيل الاتهام أمام المحاكم والوفاء بواجباتها من خلال إطلاق سراح المفرج عنهم بسرعة وبدون مساومات والابتعاد عن ظاهرة المخبر السري الكيدي وإرجاع كافة الأمانات وحقوق المتهمين المحفوظة لديها، واسقاط الاتهام في مواجهة المتهمين من خلال رفع أسمائهم من سجل المطلوبين، تحقيقاً لمبدأ (يأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود).
ولا بد ان نشير الى خصوصية اداء رجل الشرطة في اطار فردية عمله ضمن الافق القانوني العام، فان قوة الاداء لا تكتمل لدى الشرطي ما لم يتصرف بروحية الفريق مع الاخرين اننا لا ننكر ان هناك نزعة لدى رجل الشرطة سواء كان ضابطا ام منتسبا لان يسعى الى اعطاء نفسه الدور المتميز في اداء الواجب القانوني فهذا من حقه المشروع لإبراز مواهبه يمكن ان تتحقق مل لم يأخذ بالحسبان رغبة الاخرين الذين يعملون معه في الاجراء القانوني المعين ولا يمكن لهذا النشاط ان يأخذ فرصته الكاملة من التحقيق المتميز مالم يرتبط العمل الاجتماعي بانضباط الجماعة القانونية ككتلة موحدة في ذلك .
وإذا كان تحقيق الامن واجب جميع اجهزة الدولة والشعب فان المسؤولية تكون أكبر هنا على جهاز الشرطة ضمن خصوصيته المهنية وليس على أي جهاز اخر وذلك بوصفة المسؤول المباشر عن تحقيق الامن على الصعيد الاجرائي سواء كان ذلك بالعمل الوقائي اليومي للحد من احتمالات الانحراف ام العمل العلاجي والوقائي.
وتذكيرا وتأكيدا، يمثل الشعور بالأمن والاطمئنان الاساس الموضوعي لأداء الناس للواجبات اليومية التي يطلعون بها على مختلف مشاربهم وقنوات عملهم وهناك نقطة تلتقي عندها جميع المدارس القانونية هي ان معدل الاستقرار الاجتماعي والنفسي وتراجع الجريمة والانحراف ينمو طرديا مع شعور الناس بالأمن أي الاطمئنان ذلك لان أي شعور بعدم الامن وعدم الاطمئنان لابد ان يدفع الفرد الى القلق والتشتت الفكري وضياع الكثير من صور الدقة.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب