حيرة المواطن حيال تجمع مياه الأمطار في شوارعِ المدن وأزقتها، بالإضافةِ إلى ما ينفذ منها مخلوطاً مع مياه المجاري إلى المنازلِ في اعقابِ كل زخة مطر، لم تكن مدعاة استغراب، فالمشهد الذي تحرك بواعث الآمه ضمائر الموتى بات مألوفاً لأعينِ السكان، الذين ما يزال تساؤلهم يتجدد حول أسباب انفضاضِ مياه أمطار الخير في كثيرٍ من أرجاءِ المعمورة من دونِ أثر، في وقتٍ تأبى فيه المياه المتسربة إلى المنازلِ في عاصمتِنا الخروج منها، على الرغمِ من كثافةِ جهد الأهالي المبذول لأجلِ التخلص منها.
ما يبعث على الأسى، أنَّ أحاديثَ المسؤولين في مجلسِ محافظة بغداد، فضلاً عن إدارةِ أمانتها، التي تقوم بمجملِها على تبادلِ الاتهامات والتستر خلف تبريرات صارت تتردد على مسامعِنا في كلِ مناسبة، لم نجد لها بعد مرور فاجعة المطر أي أثر في برامجٍ واعدة بمقدورِ مخرجاتها إبعاد القلق عن السكان، إلى جانبِ طرد شبح الخوف الذي تَثقل وطأته مع كلِ شتاء، لأجلِ المساهمة في طمأنتِهم، وبث الاستقرار في نفوسِهم سعياً في محاولةِ دفعهم للمشاركةِ بجدٍ في الحياةِ العامة. إذ مثلما يتبادر السؤال إلى ذهنِ كلٍ منا حول أسباب انسداد أو عطل بعض الوحدات المؤلفة لمنظومةِ المجاري أثناء هطول الأمطار، وما ترتب عليها قبل عامين من آثارٍ أساءت لإنسانيةِ الناس في مناطقِ العاصمة، فإنَّ تنظيف الأنابيب الناقلة لمياه المجاري وإصلاح المتضرر من وحداتِها لم نجد له أثراً بدعوى افتقار أمانة بغداد إلى تخصيصاتٍ مالية تمكنها من القيامِ بالتزاماتِها عبر المناقصات، فأصبحت شكاوى أهالي بغداد من طفحِ المجاري في الشوارعِ والبيوت أمراً مألوفاً، ولا أحد يعلم عن المهماتِ التي تكلف بها مجاميع الصيانة، بالإضافةِ إلى الجدوى من وجودِ المعدات الفنية في أقسامِ المجاري المرتبطة بالدوائرِ البلدية!!.
إنَّ إدراكَنا ارتهان المرحلة الحالية بإقامةِ مشروعات خدمية، بإمكانِها بعث الأمل والتفاؤل في نفوسِنا، يملي على الجهاتِ المعنية في حكومةِ بغداد المحلية حث الخطى لإكمالِ ما تبقى من مراحلِ مشروع الخط الرئيس لنقلِ مياه المجاري في جانبِ الرصافة المعروف باسمِ ( الخنساء ) الممتد من محطةِ الحبيبية شرقي بغداد، إلى مشروعِ معالجة مياه المجاري في الرستمية ، الذي يعود تأريخ المباشرة بمراحلِه الأولى إلى عام 2008 م بحسبِ أمانة بغداد، ما يؤشر صعوبة إدخاله الخدمة في الوقتِ الحاضر، لتجاوزِه ضعف المدة المقررة لإتمامِه المحددة بثلاثِ سنوات!!.
اللافت للانتباه تباين أحاديث المسؤولين حول الأسباب التي أفضت إلى تلكؤ العمل بهذا المشروع الأمل، حيث أنَّ عزوَ إدارة أمانة بغداد التوقفات إلى كثرةِ التجاوزات السكنية على خطِ تنفيذ المشروع، التي أدت إلى تعطيله، تقابلها أحاديث بأروقةِ مجلس محافظة بغداد تنحى بمسؤوليةِ تعطل كافة مشاريع المجاري في العاصمةِ بغداد على الأمانة، فضلاً عن إتهام الشركات التي أوكلت لها مهام تنفذ المشروعات بعدمِ الرصانة. وأدهى من ذلك تأكيد أمانة بغداد اضطرارها إلى مخاطبةِ مجلس الوزراء ودائرة التخطيط في مجلسِ المحافظة لتغييرِ مسار مشروع الخنساء بسببِ هذه التجاوزات، التي تشير الأمانة إلى أنَّ تكلفةَ تغيير خط المشروع تتجاوز الكلفة الكلية لعقد المشروع الاصلي!!
ما بين مجلس الوزراء ومجلس محافظة بغداد وأمانتها، ضاع أهم مرافق مدينة بغداد الخدمية، الذي يعد بحسبِ المتخصصين أنجع الحلول الخاصة بمشكلةِ طفح شبكات المجاري، والسيطرةِ على مياه الامطار بمناطقِ شرقي بغداد، إلى جانبِ مساهمته في تخفيفِ الزخم الحاصل في الخطِ القديم المشار إليه باسمِ ( زبلن )، الذي ليس بوسعِ طاقته التصميمية تصريف مياه المجاري ومياه الامطار في جانبِ الرصافة من بغداد!!.
في أمانِ الله.