23 ديسمبر، 2024 12:49 ص

لا مجال لمزيد من الدماء

لا مجال لمزيد من الدماء

تتجه الأنظار الى القادة والرموز والعقلاء؛ كلما إشتدت المحن وتعاظمت التحديات، ورُبَّ قيادة تفرزها المواقف، أو قائد تعزز مواقف قوته مخاضات التجارب، وبالإحسان منفعة للعامة، وللمساويء نفع لجماعة وضرر على الأغلب.
لا إختبار أكثر تمحيص من وطيئة الإرهاب، ولا إرهاب لولا الخلافات السياسية والقراءات المختلفة للواقع.
في دراسة أعدها رويتر؛ عن حجم العذاب الذي ناله العراقيون، من وسائل قمعية، وكل الناس تتحدث عن قطع الرؤوس والأيادي، وإجبار الصغار والكبار والنساء للتجمهر والإحتفال قسراً بتلك المشاهد المروعة، وآخر يتحدث عن قلع أسنانه وشق لسانه لأنه يدخن السكائر مخالفاً لتعليمات داعش.
يشكل العامان السابقان تهديداً لمستقبل مدن إجتاحها الإرهاب، والنتيجة بين مجتمع بعض منه ترسخت أو أثرت فيه آيدلوجية مليئة بآلاف حوادث الإغتصاب والأطفال الغير شرعيين، وإنتهاكات من أشخاص كانوا يتصفون بحسن الجيرة والأخلاق، فتحولوا في لحظة الى وحوش؛ تؤذي محلتها وعشيرتها وحتى عائلتها، ومجموعة مشكلات لا تنتهي بمجرد القضاء على داعش بالسلاح؛ وإلاّ كيف إنفجرت 4 سيارات في مدينة الفلوجة بعد تحريرها بغضون شهر؛ رغم الإجراءات الأمنية المشددة.
إستطاع داعش خلال عامين؛ فرض أفكاره بالقوة، ويمكن القول أن معظم من إنخرط بين صفوفه؛ أما أن لقي حتفه او فر لحين البحث عن عودة في المستقل، والأخطر أجيال الأطفال والصبية؛ عندما نقش على عقولهم الطرية افكار القتل والذبح؛ طوعية او إجبارية بما يُسمى ” اشبال الخلافة”.
إن العراقيون إستجابوا لكلمة من رمزهم الديني، وتوالت التأيدات السياسية، وآخرون تطوعوا إنتفاضاً لمدنهم المغتصبة، وكورد لدعوة قياداتهم، ولكن المحاولات على قدم وساق على نسف ما تحقق من إنتصارات، والتفريق بتجارب التضحيات، وقبل أن تكتب الإنتصارات خواتمها؛ تُجرى بعض السياسات على إحراف المواطنيين وجرهم الى مستنقع الخلافات، وتضليل الرأي العام على أن الإختلافات عميقة لايمكن حلها بالحوارات، وأن ما بعد داعش ينتظر العراق مستقبل في أفضله التقسيم بعد حرب أهلية، ومن هذا الرأي يحاولون إقناع الرأي العام أن المكونات لا ترغب العيش مع بعضها وتفضل الإقتتال.
القضاء على داعش العلني ومسك الأرض؛ لا يعني إنهاء الوجود السري والعمليات الإرهابية، ومن الخطأ الإعتقاد ان المجتمع العراقي مختلف، لأن الخلاف سياسي.
المجتمع العراقي مُتصالح ومتعاون، ولب الخلل بتوجهات سياسية فقدت بوصلة المشتركات ومتطلبات القيادة والخبرة والبناء على التضحيات، ولم تجعل نقمة الإرهاب نعمة لإعادة ترتيب الأوراق، وما أن وصل العراق الى الخروج من نفق الإرهاب المظلم، والإستفادة من الدرس المؤلم؛ هناك من يريد سلب الإنتصارات والتفريط بالتضحيات، ويشغل الشارع بقضايا مريبة، ويرفض طاولة الوطن والحوار وتجاوز الأخطاء، والفشل الذي شارك فيه معظم الطبقة السياسية، وإنها لمحنة ما بعد داعش بين أيدلوجيات تجذرت وثارات أنتظرت وحلول توقفت، والأنظار تتجه للقادة والحكماء والرموز، للخروج من نفق الظلام الى النور، ولا إشراقة إلاّ بعقول تجعل مصلحة؛ فوق أطر الحسابات الضيقة والدعايات الإنتخابية المبكرة، وبما أن الجميع يعتقد الحلول بالحوار، وأن التحدي القادم أصعب، و وبما أن العالم شهدعلى وحدة العراقيين ضد الإرهاب؛ فلتتوحد مواقف الساسة، ولا مجال للمزايدة ومزيد من الدماء.