23 ديسمبر، 2024 8:36 ص

رياح ذكرى جرائم الثامن من شباط تلفح ريقك بمرارتها فتعكر المزاج وتقتل فيك رغبة الاطلاع على القيل والقال في الصحف والمواقع الالكترونية ، غير ان للعادة احكامها ، فتجد نفسك متجولا بين ازقة الصحف وحواري المواقع فتعثر عينك في موقع ( كتابات) على عنوان مثير (تعرّف على المافيات … المؤسسة العراقية الخفية )..فيثير العنوان فيك الرغبة في الاستطلاع ولكنك تسائل نفسك :

هل فيّ حاجة للتعرف على المافيات التي دمرت العراق ؟

اغمضت عيني ورحت استعرض ذاكرتي واعدد معها المافيات ( العراقية ) مافية مافية :

البعث اقذر واخطر هذه المافيات التي قتلت كل شيء جميل في العراق

لم يكن البعث يوما حزبا سياسيا ولاصاحب افكار ، كانوا عصابة جاءت بقطار امريكي في شباط عام 1963 ثم طردت بدبابة امريكية عام 2003 بعد ان اكملت مهمة تدمير العراق لتتسلم بقايا المهمة عصابات الاسلام السياسي الشيعية والسنية فاحسنت واجادت ولاتزال ، مستعينة ببقايا عصابة البعث التي اعادت انتشارها في اغلب مواقع الوطن الحساسة فتولدت قناعة لدى محبي العراق ان الذي سقط في التاسع من نيسان ليس البعث بل العراق.

سوف لااذكر عصابة ابو طبروعصابة الزرقاوي والبغدادي وجيش محمد وجيش النقشبندية وكل اصحاب الرايات السود لانها صنائع بعثية بامتياز وليس لها كيان مستقل عن البعث … انها لباس بعثي جديد اقرته عصابة البعث في بيروت بعد هروبها المذل من العراق حيث قال قائلهم ( اطلقوا اللحى وقصروا الثياب ) وقبلها قيل لهم انتشروا بين مزابل الاسلامويين فاختلط الذباب ( الاسلامي ) بالذباب العفلقي وجرت الدماء العراقية انهارا.

تعبت ذاكرتي من اسعراض جرائم العصابات التي توالت بظلها الكئيب على العراق ففتحت عيني استرق النظر للعنوان الذي تصدر ( كتابات ) في التاسع من شباط 2016 (تعرّف على المافيات ..المؤسسة العراقية الخفية ) فقلت لنفسي لعل هذا التقرير الخبري فيه جديد عن المافيات التي عبثت وتعبث بامن واستقرار واقتصاد الوطن ، لماذا لا وجرائم هذه العصابات جبل غاطس في عمق الوطن وماظهر منه للاعلام الا القليل القليل ،توقعت ان يتحدث التقرير عن عصابات تهريب العملة والاثار او عن مصير مليارات الدولارات التي تبخرت بفعل نار( التوافقات) او او.. ولكن ويالهول الصدمة. وجدت ان (المافيات) التي يتحدث عنها التقرير هم الفئات التي وقفت بوجه المافيا البعثية في الزمن البعثي الاسود: السجناء السياسيون والشهداء وفي مقدمتهم سكان المقابر الجماعية ، حيث يقول لنا التقرير : ( فأذا اردت رؤية اذكى مافيا في العراق فعليك الذهاب الى مؤسسة السجناء السياسيين ) حيث ان معظم منتسبيها ( لم يكونوا سجناء سياسيين فعلا وانما معارضون صامتون لحزب البعث من تيارات اسلامية شيعية وطامحون في شيء من الغنيمة التي سيقدمها الامريكيون ) اما المافيا الثانية فهم الشهداء وسكان المقابر الجماعية الذين( تحاول) مؤسسة السجناء السياسيين ( تحويلهم الى ضحايا اعدمهم النظام من خلال استصدار كتب رسمية باستخدام ورق واختام المحاكم الامنية والمؤسسات العقابية التي استولت عليها المنظمة بعلم الامريكيين ) وهم في حقيقتهم ( عظام مجهولي الهوية والمشردين ونزلاء المستشفيات العقلية وضحايا الحوادث التي لايستدل على ذويهم والتي كانت امانة بغداد تدفنهم في مقابر الكرخ ومقابر اخرى مخصصة لهذا الغرض في المحافظات ) وما الشهداء الا ( شهداء على الورق فقط ) فالمافيا البعثية لم تسجن أي سياسي عارضها ولم تعدم احدا من معارضيها ولم تدفن سوى ( المشردين ونزلاء الشماعية وموتى الحوادث مجهولي الهوية ).. فالحديث عن سجناء سياسيين سجنتهم عصابات البعث، وشهداء سلب حياتهم البعث ، ومقابر جماعية ضمت رفاة الاف الضحايا .. فهو محاولة لتشويه سمعة المافيا البعثية التي انشأت( المحاكم الامنية والمؤسسات العقابية ) للترفيه عن العراقيين لالسلب حريتهم او ازهاق ارواحهم ، هذا مايريد أن يقوله

لنا التقرير الذي نشرته ( كتابات ) نقلا عن ( وكالة ارم نيوز) في ذكرى مجازر شباط الاسود ..وهو تخريف لايستحق الرد. ورغم محاولة كاتب التقرير اظهار تقريره وكانه فضح لفساد جرى ويجري في مؤسسة السجناء السياسيين ( وهو فساد نامل ان تنجح جهود رئيس المؤسسة الجديد السيد حسين علي السلطاني في محاربته )الا ان رائحة الحقد على السجناء السياسيين وضحايا النظام الصدامي تفوح من سطور التقرير.

لااعتقد ان احدا سيتساءل قائلا : (لماذا تلاحق مافيا البعث ضحاياها حتى بعد موتهم وسلب حريتهم بدلا من الاعتذار لهم) لان الجميع يعلم ان لدم الشهداء( فم ) يبصق بوجه البعث صباح مساء و( ليس كالمدعي قولة او اخر يسترحم) ، ويعلم الجميع أن شموخ وصمود السجناء السياسيين الذين قارعوا عصابات البعث بكل الوسائل ، هما سياط ساخنة تلهب ظهر المافيا البعثية فتمنعها من تدنيس ارض العراق ثانية ، لذا لا تجد هذه المافيا امامها سوى شتم ضحايا الاجرام البعثي وحسدها على بعض الحقوق التي حصلت عليها ظانة ان جرائم المافيات الاسلاموية وتعاظم الغضب الشعبي عليها سينسي الشعب العراقي جرائم البعث التي يندى لها جبين الانسانية او ينسيه حجم تضحية الشهداء والسجناء السياسيين.

لا لن ننسى
[email protected]