لا للبدع والخرافات ..!

-1-
من دلائل الضعف البشري لجوء فريق من الناس الى العرّافين والمنجمين والمتنبئين يستحفونهم السؤال عن المستقبل وأحداثه …
وكأنهم قادرون على معرفة الغيب ..!!
واذا كانت هذه العادة معروفة في أوساط النساء، فانها ملحوظة عند بعض كبار الرؤساء والحكام، وعند كثير من محترفي السياسة ..!!
فَهمُ والنساء في هذا المسلك الهابط – على حد سواء
-2-
يقول الشاعر :
سأَلتْ مُنَجِّمَها عن الطفل الذي
                       في المهد كم هو عائِشٌ من دَهْرِهِ
فأجابَهَا مئةٌ ليأخذ درهماً
                      وأتى الحِمامُ وليدَها في شَهْرِهِ
ان حنان الأم وحبها وتعلقها بولدها هو مضرب الأمثال …
وهكذا سارعت احدى الأمهات الى (المنجّم) تسأله عن عمر وليدها الحبيب ، فما كان من هذا المنجم – الذي لايعلم شيئاً – الاّ ان أجابها بالقول :
انه سيعيش مائة عام ، طمعاً بما ستجود به عليه ..!!
انه قدّر له (100) عام من العمر ، لقاء درهم واحد !!
ولكن الوليد لم يعش شهراً واحداً ،
وأنما مات في شهره الأول، ليثبت للام السائلة الراغبة في عمر مديد للوليد، بأنه جاهل مُخَرِّفٌ كذّاب، يعتاش على الدجل والحيلة ….
-3-
لقد قيل قديماً :
الشعر ديوان العرب
وهكذا ترون الشعر العربي يرافق ما تمور به حياة الناس من حراك فيرصدُها ويصورّها ويسخر من أصحاب العقول الضعيفة ..!!
-4-
انّ هذه الأم ، وبدلاً من اللجوء الى المنجمّين ، عليها ان تتجه الى الله جلّت قدرتُه ، ان يسبغ على وليدها العمر المديد والحظ السعيد .
انه هو الذي يقدّر الأعمار وهو القادر الذي لايعجُزه شيء في الارض والسماء .
وحين تفعل ذلك تكسب رضوانه ومثوبته، وتعتبر حال انقطاعها الى ربّها، في حالة عبادة مقدّسة وقد قال سبحانه (ادعوني استجب لكم) .
-5-
والسؤال الآن :
اذا كانت المرأة البعيدة عن عوالم الثقافة والوعي العميق قد سوّغت لنفسها مراجعة (المنجّم) فما هو عُذر ادعياء الثقافة والمعرفة من الرجال والنساء –ممن يطرقون أبواب الدجاليّن والمحترفيّن ؟
أليست هذه احدى المهازل المضحكة ؟
-6-
وتذكر كتب الأدب قصة لاتخلو من غرابة :
لقد وقف أحدهم على الجسر ببغداد وافتعل قولاً مأثوراً (يبشر بالجنة كل من استطاع أنْ يلحس أَنْفَهُ بلسانه ) ..!!
وما أسرع ما تصدّى السامعون الى محاولة ان يلحسوا آنافَهمُ بألسنتهم ..!!
هل يُعقل ان يدخل الانسان الجنّة بألعاب بهلوانية ؟!
أين غابت العقول والبصائر ؟!!
-7-
ومخطئ من يعتقد أن رجلاً مماثِلاً لذلك الرجل لوقف اليوم وافتعل ما افتعل صاحبُه من حديث، لما وجد مصدّقين !!
انه سيجد من يُصدّقهُ على كل حال …
-8-
ان المسألة ليست مرتبطة بالثقافة فقط،
 انها مرتبطة بالعوامل البيئية والوراثية ، وبألوانٍ من التراكمات الغامضة في أعماق النفس ..!!
ان الأميّة لاتعني عدم القدرة على القراءة والكتابة فقط ..!!
انها تعني التخلف عن الفهم الصحيح والموقف الصحيح أيضاً …
[email protected]