يبدو اننا لم نتعض من تجارب الاخرين وتجاربنا نحن ايضا في عملية تأسيس الدولة العراقية الجديدة التي قامت على انقاض دولة نظام البعث الساقطة عقب احتلال القوات الاميركية العراق في ٢٠٠٣، وان هناك من يريد استنساخ الفشل وخلق الازمات لفرض ارادته وفرض الامر الواقع عبر تشريع ما هو مخالف للمنطق وما هو متعارف عليه وما هو ضد القانون ورغبة المواطن العراقي في قيام دولة المؤسسات والمواطنة.
ان تشريع قانون للحشد الشعبي وطرحه في البرلمان للتصويت عليه يعد تجاوز قانوني كبير واضفاء الشرعية على ما هو غير شرعي فالحشد الشعبي تأسس بناءا على حاجة ماسة رأت فيها مرجعية النجف المتمثلة بالسيد السيستاني رؤياها الشرعية بالحاجة الى مواجهة الارهاب الناتج عن فئة ضالة مجرمة اهلكت الحرث والنسل وجعلت عملية مواجهتهم مواجهة كفائية اي دفاعية ودرء الخطر عن الشعب العراقي بكافة طوائفه بفتوى دينية لبى العراقيين ندائها وابلوا بلاءا حسنا وفقهم الله. لكن ان يحاول البعض اضفاء صفة الشرعية الدستورية على هذا التشكيل يشكل خطرا كبير وتجاوزا على مؤسسات الدولة الدستورية والشرعية وان كان هناك من يتحجج بعدم وجود مؤسسات دستورية بالعراق او انها تعمل بشكل بدائي او انها خاضعة لرغبات الكتل السياسية والميليشيات فهذا عذر اقبح من ذنب فعلينا تقع مسؤولية انشائها وتاسيسها وقيامها فلا نستطيع ان نتخيل ان تكون ميليشيا عصائب اهل الحق بديلا لجهاز الاستخبارات العراقي ولا مليشيا منظمة بدر بديلا لمؤسسة الشرطة وقوى الامن الداخلي ولا ميليشيات التيار الصدري تحاكم وتسجن الاشخاص في قواعدها بعيدا عن القانون فهذا يجب ان لا يتم القبول به تحت اي اعتبار او تبرير.
نوجه ندائنا الى المرجعية الدينية في النجف الاشرف ان تأخذ مخاوفنا وقلقنا البالغ تجاه هكذا مشاريع بالجدية والحكمة التي خبرناها عنها في مثل هكذا امور فالمرجعية التي نادت الى قيام دولة المواطنة وشجعت المواطن على الذهاب الى الانتخابات في كل المراحل السابقة لا يمكن لها ان تقبل ان يكون تشكيل الحشد الشعبي بديلا لمؤسسة الجيش العراقي والاجهزة الامنية الدستورية الشرعية وان اردنا تكريم الحشد الشعبي فهناك العديد من الطرق والصيغ لتكريمهم وتثمين جهودهم العظيمة.
الى ابناء الحشد الشعبي ممن رفع راية الجهاد ضد داعش ولبى فتوى المرجع الديني نوجه شكرنا وتقديرنا وجزاكم الله خير الجزاء عن اهلكم وشعبكم ولكن لا تضيعوا اجركم بالانضمام الى ميليشيات ومشاريع مشبوهة فانتم قاتلتم في سبيل الله واجركم على الله عزوجل وعندما ينتهي امر داعش عودوا الى اعمالكم واهليكم وسلموا الامور الى اخوانكم في الجيش العراقي وهذا ما ننتظره من السيد السيستاني فقد بدأها بفتوى وحتما سينهيها بفتوى اخرى والله اعلم.
الرحمة والمغفرة لشهداء العراق.