لقد اوتي رسول الله صلى الله عليه وسلم مجامع الكلم فقد قال صلى الله عليه وسلم ( أيها الناس إنى قد أوتيت جوامع الكلم وخواتيمه واختصر لى اختصارا )فلا يختلف في سنته البيضاء الهادية الا جاهلا او منافقا معلوم النفاق او صاحب غرض.
وقد كان صلى الله عليه وسلم من افصح الناس لسانا غير عصمته عن الزلل والخطأ التي وهبها الله اياه لتبليغ الرسالة والسير بالناس الى مراد الله جل وعلا فهو الذي (لا ينطق عن الهوى).
وربما نختلف في تفسير حديث كل حسب مذهبه واعتقاده ,ولكن ما لا ينبغي ان يختلف عليه المسلمون ان اللغة مسلم بها ان تحتمل اكثر من وجه من الوجوه فقد انزل الله كتابه (بلسان عربي مبين) وكان لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم لسانا عربيا واضح البيان لا لبس فيه ولا مناكير ولم يكن صلى الله عليه وسلم يتكلم بالمهجور من لغة العرب ليفهمه ضليع اللغة وبسيطها لانه مرسل رحمة مهداة للعالمين.
كثر بين الناس حديث يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (لا سيف الا ذو الفقار ولا فتى الا علي)ولننظر نظرة لغوية الى الحديث لنر ما وافق منه اللغة وما خالفها , وهل يصح هذا الحديث ام انه من نسج الخيالات والاكاذيب التي رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بحسب فهم اللغة العربية.
ولنترك شطر الحديث الاول لانه ليس مدار مقالنا وربما كانت لنا عودة اليه , ولناخذ الشطر الثاني الذي ما فتئ يلازمه كملازمة الظل فلا يذكران الا سوية .
ماذا تقول العرب عن كلمة (فتى) وماذا يقول القرآن الكريم عنها؟
ورد في معنى هذه الكلمة في قاموس المعاني ,(الفتى : الشاب من انسان او حيوان ,والجمع فتاء وافتاء)
و (فتيت البنت : سترت وحجبت ومنعت من اللعب مع الصبيان بعد ما جاوزت حالة الطفولة)
و (فتو يفتو ’افت ,فتوا وفتوة ’فهو فتي)
واغلب معاجم اللغة تدور على هذا المعنى (أي انه مرحلة عمرية معينة بعد الصبا وقبل الشيخوخة تطلق على الانسان او غيره للدلالة على تلك المرحلة العمرية).
وسناتي الان على ذكر كلمة فتى او مشتقاتها في القران لتتوضح لنا الصورة جلية لكي نحبك الاستنتاج الذي نريد .
وردت هذه الكلمة في الايات الكريمة التالية
الكهف آية:10):إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا اتنا من لدنك رحمه وهيئ لنا من أمرنا رشدا)
الكهف آية:13):نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية امنوا بربهم وزدناهم هدى)
الكهف آية:60):وإذ قال موسى لفتاه لا ابرح حتى ابلغ مجمع البحرين أو امضي حقبا)
الكهف آية:62):فلما جاوزا قال لفتاه اتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا)
الانبياء آية:60):قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم)
يوسف آية:62):وقال لفتيانه اجعلوا بضاعتهم في رحالهم لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم لعلهم يرجعون)
يوسف آية:36):ودخل معه السجن فتيان قال احدهما إني أراني أعصر خمرا وقال الآخر إني أراني احمل فوق راسي خبزا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين)
يوسف آية:30):وقال نسوه في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبا إنا لنراها في ضلال مبين)
والملاحظ ان الكلمة هنا وردت في صيغ متعددة ولمعان متعددة منها ما ورد في صيغة المدح كقوله تعالى في سورة الكهف(10) التي وردت انفا , ومنها ما ورد بصيغة الذم كما وردت في سورة الانبياء(60).وكذلك منها ما ورد بمعنى الخادم كما في سورة الكهف (60) وسورة يوسف (62)
فالكلمة اذن تدل على مرحلة عمرية معينة ولا تدل على مدح شخص معين , ولا يعتقد عاقل ان المشركين حينما ارادوا التعريف بسيدنا ابراهيم صلى الله عليه وسلم ارادوا مدحه بكلمة (فتى).
نستنتج مما تقدم ان الحديث (مع انه موضوع باتفاق اهل العلم) فلا فضيلة فيه لاحد حتى عند من صح عندهم الحديث أو من اصبحوا يعلون اصواتهم به في الطرقات للدلالة على الافضلية
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته