يبدو أن شريعة الخلاف قاتمة ما بين السياسيين ، حتى وان سلمت النصوص من الغموض أو من الصياغة الركبكة ، والغريب انهم مختلفون حتى عن ثوابت التفسير وأولوياته ، ومن تلك الأولويات أخذ النص وفق ما أراده المشرع ، فالمشرع العراقي كان واضحا وضوح الشمس عند تثبيته نص الفقرة اولا من المادة ٧٠ من الدستور ، أذ جاء فيها ينتخب مجلس النواب من بين المرشحين رئيسا للجمهورية ، بأغلبية ثلثي عدد أعضائه . وهنا قصد المشرع بمفردة عدد التحديد وليس الاطلاق ، إذ حدد الثلثين بالعدد واراد أن لا يصح اكتمال النصاب إلا بحضور الثلثين فما فوق من اصل العدد البالغ الان ٣٢٩ نائبا ، وان لا يتم انتخاب الرئيس الا بعد اكتمال النصاب وحصوله على عدد من الأصوات يفوق النصاب البالغ اليوم ٢٢٠ نائبا ، أن تقييد حصول الرئيس على أغلبية الثلثين يراد منه اولا ، احترام المجلس لهذا المنصب المعبر عن رمزية الدولة ، واراد منه ثانيا ، أن يشير إلى وحدة وطنية تتعدى الفواصل الوهمية عند اختيار الرئيس ، وثالثا والاهم تكون أغلبية الثلثين وما زاد هو تعبير عن عدد وحجم الولاء لمنصب الرئيس بدأ من أعضاء البرلمان ، وهذا هو ما معمول به في النظم البرلمانية الرصينة ، وما استقر عليه الفقه الدستوري ، ووفقا للتجربة الألمانية فإن المجمع الاتحادي حسب نص الدستور ينتخب الرئيس من خلال المندوبين بالأغلبية المطلقة وفي المرحلتين الاولى والثانية ، لمدة خمسة سنوات وفي حالة تعذر حصول المرشح على الأغلبية في الدورتين ، يصار إلى عقد جلسة ثالثة يفوز فيها من حصد أعلى الأصوات ، أن أهمية رئيس الاتحاد الألماني ، رغم وجود منصب المستشار وهو بمثابة رئيسا لوزراء المانيا ، دفع بالمشرع الألماني إلى اشتراط حصول الاغلبية المطلقة ولدورتين ، وفي اليونان نصت المادة ٣٢ من الدستور على أن يقوم البرلمان بانتخاب الرئيس بجلسة خاصة والمراحل ثلاثة ، أن يحصل المرشح على اغلبية الثلثين وهي ( ٢٠٠ ) صوت ، وفي حالة عدم حصوله على الأغلبية المطلوبة وهي الثلثين ، يعاد التصويت بعد خمسة أيام وعلى المرشح الحصول ايضا على أغلبية الثلثين والبالغة ( ٢٠٠) صوت ، وفي حالة تعذر الحصول على الأغلبية ، يجب أن يحصل المرشح على ( ١٨٠) صوتا في الجلسة الثالثة ليصبح رئيسا فخريا لليونان ام التقاليد الديمقراطية القديمة ، وهي تشترط اليوم الأغلبية الثلثين ولمرحلتين. نعم لمرحلتين من التصويت.
ان أهمية الرئيس العراقي باعتباره حامي الدستور والقائد الاعلى للقوات المسلحة وهو من يصادق على القوانين ، يجب أن يكرم منصبه بأغلبية الثلثين ، وان لا نبخس المنصب قيمته ، وان يختار البرلمان من هو الأصلح لتمثيل الشعب لا لمن يمثل الكتل والأحزاب السياسية ، لأنه أعلى عنوان رسمي في جمهورية العراق ….