على طريقة “جاءك الموت ياتارك الصلاة” يحين الموعد اليومي أو الإسبوعي المقدس لكاتب العمود الصحفي. قبل موعد الكتابة بساعات حين يكون العمود يوميأ أو بإيام حين يكون العمود إسبوعيأ تبدأ الأفكار تتزاحم “تزاحم الأضداد” على “كولة” أبو العلاء المعري. حينها تنبثق الفكرة الأقرب الى مزاج الكاتب والأنضج في التعبير عما يود قوله أو الإدلاء به هذا اليوم أو هذا الإسبوع.
مثل سواي من الكتاب لدي التزام إسبوعي مع “الصباح” على الرغم من الرسالة الشهيرة التي تلقيناها من زميلنا الكبير عبد المنعم الأعسم رئيس التحرير والتي اخبرنا فيها بكل شفافية ان الأمور المالية باتت “مش ولابد” راميأ الكرة في ملاعبنا.
مادة هذا الإسبوع لابد أن تكون إنعكاسأ لما حصل الإسبوع الماضي الذي كانت أحداثه حافلة وبعضها ينطوي على مفاجآت. الجيش العراقي حرر مدينة الرمادي ويستعد لتحرير باقي أجزاء محافظة الأنبار. تحرير الرمادي تزامن مع الذكرى الخامسة والتسعين لتأسيس الجيش العراقي. فرحة التحرير تزامنت مع فرحة التأسيس. كلاهما يستحق الكتابة عنه.
خلال الإسبوع الماضي نشبت الأزمة بين المملكة العربية السعودية وإيران على خلفية إعدام الشيخ نمر النمر وما ترتب على ذلك من تداعيات كان الأبرز فيها حرق السفارة السعودية في طهران والقنصلية في مشهد وقطع العلاقات. لم تقف تداعيات هذا الحدث عند حدود البلدين. بل تحولت الى إستقطاب طائفي حاد. لايزال الحبل على الجرار.
العراق أخذ دور الوسيط بين الدولتين في ظل وضع شديد التعقيد على صعيد علاقته الملتبسة بكليهما. لاننسى ان السفير السعودي المعين لدى العراق ثامر السبهان وصل الإسبوع الماضي الى بغداد وهو ينتظر تقديم اوراق أعتماده في ظل مطالبات من قبل قوى سياسية بإعادة قطع العلاقات التي كانت مقطوعة بين البلدين منذ ربع قرن.
موضوع آخر كان يستحق ولايزال أن يكتب عنه وهو الوضع المالي للبلاد خلال العام الحالي. ففي غضون أقل من 24 ساعة صدر تصريحان متناقضان عن السيد وزير المالية هوشيارزيباري بشان رواتب الموظفين في ظل إنخفاض أسعار النفط. الأول مانقل عنه قوله عدم قدرة الحكومة على منح الرواتب بعد شهر نيسان القادم. والثاني إستعداد الحكومة لتحمل مسؤولياتها في تامين الرواتب طوال عام 2016. لو كنت عزمت على كتابة مقال عن هذه القضية لقلت أن لا تناقض بين التصريحين.
فالدولة تعاني ما تعانيه في ظل إستمرار إنخفاض أسعار النفط بينما إتخاذ تدابير أخرى لمعالجة الأزمة أو حلها يحتاج الى وقت وخطط ودراسات والأهم إرادة لدى المسؤول والمواطن معا. فحين تعتمد دول كثيرة بل معظم الدول على الضرائب لتمويل موازناتها فإننا كمواطنين وتجار وشركات “نتطير” من الضريبة كما لو كانت من المحرمات أو رجسأ من عمل الشيطان. وطالما الأمر كذلك فإن علينا توقع “أقمش” من هذه التصريحات.
إذن وبسبب تزاحم الأحداث قررت الإعتذار عن كتابة عمودي هذا الإسبوع. والأهم إنني وفرت مكافأة المقال كخزين لموازنة .. الصباح.