السيد رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوى المحترم..
نعلمكم في هذه اللحظات الحاسمة من تاريخ العراق السياسي، ومع اشتداد ثورات الساحات العراقية الباسلة، أن الثقافة الوطنية العراقية ذات التاريخ العريق، هي أسمى ما يفخر به المواطن على مر الأزمان، وأن الأحزاب السياسية المتنفذة التي سلبت الشعب حريته في الحياة والعيش الرغيد، عادت بالسوء لتحكم على الشعب المضحي، حين لم تستمع إلى أصوات المتظاهرين، وركنت إلى مصالحها بتسويف تحقيق المراد، ووضعتكَ في مواجهة مهمة تعهّدتَ أنت بأن تكون أميناً في أن تديرها بعيداً عن الخراب الذي عمَّ الوطن.
وها أنت في منتصف مهلتك المحددة، ومازلت غير آبهٍ بما يريده المثقف لوزارته، وزارة الثقافة، ذات السيادة المطلقة، وتتسرب الأنباء عن تكليف من لم يُشهد لهم بالمواقف الثقافية، ومن وقفوا ضد التظاهرات الشريفة للجماهير، ومن جعلوا من أفعالهم طريقاً للسياسيين ارتزاقاً وتملقاً، وتجاهلتَ أخذ رأي الأدباء ممثَّلين باتحادهم الذي استطاع أن يُخرج وزارة الثقافة من نفق المحاصصة المقيتة، ومازال ينادي بهذا التوجه، فالمحاصصة التي أكالت الوزارات لغير مستحقيها هي آفة العراق الكبرى.
إن ثورة الساحات العراقية مازالت مستمرة ومكرسة بمئات الشهداء وآلاف الجرحى، وبالمختطفين والمعتقلين من الأبرياء، وللأدباء النصيب الكبير من كل هذا الألم، لذلك من غير المنطقي أن تستوزر على الوزارة الأقرب إليهم مَن لم تنطبق عليه مواصفاتهم، ومن غير وسطهم الثقافي المليء بالعقول المعرفية الباسقة.
سيظل صوتنا عالياً في مجابهة ما يجري من تجاهل، ولن نهادن جهة أو طرفاً على حساب الثقافة العراقية، وسنعد عدم الإصغاء لصوتنا فعلاً مقصوداً لتهميش شريحة الأدباء، التي تناضل بعقلها من أجل مستقبل الجميع، وعلى الرغم من كل الظروف الملتبسة في تكليفكم بتشكيل الحكومة، نبلغكم أن أدباء العراق لن يرضوا بوزير يُفرض عليهم فرضاً، فقد ولّى زمن القسر السابق، ولن يقبلوا بأقل من دورهم في قيادة وزارتهم، فاغتنم فرصة الاستشارة والسؤال، فلا مفر من قلم التاريخ الذي يخطّه الأديب حين غضبه وسخطه.
المجد لدماء الشهداء الخالدين، فطاهر نزفهم أنبل من كل الحقائب السياسية، والشفاء للجرحى، والحرية للمعتقلين، والنجاة للمختطفين، وللوطن السلام.