هو شعور لا يمكن وصوفه او اختصاره في مفردات ادبية او توصفيات لفظية عندما تشاهد هذه الجموع الجماهيرية البريئة والعفوية وهي تتسابق فيما بينها للخروج والتعبير والتغيير والتظاهر , شعور لا يمكن ان اختصره الا بالدموع والدعاء الى الله فقط بأن يحفظ المتظاهرين وينصرهم على الطغمة الظالمة , لان الكلمات سوف لا تغني وتخون ايضاً , فقد رسمت هذه التظاهرات واحدة من اعظم واقدس الحركات التحريرة من الظلم والفساد والجوع , شعور لا يقف عند الاجهاش بالبكاء وان تشاهد شعب اصبح بتنفس الحرية من جديد ويحيي في داخلك قوة الرفض وتحرير انسانيتك من العبودية والخنوع وكسر كل اسوار الرعب الذي زرع في داخل الانسان العراقي على مدى اثني عشر عام , زحفوا وتسلحوا بايمان الشعب وقدرة الجماهير الواعية المحتسبة بأن لا يغير الله ما بقوم حتى يغير ما بأنفسهم , وها هي لحظة تغيير الذات العراقية ونفض كل اشكال القمامة والاتربة التي خلفتها وزرعتها ثقافات واديولوجيات حزبية ترعرت ورضعت من ثدي العمالة والخيانة والتبعية , اقول إن الشعب الذي خرج بهذه الجموع كي يرفض كل اشكال الحيف والظلم والخنوع الذي وقع على هذا الشعب الصابر على أيدي ثلة من اللصوص والمرتزقة والجائعين للجاه والمال , لايمكن ان يقهر او يموت انه شعب من ذهب افصح وشمر عن سواعده ليكشف عن معدنه الاصيل الذي راهن الكثيرون ممن لا يعرف حقيقية هذا الشعب وتأريخه العظيم المرصع باغلى صفحات المجد بين كل شعوب شعوب المنطقة لا بل حتى العالم والامثلة كثيرة على ذلك .
اقول ان الشعب الذي تفجر غضباً اليوم واحتضن العراق بين يديه وحدقات عينيه ليغسله ويطهره من ادران الطغمة الفاسدة التي لم تجلب اليه الا الامراض المعدية والجرثومية , هذا شعب حي لا يموت حتى وأن تعرض الى عثرات بسيطة سرعان ما انتفض ووقف على قدميه . شعب حمل معه كل إرثه العظيم على كتفيه وصرخ لا لمجموعة من اللصوص ان تبقى جائمة على رقاب هذا التأريخ وهذا النضال وهذا السفر المشرف وهذا الشعب المفخرة .
اقول ونحن نتابع ونساند وندعم هذه التظاهرات نشعر اننا ولدنا من جديد وان مكان ولادتنا سيكون ساحة التحرير , وأن جيلا جديداً ولد من رحم الظلم والقهر والفقر ليشهر سيفه ويقول كلمته لا سراق في العراق .