23 ديسمبر، 2024 1:09 ص

الرأي العربي فقير وحرية التعبير مكلفة في الاقطار العربية وقد تؤدي الى الموت او السجن او الاختفاء وهذا ما حصل مع الاعلامي السعودي جلال خاشقجي الذي حاول ان يتحرر من القيود التي تكتف لسانه فوقع في فخ حبال السلطة. لا يحدث هذا مع الصحفيين السعوديين فقط وانما في اغلب الدول العربية التي تحكمها زمر الارهاب والطغاة كالعراق على سبيل المثال.
خاشقجي كاتب ومحلل في الشأن السياسي العربي وعمل في عدة مناصب صحفية وادارية اهمها كمدير مكتب لرئيس جهاز الاستخبارات السعودي في سفارة المملكة العربية السعودية في لندن وواشنطن وايضاً رئيسا لتحرير جريدة الوطن وهذا ما عزز علاقاته العربية والدولية خاصة مع اصحاب الشأن ورجالات الدولة فيذكر انه من المقربين للرئيس التركي رجب اردوغان وتربطه علاقة برجل الاعمال السعودي الوليد بن طلال.
حاول في مقالاته ان يطرح ارائه التحررية التي تنتقد سياسة الدولة القمعية التي تمارسها المملكة ضد شعبها والشعوب العربية الاخرى كاليمن, ورفع صوته اكثر بعد احداث مشروع الاصلاح الكوميدي الذي اشرع به ملك المستقبل محمد بن سلمان. ونتيجة لتلك الاراء التي طرحها خاشقجي كافأته الحكومة بقصة اختفاء لا تُعرف لحد الان خيوطها. ففي يوم الثلاثاء المصادف الثاني من شهر تشرين الاول/ اكتوبر دخل ولن يخرج خاشقجي من قنصلية المملكة السعودية في اسطنبول.
هذا ان دل على شيء فهو ان العربي محتجز حتى بمنفاه, ومقتول حتى بمهجره, ومسموم حتى لو هرب الى كوكب اخر. لا عجب من ذلك فالامثلة كثيرة, اولها ناجي العلي الذي قتلته السلطة العربية وسط لندن لجرائم قامت بها فرشات رسمه, ولا انتهي بسمير عبيد الكاتب العراقي الذي بقي معتقلا بسراديب مجهولة تسكنها الفئران والجراذان قرابة العام.
ربما يكون خاشقجي معتقلاً في القنصلية ولربما رُسل الى السعودية او لربما يكون قد قُتل. لحد الان لا احد يعرف ما الذي جرى له. بغض النظر عن شخص خاشقجي وتوجهاته, هل يحق لحكومة تدعي الاصلاح ان تعامل احد المتحررين في الاراء بهذه الطريقة المربكة؟ لا عجب في ذلك فأنها حكومة تشبه مافية العراق التي تقتل من يقول الحق دون اي خوف من قضاء او رأي عام.
اذا بقيت الحالة على ما هو عليه في الاقطار العربية من قتل وخطف ونفي للمتحررين او اصحاب الرأي فسيكون الوطن العربي حكراً لطبقتين: مافيات وذبابات, فالشعب الذي لا رأي له لا يختلف عن الذباب سوى بالطنين. السعودية اجرمت بحق الصحفيين السعوديين المتحررين وهي بهذا لا تختلف عما تقوم به عدوتها اللدود ايران ضد اصحاب الرأي والصحفيين المناهضين لولاية الفقيه.
في دول العالم المتحرر غالبا ما تكون هناك جبهتين او اكثر ويحق للكاتب او الصحفي قول ما يشاء بحق اي جبهة يُشتبه بها وتقوم الجبهة الاخرى بمساعدة السلطة بحمايته بخلاف الدول العربية التي تحكمها احزاب عديدة والتي يختلف كل حزب عن الاخر بكل شيء سوى التشابه بشيئين هما السرقات والقتل. ففي العراق تتعارك الاحزاب فيما بينها كعراك الديوك المستهترة وتتوحد خناجرها امام صحفي لا سلاح له سوى القلم لتقلته تحت شمس الضحى. فلا فرق بين تفرد حكومة ال سعود في المملكة ولا تشتت مافيات العراق فكل طرق خصامهم تؤدي الى الموت او الموت.