19 ديسمبر، 2024 12:36 ص

لا خلاص للعراق وشعبه الا بالتغيير الشامل لكل الوجوه والكتل الفاسدة

لا خلاص للعراق وشعبه الا بالتغيير الشامل لكل الوجوه والكتل الفاسدة

بعد سنين من جعل الشعب العراقي كحقل تجارب من قبل السياسيين وكتلهم السياسية ، وبعد مخاضات عسيرة لعملية سياسية عرجاء لم تنتجب سوى مؤسسات هزيلة سرعان ما نخرها الفساد وتفشى فيها الدمار , لا يزال العراقيون يلعنون تلك الساعة التي ذهبوا فيها الى صناديق الاقتراع كي يختاروا من يتحكم بمصيرهم ومصير بلدهم وثرواته وخيراته .
وتعددت الوجوه وتغيرت بعض منها ولكن لا تزال الكتل الكبيرة والحيتان السياسية تتحكم بمسيرة البلد السياسية ، وتنوعت المحاولات من هنا وهناك من اجل تغيير ما يمكن تغييره ومن اجل اصلاح ما يمكن اصلاحه ، ولكن بسبب سوء النيات وفساد الانفس وقبح الافعال لم يزداد الامر الا سوءا ولم يحصل العراقيون على شيء سوى القتل والدمار والتهجير والتطريد .
وبعد ان شعر الشعب بالمأزق الذي وضع نفسه فيه ووضعته فيه ما يسمى بالمرجعية المتمثلة بالسيستاني ومراجع النجف الاخرين بتوجيههم لانتخاب الفاسدين والسراق فضلا عما فعله السياسيون انفسهم بمقدرات العراق وثرواته ومدنه ، حيث الكل تيقن من اللعبة التي تلعبها كل من اميركا وايران من اجل تمزيق العراق وتشريد ابناءه وكل منهما يعمل على مشروع يراه البعض مستقلا او متعارضا مع المشروع الاخر لكن في حقيقة الامر ان كلا المشروعين يستهدفان الفرد العراقي وأمنه وحريته ، فاميركا تعمل بموازاة الخط الايراني في محاولة السيطرة على مناطق ومدن عراقية فهذه تعمل على المناطق الشمالية وتلك على المناطق الوسطى والجنوبية ، ولكن المشروع التوسعي الايراني يحمل في مضمونه السيطرة على كل مناطق العراق ، ولعل من الغباء ان نستبعد تورط ايران في دعم وتنشيط وتمويل اعضاء من تنظيم داعش كي يكون اداة وسببا رئيسيا لتدخلها العسكري والسياسي في العراق .ومع كل تلك التطورات وتزايد المآسي والويلات وتأزم الوضع في العراق  تم تسليم ثلث العراق لعصابات داعش بسبب لعبة وخيانة واضحة من ايادي ايران وعملائها في الحكومة العراقية مما استوجب تدخلا علنيا للقوات الايرانية متمثلة بالحرس الثوري الايراني ، فكانت فتوى الجهاد الكفائي التي اطلقها السيستاني في ذلك الوقت المنفذ الشرعي والرسمي لتواجد القوات الايرانية ، فكانت مجاميع الحشد الشعبي وسيلة جيدة لايران ان تستغلها في سبيل تحقيق المزيد من الدماء وقتل الابرياء من العراقيين وخصوصا من ابناء السنة بحجة تعاونهم مع داعش ، فكان مخططا واضحا لجعل الحشد الشعبي قوات مماثلة للحرس الثوري الايراني .واستمرت معاناة العراقيين مع وجود تلك المخططات وهؤلاء العملاء واولئك الرموز ممن يوقدون الفتنة ويؤججونها ، حتى صدر (مشروع الخلاص) الذي اطلقه سماحة المرجع الديني العراقي السيد الصرخي الحسني  حيث تضمن تشخيصا دقيقا وحلولا ناجعة للخروج من تلك الازمة التي عصفت بالعراق وشعبه ، ففي  منتصف العام الماضي اصدر المرجع الصرخي بيانا شموليا حدد فيه النقاط الرئيسية التي لابد ان يتفق عليها الجميع من اجل اخراج البلد من دوامة التقاتل والتصارع والفتن ، ولعل اهمها هو ان تتحمل الامم المتحدة ادارة شؤون العراق وابعاد اي تدخل خارجي من شأنه ان يساهم في تاجيج المواقف الصراعات ، فابعاد ايران عن اللعبة هو من اهم تلك النقاط لانه شخص الدور السلبي والاجرامي الذي تلعبه ايران في العراق، اضافة الى تشكيل حكومة خلاص وطنية خالية من كل الوجوه والكتل السياسية المتسلطة التي فشلت في ادارة شؤون البلاد والتي اوصلت العراق الى تلك الحالة المأساوية .كما اعطى السيد الصرخي النظرة السليمة في بناء منظومة عسكرية تعتمد المهنية والكفاءة والولاء للعراق في ادائها واختيار عناصرها ، وفتح الباب امام الضباط المهنيين الاكفاء للانخراط في صفوفها بعيدا عن الانتماء المذهبي والطائفي .
لقد كان ذلك المشروع بتكامل نقاطه المطروحه وبواقعية امكان تطبيقه على ارض الواقع حلا شموليا لو تم الأخذ به لما وصل العراق الى ما وصل اليه الان ، رغم ان الوقت لم يمضِ لحد الان ويمكن ان يتبناه الكثير من الوطنيين الشرفاء  من المثقفين والأكاديميين المخلصين لافتا الى امكانية الاستعانة بالمحيط العربي كالاردن ومصر والجزائر لدعم هذا المشروع وجعله حيز التنفيذ والمساهمة في انقاذ العراق  .
ومع عدم الاخذ بهذا المشروع فلايمكن ان يكون هناك خلاص ولا نجاة من كوارث الايام القادمة وخصوصا بعد معركة الموصل المحتملة التي ستفرز الألاف من المهجرين والنازحين وانهار من الدماء والتقاتل والتصارع يمتد اثره الى الجميع فلا يعتقد احد انه في مأمن من النتائج .
اما  تلك الحراكات السياسية بين تلك الكتل الفاسدة والفاشلة وتكوينها للتحالفات السياسية وعقدها المؤتمرات واللقاءات وذهاب هذا ومجيء ذاك كلها ستكون هباء في شبك لا قيمة لها والمستقبل ينذر بكارثة انسانية واقتصادية في العراق .