بسبب الظروف التي تمر بها المنطقة واحتمالات التصعيدهنا او هناك والتي انخفضت بسببها ألأسعار العالميةللنفط في الأسواق ، اخذ البعض يروج بان كارثة كبرىستقع في العراق نتيجة انخفاض إيرادات بيع النفط التيتغذي أكثر من 90% من مجمل النفقات ، وإذ نتفق مع هؤلاءفي إن اقتصادنا يمكن إن يتأثر بالأزمات كونه اقتصاداريعيا لم يعتمد الإنتاج المحلي غير النفطي لتغطية مجملالإيرادات ، إلا إن ما نود التعبير عنه إن العراق بإمكانهالصمود وتقليل أضراره خلال فترة الأزمة إن وقعت ( لاسمحالله ) ، وتلك الحقيقة نذكرها ليس لإرضاء أي من المعنيينوإنما لتقليل مخاوف الناس من بعض التحليلاتوالتصريحات التي تردد بهذا الخصوص وان ذلك ليس منفراغ وإنما يعود لعدة أسباب ، أولها إن اقتصادنا بالأساسليس مثاليا كونه يعيش بأزمة حقيقة توارثها منذ عقودوسنوات ولم تعالجها جوانب مهمة منها سوى صادراتالنفط ، فالمحاولات كلها لم تبلغ الوصول لنقطة التعادلBEP ( ( Break Even Pointالتي تعني من الناحيةالمحاسبية تساوي مجمل النفقات مع مجمل الإيرادات ،وهذه النقطة لم نصلها بدليل إن كل الموازنات الاتحاديةسواء التي غابت قبل عقود و التي أعدت وصدرت خلالالعشرين عاما مما فات تحوي عجزا مهما بين النفقات والإيرادات مما يعني إن العجز بات مدمنا والضعف فيالاقتصاد كان و لايزال موجودا حتى اليوم ، وثانيها إنالموازنة الاتحادية للسنوات 2023- 2024 – 2025 قدرتالإيرادات على أساس 70 دولار لسعر برميل النفط وان السعرالحالي بعد الانخفاض هو أعلى من السعر المخطط إذ يبلغ73 – 76 دولار للبرميل ( نفط البصرة الثقيل بسعر 71 ونفطالبصرة المتوسط هو 74 دولار ) حسب النشرات العالمية ليوم5 آب 2024 ، ويفترض بالأسعار السائدة الآن أن لا تؤثر علىوضعنا كونها أكثر من المتوقعة عند إعداد الموازنة رغم إنإسهامها في تعويض العجز المخطط اقل من الأمنيات ودونالأسعار ما سبقها من السابقة ، والسبب الثالث إن الظرفالمحمل إن تشهده المنطقة هو إقليمي وليس عالميا و لميتحول لازمة بعد و قد لا يدوم كثيرا لان هناك كثيرا منالمصالح التي ترتبط بصادرات نفط اوبك ومنها صادراتالعراق ، فاغلب الدول المستوردة للنفط ستبدأ منتصفالشهر الحالي وما يليه بتامين وتخزين حاجاتهاواحتياطياتها لموسم شتائها الذي سيبدأ عندهم بعد أسابيع، أما السبب الرابع فان بلدنا له تجارب بشان انخفاض قيمةوكمية صادرات وما يأتي منها من إيرادات حيث مر بظروفأكثر تعقيدا ( كونها عالمية ) في الأعوام 2009 إبان أزمةالاقتصاد وفي 2014 وكذلك خلال أزمة كورونا بعد 2019 ،وهي أزمات تم المرور والعبور من خلالها بعدد من الإجراءاتسواء بالاقتراض او بتقليص الإنفاق او غيرها من الإجراءاتالتي لم تشكل كارثة على البلاد .
وصحيح إن اقتصادنا يحوي هشاشة في تركيبته الهيكليةإلا إن لديه درجة من القدرة والمرونة للصمود خلال الظروفالطارئة والمحدودة دون ضرر بالغ و كبير ، فهو يمتلكاحتياطيات تتضمن الذهب والدولار كما إن هناك إمكانيةلتأجيل ما يمكن تأجيله من الإنفاقات الجارية والاستثماريةلغاية عبور الأزمة على الأقل ، وهناك عدة إجراءات يمكناتخاذها أن تتخذها الدولة بهذا الخصوص ، ومنها إيجادمعالجة حازمة للاستيراد الذي يتم خارج المنظومة الرسميةالتي أنشاها البنك المركزي العراقي والتي تؤثر بشكل كبيرعلى أسعار الصرف في السوق السوداء وتنعكس آثارهاعلى أسعار السلع والخدمات في الأسواق ومنع تدفقالدولار للخارج بالسيطرة على المنافذ التي تخرج منهاالعملات ، ناهيك عن إمكانية استقطاب العملة المحليةالموجودة خارج التداول المصرفي من خلال تحفيز حامليهاعلى توظيفها بشكل يحقق لهم إيرادات مجزية سواء منخلال تغيير سعر الفائدة وإيجاد حالة كبيرة من الاطمئنانعلى حماية ودائعهم دون ضرر صغير او كبير ، ونعتقد إنالدولة بأجهزتها المعنية وباستشارة العقول المنتجةالموجودة في البلاد قادرة على تجاوز مثل هذه الازمات مندون تعريض مواطنيها للأضرار وإزالة مخاوفهم وقلقهمبهذا الخصوص ، لا نقول ذلك بهدف إدخال ( الخدر ) والتقليل من حجم الخطر الذي قد يعيشه البلد وإنما لكيتتخذ القرارات بحكمة ومن دون الاضطرار للمس بحياةالمواطنين من محدودي ومعدومي الدخل او المعتمدين علىالأعمال في القطاع غير الحكومي ، ونشير بهذا الخصوصإن الحكومة الحالية تمتلك قدرا مقبولا من القدرة والرغبة فيإدارة شؤون العباد والبلاد بأمان وهذا ما تعمل على إثباتهبالفعل ، وهذه القدرات يمكن أن تتضاعف عندما يترك هامشااكبر لها في التدبر واتخاذ القرارات وعندما تقلصانعكاسات الظرف على العراق لأقصى ما يمكن من التأثيرات ، ولأننا جميعا نجهل تفاصيل ما ستحصل من تطورات وكمستدوم ومقدار اثارها على الاقتصاد ، فان من الحكمةاستخدام الشفافية في نقل حقيقة التوقعات والاحتمالاتعلى الناس من دون تضخيم ومبالغة وتهويل والتهديدبإتباع سياسات ( شد الأحزمة على البطون ) في غيرتوقيتها وحجمها وتأثيرها الصحيح فالتطمين الصحيح مطلوب نقول ذلك لان البعض تضرر بالفعل من سياساتمواجهات الازمات الاقتصادية السابقة ، ولا يعني ذلكإعفائنا من المسؤولية الجمعية للإسهام في المواجهة لكلالاحتمالات بهذا الخصوص ، فالأمنيات تنصب بان لا تبدأبالمس بالفئات ( الضعيفة ) تحت عنوان التقشف او غيرهامن التسميات ، وعلى العموم فان هناك حالة من التأكدواليقين بقدرة بلدنا وشعبه الأبي في تجاوز أي من الظروفو الازمات لما يمتلكه من قدرات مصحوبة بدعوات الطيبينبان يحفظ الباري عز وجل بلدنا وأهله من كل المعسرات .