كثيرًا ما يقع الآباء والأمهات، دون قصد، في فخ المقارنة بين أبنائهم:
“أخوك أنجح منك”، “أختك أهدأ”، “ليتك تشبه فلاناً”…
كلماتٌ تبدو عابرة، لكنها تنغرس في قلب الطفل كإبرةٍ خفية، تُشعره بالنقص، وتُقنعه أن القبول مشروط، وأنه مهما اجتهد فلن يبلغ رضا والديه.
ومع مرور الأيام، تتحوّل هذه المشاعر إلى شرخٍ في الثقة بالنفس، وربما إلى عداءٍ صامت تجاه الإخوة الذين يُضرب بهم المثل،
لا لأنهم أعداء، بل لأنهم صاروا معياراً يُقاس به الحب.
لكن التربية الحكيمة
لا تُقارن، بل تُقدّر.
فكل طفل عالمٌ مستقل، له ميوله، وله قدراته، والنجاح ليس صورةً واحدة، ولا تُقاس قيمة الإنسان بمسطرةٍ واحدة.
المربي الواعي لا يبحث عن نسخةٍ مكررة، بل يكتشف في كل ابنٍ نقطة ضوء،
وفي كل ابنةٍ بذرة تميّز،
ثم يُسقيها بالرعاية، ويُحيطها بالقبول،حتى تنمو كما أراد الله لها، لا كما أراد المجتمع.
وحين نتوقف عن المقارنة،
نمنح أبناءنا أماناً نفسيًا،
ونغرس فيهم شعوراً بالحب غير المشروط،
وذلك هو الأساس الذي تُبنى عليه شخصيةٌ واثقة،
قادرة على العطاء، وعلى أن تُحب نفسها كما هي، لا كما يُراد لها أن تكون.