18 نوفمبر، 2024 2:49 ص
Search
Close this search box.

لا تَعرف  ولا تَعرف إنها لا تَعرف

لا تَعرف  ولا تَعرف إنها لا تَعرف

منذ يومين دعيت  من  قبل زميل لي لحضور لورشة عمل في مجال التحليل السياسي الاستراتيجي في احد المراكز التنموية الشهيرة   ودخلت كطالب يطلب العلم من مناهله عسى ان نرتشف منه ما يكفي لسد رمق حاجتنا الى المعرفة خصوصاً في ضل الواقع الحالي الذي نعيشه الذي يتطلب اعادة النظر  يومياً بكل المعطيات وتحليلها تحليلاً دقيقاً من اجل فهم الحاضر والتكيف معه و رسم سياسات المستقبل
 قبل ان ندخل الى قاعة المحاضرة تحدث الي زميلي عن  مدى امكانية المحاضرة في الطرح والقدرة الهائلة التي يمتلكها في توظيف المعلومات لخدمة الموضوع وتحمست كثيراً لهذه المحاضرة ودخلت كمستمع جيد وبدأ الدرس الذي تمنيت انه لم يبدأ !!
بدأت السيدة المحاضرة الحاصلة على شهادات عليا من جامعات تقبع في الدرك الاسفل من ترتيب الجامعات في العالم  تشرح النظرية الكونية المؤامراتية على الوطن !!!! وكالعادة اقتبست من الجغرافيا  السخيفة للصف الثاني متوسط خرافة الموقع الجغرافي المهم للعراق وكأن الارض هي منطقة سكنية ونحن نسكن على الشارع الرئيسي التجاري !! ونسيت ان تتذكر ان امريكا القارة المعزولة في نهاية الارض اصبحت القوة الاكبر وان ليبيا التي تملك مساحة هائلة ونفط واطلالة بحرية ما زال سكانها يعيشون في عصور ماقبل التأريخ وكذلك الحال في اليمن ام المضيق والبحر والمحيط والخليج  ؟؟
واضافت  الاستاذة الجليلة  ان الثروات هي من جعلت الاطماع تتوجه نحو العراق منذ الاف السنين وهنا استوقفني سؤال هل هجم المغول على بغداد من اجل نفط البصرة ام من اجل بساتين برتقال ديالى او من اجل  مشمش كربلاء …
 واستمر التنويم المغناطيسي وبدأت عيون الطلبة تتوسع من غزارة المعلومات ونوعيتها وانا اتحسف على عقول  شابة تغسل بماء الجهل المركب لايعرفون ولا يعرفون انهم لايعرفون
واستمرت العالمة الجليلة بالطرح والشرح والسرح بالعقول وتحدثت عن الالية التي نفذت بها امريكا هجمات الحادي عشر من سبتمر على امريكا في صورة تذكرني بجريدة بابل في عام ٢٠٠١ عندما خصصت احد اعدادها لتشرح كيف ضربت امريكا نفسها لتغزو افغانستان نظراً للموقع الجغرافي الذي تتمتع به افغانستان ؟؟؟ لم ولن تنتهي خرافة الموقع الجغرافي
لم نكتف بعد من اجترار نظرية المؤامرة لنسقطها كنتيجة على واقعنا المزري لا نعترف بأننا مصدر الفشل والتخلف فمثلاً في عالم كرة القدم لا حاجة  لأن تتآمر البرازيل على منتخب النيبال وترشي الحكم لأن الذي مثل النيبال لايحتاج الى مؤامرة بل هو مهزوم اساساً وكذلك الحال بالنسبة للسياسة فالعالم لا يحتاج  الى ان يتآمر علينا فنحن لا نستحق المؤامرة لاننا لانمتلك اي ورقة قوة تهدد الاخرين  بل نحن الحلقة الأضعف في هذا العالم …
 بعد ان امتلأت القاعة بالحكايات والنظريات التي ما انزل الله بهز من سلطان طلبت الأذن من المحاضرة لاخرج استنشق الهواء بعد ان تلوثت رئتاي بنفايات وخرافات واساطير شرقية بأمتياز  فليس غريباً هذا الأمر فنحن من ارض بابل ارض السحر والخرافة ..
 نظرت الى السماء وقلت ربي ارحم هذه الاجيال من انصاف المتعلمين ربي اخسف بنا الارض ولا تخسف عقولنا بسخافات طحلبية تتقوقع فوق رؤوسنا لتتحول ادمغتنا الى بركة مياه آسنة لا تصلح لا  للشرب ولا للسباحة بل  تصلح ان تكون بيئة لنمو الحشرات والقوارض

ايها التدريسيون  ايها المحاضرون ايها الاساتذة الفاضلين انكم لا تملكون الحقيقة المطلقة  كاملة  كما لا يملكها احد فلا تدعون بذلك امام طلابكم فيدعون بدورهم امام اُسرِهم ويصبح لدينا عّالم بالحقيقة المطلقة في كل منزل .. وتتجمد ادمغة الشباب بالكتل الجليدية التي لاتذوب بسهولة ولا تقبل النقاش والرأي 
–ارائكم السياسية والمذهبية يجب ان لا تكون قناة تٓصب في عقول الطلبة  —
— ايديولجياتكم لكم وعقولنا لنا والعراق عراقنا–

أحدث المقالات