لا اظن ان احدا تفاجأ من قرار عمار الحكيم والذي فصل بموجبه الشيخ ( احمد السليطي) نائب رئيس مجلس محافظة البصرة عن كتلة المواطن نتيجة استغلال مركزه لتحقيق مآرب شخصية وأنشغاله بأموره الخاصة وتسويفه وعدم التزامه بالضوابط التي أكد ها المجلس الاعلى وفي مقدمتها التفاني في خدمة المجتمع ،وتغليب المصلحة الوطنية على المصلحة الشخصية ،وبذل الجهد للعمل المشترك مع ممثلي الكتل المشكلة للحكومة المحلية في كل محافظة.
عدم الاستغراب والمفاجأة يأتي من ثقافة المجلس وتقاليده السياسية التي عود العراقيين عليها: ففي الوقت الذي وصلت في الكتل والاحزاب حد التناحر في معركة الحصول على اكبر عدد من المقاعد كان المجلس الاعلى يتبرع بنسبة من استحقاقه لتمثيل مكون آخر داخل مجلس النواب ، ثم ليتبعها بتخليه عن منصب رئاسة الوزراء مع انه استحقاق انتخابي اعترف به الجميع ومن دون استثناء.
وفي معركة المناصب الوزارية التي تنازع القوم فيها لللأستحواذ على الوزارات السيادية ، والمراكز القيادية في الجيش والشرطة ، واجهزة المخابرات والاستخبارات والامن ومكافحة الاجرام ،ظل المجلس الاعلى بمنئى عن تلك الانانيات وغلب المصلحة الوطنية العليا ورضي واكتفى بمنصب نائب رئيس الجمهورية الذي شغله بكفاءة وجدارة وتخصص واقتدار السيد عادل عبد المهدي .
وحين اشتد الجشع بعشاق السلطة وعبيد المناصب لطلب المزيد قدم عادل عبد المهدي استقالته خوفا على العملية الديمقراطية وحرصا على استمرار الشراكة الوطنية واشباعا لنهم البعض الذين لم يكترثوا لصوت المرجعية الناصح ولم يعبهوا لردة فعل الرأي العام العراقي واستهجان العالم حتى وان وصل عدد الوزراء الى السبعين وزيرا ومثلهم نواب لرئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء!!.
ان هذه المواقف تزيد احترام وتقدير المراقبين للشأن السياسي العراقي،وتعزز قناعة الشارع العراقي بكل مستوياته وانجذابه لطروحات المجلس الاعلى ،وتؤكد التزامه امام جماهيره اولا وامام العراقيين جميعا ثانيا، بالأنصراف كليا عن المنافع الخاصة والتوجه لخدمة المشروع الوطني وترسيخ الديمقراطية في العراق .
لاشك ان ثقافة الاستقالة والاقالة ونكران الذات اسلوب حضاري وتقليد عصري ينم عن ايمان وقناعة متبنيه بقضيتة العادلة وحرصه على المشروع الوطني الهادف الى اقامة الدولة العصرية العادلة بغض النظر عن توجهات وانتماء الجهة المتصدية لأدارة وحاكمية هذه الدولة التي يتطلع اليها الشعب العراقي بكافة اطيافه بشغف ورجاء .