هو طالبي من عائلة مميزة بخلقها ودينها، كثرت شكاوى أصحابه لسوء خلقه، فاستدعيت والده وأنا أكلمه دمعت عيناه خجلاً من فعل ولده وهو يردد يا رب لقد اتعبني ولدي هذا فاصلحه لي، سالته: ما أنت فاعل؟ فكان الجواب؛ رغم الأذى والألم، كالمعتاد أنتظره وأشتاقه وأدعو له، قلت كيف مع كل هذا الألم والحرج والأذى الذي سببه لك؟ قال ويمسح عيناه يا دكتور لكنه ولدي فلذة كبيدي.. فكان جوابي الصمت، انتهى الكلام. خرج وفجأة وسط صمتي نقلني حاله بسرعة أشد من سرعة الضوء إلى السماء لأطوفها متفكراً برحمة الله.
ما أرحمك يا رب، رحمة هذا الأب جزء لا يرى ولا يحس من رحمة أنزلها الله إلى الأرض ليدخر تسعا وتسعين رحمة ليوم القيامة يرحم بها عباداً له خلقهم وإذا ما ناداهم كان النداء بصيغة التحبب (يا عبادي) ، فأخذت أردد سيرحمنا، ويغفر لنا، ويعفو عنا، ويتوب علينا، ويكرمنا، ويدخلنا جنته عرفها لنا ويدعونا للقائه ورؤياه، فإن رحمته وسعت كل شيء(رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً) وان رحمته بنا كتبها على نفسه(كَتَبَ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ۚ) ، وتوبته علينا أرادها لجلاله : (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ).
من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم؛ أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو انزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استاثرت به في علم الغيب عندك، السؤال الذي حيرني ما هي الأسماء التي استأثر الله بها في علم غيبه ولماذا لم يخبرنا عنها، فأقول متمنياً: عل من اسمائه (المُنسي)، لينسي ملائكة كراما كاتبين ذنوبنا فيسالهم اي ملائكتي اظهروا ذنوب عبدي وهو أعلم ليكون جوابهم ها يارب لا نعلم، ولعل من اسمائه الماحي فتعرض صحائفنا فنجد الممحات الإلهية محت ومسحت كل ذنوبها، ولعل من أسمائه اسم يفوق الرحمة ولا تحتويه أو تستوعبه معاجمنا اللغوية الدنيوية، فيكشفه الله لنا ليكون أثره يتناسب مع عظمة ذلك اليوم.
يارب نحسن ظننا بك أن رحمتك أكبر بكثير من رحمة هذا الأب بولده المقصر، فارحمنا يا من رحمتك وسعت كل شيء.