18 ديسمبر، 2024 4:02 م

لا تقوم الوحدة الإسلامية الحقيقية إلا بمعرفة مصاب الزهراء عليها السلام

لا تقوم الوحدة الإسلامية الحقيقية إلا بمعرفة مصاب الزهراء عليها السلام

مصاب الزهراء عليها السلام لم يكن حدثاً تاريخياً عابراً يمكن أن ننساه أو نتغافله أو نغض الطرف عنه أي لم يكن حدثاً تاريخياً صرفاً تتعلق أحداثه وأثاره الجانبية بالماضي فقط وليس له إسقاطات على الماضي والحاضر والمستقبل .
بل مصاب الصديقة الكبرى عليها السلام حدثاً تاريخياً أنطلق في الأسبوع الأول من استشهاد الرسول (صلى الله عليه واله) وأستمر في المسير والانتشار عرضاً وطولاً عبر الزمان ولا يتوقف إلا في ساحة المحشر يوم القيامة ، لأنه حدثاً يرتبط بحياتنا الإنسانية والدينية والاجتماعية والأخلاقية بل هو حدثاً يرتبط بمصدر الحياة ولولا هذا المصاب لما عُبِدَ الله حق عبوديته ، لأن هذا المصاب يرتبط ارتباطاً مباشراً بعلية الخلق وهو عبادة الله سبحانه وتعالى حيث يقول العلي القدير في محكم كتابه ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون )… (1) ولم يترك امر العبودية مبهماً للعباد بل بيّنه وأظهره من خلال إرسال الرسل والأنبياء (صلوات الله عليهم أجمعين) المحملين بالشرائع السماوية حيث قال الله سبحانه وتعالى ( إن الدين عند الله الإسلام)… (2) وحتى هذا الدين أطَّره بشروط لكي يسهل على الإنسان إتباعه ولا تختلط عليه السبل فيضل عن طريق الحق فقد قال الله سبحانه وتعالى ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)… (3) اي لا يقبل الله سبحانه وتعالى التعبد بدين الإسلام إلا بولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، وأهم وأقوى حدث يوصلنا الى ولاية أمير المؤمنين عليه السلام هو مصاب الصديقة الكبرى فاطمة عليها السلام وهذا المصاب أظهر بطلان ولاية كل من تقمص الخلافة لهذا فأن مصاب الزهراء عليها السلام يرتبط إرتباطأً مباشراً ووثيقاً بعلية الخلق وعبادة الله سبحانه وتعالى مستمرة ولا تتوقف من خلق آدم عليه السلام الى قيام الساعة ، فهل يمكن لنا أن نتغافل أو نخفي أو نوقف عبادة الله سبحانه وتعالى فإذا قدرنا على ذلك ؟؟؟ حينها نقدر أن نوقف أو نخفي الأدلة والحوادث المرتبطة بها وهذا محال لأن عبادة الله سبحانه وتعالى علة الخلق فكيف لنا ونحن الخلق أن نعترض على علة وجودنا ؟؟؟.

لهذا نلاحظ أن رسول الله (صلى الله عليه واله) قد أحاط السيدة الصديقة الكبرى فاطمة عليها السلام بأحاديث أظهرت مكانتها المقدسة ومخاطر كل من يحاول انتهاك هذه القدسية ، فإذا أخفينا أو تغافلنا عن مصيبة الزهراء عليها السلام فماذا نستفاد من اثار الأحاديث النبوية الشريفة التي تظهر مكانتها المقدسة كأحاديث (فاطمة بضعةٌ مني فمن أغضبها أغضبني ) (4) ( أن ألله سبحانه وتعالى ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها)……(5) (إنما فاطمة بضعةٌ مني يؤذيني ما أذاها )……..(6) , وعن مجاهد أنه قال خرج النبي (ص) وهو أخذ بيد فاطمة ,فقال : (من عرف هذه فقد عرفها , ومن لم يعرفها فهي فاطمة بنت محمد , وهي بضعة مني وهي قلبي , وهي روحي التي بين جنبي , من أذاها فقد أذاني , ومن أذاني فقد أذى ألله )…… (7) ، وأكثر المعترضين على إظهار مصاب الزهراء عليها السلام هم دعاة الوحدة الإسلامية اليوم ؟؟؟، وهذه الوحدة لم يُنادى بها إلا بالالتفاف حول ولاية أمير المؤمنين عليه السلام وأهم حدث يظهر الولاية هو مصيبة الزهراء عليها السلام أي مصاب الصديقة الكبرى عليها لسلام من صميم الوحدة الإسلامية التي أرادها الله سبحانه وتعالى لنا لا الخلق التي يريدها ؟؟ قال الله سبحانه وتعالى ( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) (8) قال رسول الله (صلى الله عليه واله ) (كأني دعيت فأجبت وإني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله وعترتي أهل بيتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض)(9) وقال رسول الله (صلى الله عليه واله)( كأني قد دعيت فأجبت ، أني قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله وعترتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، ثم قال إن الله عز وجل مولاي وأنا مولى كل مؤمن ، ثم أخذ بيد علي رضي الله عنه فقال : من كنت مولاه فهذا فهذا وليه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه )( 10) ، ورسول الله (صلى الله عليه واله) أعلم الخلق بأهمية الوحدة والاجتماع اللذان ينتجان السعادة للبشر والسعادة هي المصداق الحقيقي لتطبيق الشريعة الإسلامية ولكن أي وحدة وأي اجتماع ؟؟ الوحدة التي أرادها الله سبحانه وتعالى التي تتمسك بالقرآن و بولاية أمير المؤمنين والأئمة من ذريته سلام الله عليهم اجمعين ، ورسول الله (صلى الله عليه واله) يعلم بما يجري على سيدة نساء العالمين عليها السلام من مصائب ورزايا وانتهاك حرمة ، ويعلم أن القوم أصحاب الصحيفة سيهجمون على بيتها ويكسرون ضلعها ويسقطون جنينها ، ويعلم أن ابا بكر وعمر وأتباعهم سوف ينقلبون على الخليفة الشرعي ويسيطرون على الحكم ، رسول الله (صلى الله عليه واله) يعلم بكل هذا وقد أخبر عنه فمن يريد أن يَطَّلع هذه كتب المسلمين تعج بمثل هذه الأخبار على الرغم من أن أتباع القوم قد كتبوا التاريخ لأن صاحب الحكم هو الذي يكتب التاريخ ولكن شاءت قدرة الله سبحانه وتعالى أن تكتب أيديهم هذه الأخبار على الرغم من خطورتها وأهميتها ولكن هو القادر على كل شيء وهو الذي يحفظ الدين وأهله ، فإذا كان رسول الله (صلى الله عليه واله) يعلم بكل ما يجري على أهل بيته وهو الذي أحاطهم بسور عظيم من الأحاديث النبوية الشريفة التي تبين مكانتهم وقدسيتهم وحرمتهم وهو لا ينطق عن الهوى قال الله سبحانه وتعالى ( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يوحى) (11) ومن ينتهك هذه الحرمة والقدسية والمكانة سوف تطبق عليه تلك الأحاديث كائناً من كان ، حتى يحذر الأمة من إتباعهم والإقتداء بهم وانتهاج طريقهم لأنهم من المغضوب عليهم وممن أذو رسول الله (صلى الله عليه واله) وممن حاربوا رسول الله (صلى الله عليه واله) ويقول الله سبحانه وتعالى (والذين يؤذون رسول ألله لهم عذاب أليم )….. (12),( إن الذين يؤذون ألله ورسوله لعنهم ألله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذاباً مُهينا )….. (13) , ( ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى )…… (14) ، وهؤلاء يجمعون الأمة على الضلال ويبعدون الناس عن الاعتصام بالثقلين كتاب الله وأهل البيت عليهم السلام ومن ثم الابتعاد عن تعاليم الله سبحانه وتعالى ، فإذا كانت هذه الأحاديث النبوية الشريفة التي تبين مكانة الزهراء عليها السلام وقدسيتها وحرمتها تبعد المسلمين عن الوحدة والاجتماع (كما يدعي دعاة الوحدة اليوم) كان أجدر برسول الله (صلى الله عليه واله) أن لا يقولها ؟؟؟؟ خوفاً على الوحدة والاجتماع ؟؟؟ ولكن أمرنا الله سبحانه وتعالى أن نتبع الرسول (صلى الله عليه واله) ولا نخالف أوامره ونواهيه قال الله سبحانه وتعالى ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) ( 15 ) وقال سبحانه وتعالى (قل إن كنتم تحبون الله فأتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم) (16 ) وقد بيّن رسول الله (صلى الله عليه واله) حقيقة الوحدة التي ترشدنا الى طريق الهدى و الجنان وهو التمسك بالثقلين لا وحدة اليوم التي تدفعنا الى ترك التمسك بكتاب الله وأهل بيته سلام الله عليهم ، فمن الصعب إظهار حقيقة هؤلاء القوم الذين كسروا ضلع الزهراء عليها السلام ودفع المسلمين الى الاعتصام بحبل الله سبحانه وتعالى إلا بتعظيم وإظهار مصاب الزهراء عليها السلام ، فمن خلال هذا المصاب ومن خلال مكانة الصديقة الكبرى عليها السلام وقدسيتها فأن المسلمين سوف تتضح لهم حقيقة ممن حرق وهجم على بيت الوحي والرسالة ولطم سيدة نساء العالمين وكسر ضلعها وأسقط جنينها المحسن عليه السلام وأغتصب حقها في فدك و منع إرثها وتسبب في استشهادها ، لهذا فمن يريد الوحدة التي أرادها الله سبحانه وتعالى فعليه تعظيم مصاب الزهراء عليها السلام لأنه أسهل الطرق التي توصلنا الى الوحدة الإسلامية الحقيقية التي أرادها الله سبحانه وتعالى وهي التمسك بالقرآن وأهل البيت عليهم السلام .

(1) سورة الذاريات آية56(2) سورة آل عمران آية 19(3) سورة المائدة آية 3(4) صحيح البخاري – البخاري ج5ص26(5) كنز العمال – المتقي الهندي ج12ص111، وبتغير بسيط ذكره صاحب مجمع الزوائد – الهيثمي ج9ص203(6) صحيح مسلم – مسلم ج7ص14(7) نور الأبصار- الشبلنجي ص52(8) سورة آل عمران آية 103(9) الخصائص- النسائي ص150(10) المستدرك – الحاكم النيسابوري ج3ص109(11) سورة النجم آية 103(12) سورة التوبة آية 61(13) سورة الأحزاب آية 57(14) سورة طه آية 81(15) سورة الحشر آية 7(16) سورة آل عمران آية 31

..