ورثة حكومة الدكتور حيدر ألعبادي من سابقتها التي كان يرأسها نوري المالكي تركة ثقيلة في الجوانب السياسية والأمنية والاقتصادية وصلت حد العجز والانهيار.
واول هذه التركات التي ورثتها حكومة العبادي هي تركة تراجع أسعار النفط بشكل خيالي لم يكن يخطر ببال اي متتبع او بحار”نسبة الى سماسرة بيع النفط المهرب”،أدى الى إرباك الحسابات والى إعادة التفكير في الأولويات .
ولم يكن تراجع أسعار النفط هو التحدي الأهم الذي واجه حكومة السيد ألعبادي انما استمرار المعارك مع العصابات الإرهابية التي يقودها تنظيم داعش الإجرامي ،لان هذه المعارك تحتاج الى التمويل وليس اي تمويل.. كيف اذا والحال مع هذا التراجع ومع ضرورة توفير النفقات التشغيلية .
لم ننتهي بعد ولم تنته التحديات التي تواجه حكومة السيد ألعبادي فيمكن ان يضاف لها ما ورثته هذه الحكومة من خواء خزينة العراق لعام 2014 بسبب عدم إقرارها من قبل الحكومة والبرلمان السابق وبالتالي اختفت عشرات المليارات في ادراج رئاسة الوزراء وفي نفقات ليس لها اثر على الأرض قبل ان تنتهي السنة بأربعة أشهر .
لا باس اسمحوا لي ان أضيف تحديا اخر وان أكثرت عليكم بالتحديات هذا اليوم وهو تحدي الفساد المالي والإداري الذي نخر جسد الدولة العراقية المتهالكة وأطاح بكل كبريائها وقوتها وجعلها أضحوكة بيد المرتشين والفاسدين والمتاجرين بالدماء البريئة وبالفضائيين.
هذه التحديات مجتمعة مع غيرها مما لم اذكره في موضوعي فرض على الحكومة الجديدة حالة من الضغط المتواصل من اجل التوفيق بين النفقات وبين المدخرات بهدف الوصول الى حالة مقاربة من السلامة السياسية والاقتصادية وعدم اتخاذ إجراءات تقشفية حادة من شانها ان تتسبب بحالات من الغضب العارم لا سامح الله.
ورغم ان الحكومة العراقية السابقة كان بإمكانها تجنب هذه الهزة الاقتصادية العنيفة لو ان حكومة السيد المالكي غفر الله لها أخذت بأسباب الاحتياط واستفادة من موارد العراق النفطية وغير النفطية والسياحية والزراعية وادخرتها لمن سياتي بعدها، لكنها ذهبت وأخذت كل شيء معها.
ان ما وقع على حكومة ألعبادي من تركة ثقيلة توجب عليه اتخاذ إجراءات صارمة في الجوانب الاقتصادية والمادية من اجل ألامساك بعضد الدولة واستمراريتها،وهذه الاستمرارية تدعوها لاتباع سياسة تقشفية قائمة على فرض الضرائب على السلع الكمالية والمنزلية والسيارات وقائمة على رفع أسعار المشتقات النفطية وتقليل النفقات الاستثمارية وتخليص الدولة من الترهل وتقييد الايفادات وتقليل الحمايات وتخفيض رواتب الرئاسات الثلاثة والدرجات الخاصة وأعضاء مجلس النواب والوزراء والاستمرار بكشف الفضائيين والفاسدين والمرتشين وهي كلها إجراءات فيها وجهة نظر.
اليوم السيد الحكيم عمار استبق الأحداث واطلق رسالة واضحة تحذر من شمول الموظفين والمتقاعدين باجراءات الدولة التقشفية التي تنوي اتخاذها والتي لم تعلن عنها بعد،معتبرا رواتب هذه الشرائح خط احمر لا يجوز التقرب منه لان هذه الشرائح ستكون تحت تاثير هذه الإجراءات بصورة مباشرة وبالتالي فان تقليل رواتبهم سيسبب لهم ضغوط مضاعفة يصعب التخلص منها او تجاوزها.
ان على الحكومة العراقية ان تتعامل مع الازمة الاقتصادية بطريقة شفافة وواقعية وان تستفاد من تجارب الدول المماثلة من اجل ابعاد تبعاتها وأثارها المباشرة عن ابناء الشعب العراقي الذي لم يعد بإمكانه تحمل صدمات سياسية واقتصادية جديدة،ومن المهم ان تعرف حكومتنا الموقرة ان هذه الازمة الاقتصادية ستكون فرصة جيدة لإظهار معدنها ومدى قدرتها ومهارتها في قراءتها للواقع وانتمائها لهذا الشعب وعبورها لهذه الأزمة بأمان وسلام .