قصة الصمود التي روتها لنا، ناحية امرلي، المحاصرة منذ أكثر من شهرين، على يد عصابات “داعش”. هي نفسها تتكلم، عن معادلة خطيرة، قلبت موازين عدة. العراق ما بعد الموصل، والعراق ما بعد امرلي.
منذ العاشر من حزيران الماضي، وفقدان الموصل، من السيطرة العراقية، تأججت الأوضاع وازدادت الاتهامات للبعض. وأصبحت الدولة العراقية، على حافة الانهيار، والتشكيك في جميع الشركاء والمكونات، حتى وصل الحال، إلى ترويج مشروع الأقلمة والدويلات.
ما بعد امرلي انتهت القصة الآن، فحكايات إبطالها، قد ثبتت ان سقوط المدن بأيدي الإرهاب، لم يكن إلا بأيادي داخلية. تمهد الطريق لـ”داعش” ومن ثم تعيش دور الضحية.
ماذا لو سلمت آمرلي مفاتيح المدينة؟ والانخراط في المنهج التكفيري للجماعات الإرهابية. لكن الشعور بالوطنية، والانتماء إلى الأرض، وعشق التاريخ والحضارة، صنع درعا منيعا لهم.
من قاتل في آمرلي؟ ما تحتويه هذه المدنية، هو خليط من المذهبية والقومية. هل قاتل التركمان لأنهم تركمان؟! أم أنهم شيعة أقلية، بالنسبة لمناطقهم وتقسيمها الديموغرافي؟ حصار آمرلي الذي غُيب عن الأنظار الدولية و الإقليمية، ما سببه؟
حتى لا يكون الحديث طائفيا.
ما بعد آمرلي المرحلة أصعب بكثير، فالقوات الأمنية والحشد الشعبي، لم يجد أمامهم “تركمان- شيعة”، يؤازروهم في التحرير، في المناطق المزمع دخولها. ولن يجدوا دعما لوجيستيا، يقدم من سكان المناطق الأخرى، رغم سلوكيات”داعش” في مناطقهم، إلا أنهم اختلفوا في الطريقة وليس المنهج، لا نتناسى ان كبار الضباط والبعث، السابقين، وفلول من الجيش النقشبندي قد ساهم في إسقاط الموصل.
كان من المؤمل ان يتقاسموا حلاوة النصر، فيما بينهم، لكن سرعان ما أنكرت”داعش” معاونيها، في إعلان “الخلافة الإسلامية” في الموصل. ولذا سكان المناطق، والمسلحين المسيطرين عليها، رغم الاختلاف فيما بينهم، لكن لا يحببون دخول الجيش العراقي، و”المليشيات الشيعية” على حد تعبيرهم، ولذلك لم تجدون أمامكم آمرلي جديدة.